عاشت جميع الحروب وتتمتع بصحة جيدة تعتبر السيدة ترفة مسعودة، البالغة من العمر 117 سنة، وهي تعد بذلك أكبر معمرة في الجزائر، حيث ولدت حسب ما هو مدوّن في شهادة ميلادها يوم 15جويلية 1898، وهي من بين النساء اللواتي عشن جميع الحروب التي شهدها العالم خلال القرن الماضي، ابتداء بالحربين العالميتين الأولى والثانية والثورة الجزائرية، والأزمة الاقتصادية العالمية سنة 1929 ونكسة ال48 وفرحة الاستقلال... وتحتفل "ترفة مسعودة" بعد يومين بالذكرى 60 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة، وهي ما تزال تتقصى منحة 3000 دج، عاشت مختلف أوقات الرخاء والشدة ورغم ثقل السنين، إلا أنها ما تزال بصحة جيدة رغم سنها المتقدمة. تزوجت الجدة مسعودة مرة واحدة في حياتها، ولديها 5 أبناء و385 حفيد وحفيدة، ومازالت ذاكرتها زاخرة بعبق الماضي وتفاصيله وتختزن فيها العديد من المحطات التاريخيةالتي عرفتها الجزائر والعالم. لم تنل السنين من ذاكرتها القوية شيئا، ولمتعرف أمراض الشيخوخة لجسدها طريقا، فرغم أنعمرها يتعدى قرنا و17 سنة، لازالت المعمرة ترفةمسعودة محتفظة بذاكرة قوية لا تعكس سنهاالذي سيدرك يوم 15جويلية القادم 118 سنةبالتمام والكمال. حديثها لا يوحي لسامعه أنه في حضرة أكبر معمرةفي الجزائر، ولربما في العالم بأسره، وتقول إنهامنذ الصغر لم تعرف طبيبا أو أدوية، وهي متعوّدةعلى تناول خبز القمح الصلب أو الشعير إلى جانبتناولها الكثير من زيت الزيتون والسمن والعسل، كما تحب الحركة والعمل. المعمرة الجزائرية التي تم تكريمها بمقر ولاية البويرة بمناسبة اليوم العالمي للمسنين قدتكون الأكبر في العالم، ذاكرتها القوية التي لا تكاد تغفل عن أدق تفاصيل حياتها وعنحقب تاريخية متفرقة عاشتها "النا مسعودة" بدءا من طفولتها وشبابها وزواجها وترحالها،بعد وفاة زوجها المرحوم قرفوف حمو وعمرها لا يتعدى 40 سنة وراء لقمة العيشلأبنائها. صداقاتها وطفولتها ترويها كما لو عاشتها منذ حين، نجاحها في التغلب على الظروفالطبيعية الصعبة والعديد من الأسرار والخبايا المشوقة كشفتها لنا خلال حديثها معنا لمازرناه في بيتها العائلي الواقع بقرية بروضة ببلدية أهل القصر بالبويرة، حيث مكثنا عدةساعات مع معمرة الجزائر في رحلة زمنية ومكانية رائعة، حيث روت لنا بحضور الكثير منأحفادها حكايتها مع الحياة تراوحت بين الأفراح والأقراح ولو أنها كما روتها لنا اقترنت فيبداية حياتها بتعاقب الأحزان بفقدانها لشريك حياتها وتكبدّت لوحدها قساوة الحياة فيظرف اتسم بقلة ذات اليد، الأمر الذي اضطرها الاعتماد على نفسها في سن مبكرة،حيث كانت تشتغل لدى العائلات بالقرية كخادمة لسد لقمة العيش لأبنائها. وخلال حديثنا معها حول الفوارق بين الزمنالماضي والواقع الحاضر بدت حكمة معمرة الجزائرمن خلال عدم مقارنتها بين الأجيال الماضيةوالأجيال الحاضرة، معتبرة أن لكل حقبة تاريخيةظروفها ولكل مرحلة متطلباتها ولكل جيلطقوسه، أما عن سر بلوغها هذا السن المتقدمدون أن ينال منها الزمن، وهي التي لم تطأقدماها مستشفى فحدثتنا النا مسعودة أنطعامها مكوّن من الشعير والقمح والخضر وزيتالزيتون وأطعمة بيولوجية بالأساس لا مكوناتكيميائية فيها، كما تتجنب كل الأطعمة التي تقلقراحتها، وبالرغم من أنها فقدت بصرها منذ قرابة 3 سنوات، إلا أنها تتحسس كل ما هوموجود من حولها، ولم ينقص البصر من قوة بصيرتها شيئا ولا استطاع طول العمر أنيفقدها حاستها كأم وجدة يوحي لها حنانها المتدفق بالخطر المحيط بكل فرد من الأسرةالمنحدرة من صلبها.