أصبح عالم السيارات مضطرا لمواجهة أسئلة جديدة تتعلق بالسلامة بعد تعرض السائق.... الفرنسي جولي بيانكي لإصابات بالغة في الرأس خلال حادث تصادم بسباق الجائزة الكبرى الياباني أمس الأحد. وانتقد العديد من السائقين وممثلي الفرق القرارات التي اتخذت في سباق الأمس الذي جرى تحت الأمطار الغزيرة مع نزول سيارة الأمان إلى المضمار في بداية السباق. وكان البرازيلي فيليبي ماسا سائق فريق ويليامز صاحب أكثر الانتقادات صراحة حيث أكد أن السباق انطلق بعد موعده بكثير وتم إنهاؤه بعد موعده بكثير نظرا لتدهور الأحوال الجوية. وكانت الرؤية سيئة للغاية عندما وقع حادث تصادم بيانكي سائق فريق ماروسيا ، فلم يقتصر الأمر على الأمطار الغزيرة وحسب بل كان ضوء النهار في طريقه إلى الزوال مع اقتراب هبوط الليل. وأكد روب سميدلي مهندس فريق ويليامز أن أجواء سباق سوزوكا كانت الأجواء الأكثر ظلاما التي شهدها طوال 15 عاما له بسباقات فورمولا -1 . ولم تكن الظروف الجوية السيئة للسباق مفاجأة بالنسبة لأي من المشاركين فيه. فقد توقعت الأرصاد الجوية بالفعل سقوط الأمطار الغزيرة مع اقتراب إعصار "فانفون" من اليابان ، وكانت هناك اقتراحات بتقديم موعد السباق إلى يوم السبت. ومع اقتراب الغسق في الخامسة ونصف مساء وانطلاق السباق في الثالثة مساء ، فقد كان الإطار الزمني لسباق يتوقع أن يشهد بعض المقاطعات بسبب الأمطار ضيقا للغاية. وقال بطل العالم السابق نيكي لاودا ، رئيس المجلس الاستشاري لفريق مرسيدس والمعلق الرياضي بقناة "آر تي إل" التليفزيونية الألمانية : "كان يمكن تبكير موعد انطلاق السباق ، لا جدال في ذلك". ولكن ترددت أنباء عن أن الاتحاد الدولي لسباقات السيارات (فيا) لم يتمكن من التوصل لاتفاق مع منظمي السباق الياباني. كما تردد أن شركة "هوندا" المالكة لحلبة سوزوكا كانت ضد انطلاق السباق قبل موعده التقليدي لأن الجماهير كانت ستواجه صعوبة في الوصول إلى الحلبة التي تبعد عن العاصمة طوكيو بنحو ثلاث ساعات. ورغم أن السباق تأثر بهطول الأمطار وجاءت بدايته بنزول سيارة الأمان ، فقد ناقش السائقون مشكلة الأجواء السيئة للسباق بدون تشدد قبل حادث بيانكي. ولكن اقتراب الليل كان سيزيد من ظروف التسابق صعوبة وسيصعب من رؤية بقع المياه على المضمار. وبالفعل انزلقت سيارة السائق أدريان سوتيل على المضمار في المنعطف السابع باللفة 42 من السباق بسبب المياه ، ونزلت سيارة ونش إلى المضمار لرفع سيارة سوتيل عندما تعرض بيانكي للموقف نفسه وانزلقت سيارته في المكان نفسه لتصطدم بسيارة الونش. وأعلن فيا أن بيانكي خضع لعملية جراحية بعد تعرضة لإصابات "بالغة" في الرأس ونقل بعدها إلى وحدة العناية المركزة. وساهم تطوير إجراءات الأمان والسلامة في سباقات فورمولا -1 إلى عدم ظهور حوادث قاتلة منذ عام 1994 عندما قتل السائقان أريتون سينا ورونالد راتزينبيرجر في سباق جائزة سان مارينو الكبرى بإيمولا. ولكن رغم التطورات الهائلة على مستوى الأمان في كل من سيارات فورمولا -1 وحلبات السباقات ، فأحيانا يمكن للظروف أن تتسبب في حوادث تهدد الحياة. ففي عام 2009 ، تعرض ماسا عندما كان سائقا بفريق فيراري للإصابة بكسر في الجمجمة خلال التجربة الرسمية لسباق الجائزة الكبرى المجري عندما انطلق مسمار من أحد إطارات سيارة فريق براون التي كان يقودها البرازيلي روبنز باريكيللو ليضرب ماسا في رأسه. ووقعت العديد من حوادث التصادم المذهلة منذ ذلك الوقت لم تشهد تعرض أي من السائقين للأذى. وكتبت صحيفة "تليغراف" البريطانية اليوم الاثنين تقول : "لقد جاء حادث تصادم جولي بيانكي في سباق الجائزة الكبرى الياباني ليذكرنا بأن سباقات فورمولا -1 هي رياضة خطيرة بطبيعتها". وسيكون على العديد من المعلقين الرياضيين أن يتساءلوا ما إذا كان من المفروض أن تنزل سيارة الونش بالقرب من المضمار حيث توجد السيارات المتسابقة ، وما إذا كان يجب نزول سيارة الأمان بمجرد وقوع حادث سوتيل. وما إذا كان هذا السباق كان يجب أن يبدأ في وقت مبكر في ضوء توقعات الأرصاد الجوية وحلول الليل مبكرا في سوزوكا. وكتبت "تليغراف" : يجب تعلم الدروس من هذا الحادث ، ولن يكون هذا كافيا بالنسبة لفيا للتكفير عما حدث". واتفقت صحيفة "غارديان" البريطانية مع مواطنتها تليغراف من حيث أنه بعد حادث بيانكي "أصبحت بطولة فورمولا -1 تعي الآن أنها بحاجة للدخول في فترة طويلة من الفحص الذاتي الجاد". وقال ماسا : "إنني أرى أنهم بدأوا السباق متأخرا لأنه في البداية لم تكن القيادة ممكنة من الأساس". وأضاف : "وقد أنهوا السباق متأخرا . كنت أصرخ بالفعل على جهاز اللاسلكي بالسيارة قبل خمس لفات من دخول سيارة الأمان بأن المياه تغمر المضمار تماما. ولكنهم استغرقوا وقتا طويلا في اتخاذ القرار ، كنا نرى بالفعل أن الوضع خطير وقد رأينا حادث تصادم أمامنا". وألقى حادث بيانكي بظلاله على فوز البريطاني لويس هاميلتون بسباق اليابان ، حيث أعلن سائق فريق مرسيدس فائزا بعد توقف السباق. وكان هاميلتون تجاوز زميله الألماني في مرسيدس نيكو روزبرغ ، صاحب مركز الانطلاق الأول أمس ، في اللفة 29 ليحرز اللقب. وحل روزبرج في المركز الثاني وتلاه بطل العالم الألماني سيباستيان فيتيل سائق فريق ريد بول ثالثا. وعزز هاميلتون تصدره للترتيب العام للسائقين بهذا الموسم بعد لقب سوزوكا حيث وسع الفارق الذي يفصله عن روزبرج ، أقرب ملاحقيه ، إلى عشر نقاط برصيد 266 نقطة مقابل 256 نقطة للسائق الألماني. وكان هذا اللقب الثامن لهاميلتون بهذا الموسم الذي لم يعد يتبقى منه سوى أربعة سباقات. ولن تتمكن بطولة العالم لسباقات فورمولا -1 من إلتقاط أنفاسها في الوقت الراهن مع استعداد الفرق للتوجه إلى روسيا على الفور للمشاركة في سباق الجائزة الكبرى الروسي الأول في منتجع سوتشي يوم الأحد المقبل.