تحولت العطلة العائلية في جبال الألب الفرنسية للاستمتاع بالتزلج إلى كارثة مأساوية بالنسبة للسائق الألماني المخضرم مايكل شوماخر بطل العالم السابق لسباقات سيارات "فورمولا-1"... بعد أن اعترضته كتلة صخرية ضخمة أثناء ممارسته رياضته المفضلة "التزلج على الجليد" كادت تودي بحياته في حادث ألقى بظلاله على بلاده، وحمل أسطورة "فورمولا-1" على دخول معترك تحد جديد منذ ما يقرب من عام. ولم يكن أحد يتخيل أن ينتهي المطاف بالسائق الأشهر في العالم والذي قضى حياته بأكملها في تحدي المخاطر في سباقات فورمولا -1 بسرعات تجاوزت 300 كيلو متر في الساعة، على سرير بأحد المستشفيات بسبب حادث تزلج. وكان شوماخر دائما ما يشارك أفراد عائلته في ممارسة رياضة التزلج، إلا أنه عندما قرر الخروج عن المضمار المحدد أثناء تزلجه بصحبة أحد أبنائه في منتجع ميريبيل الفرنسي في 29 ديسمبر الماضي كاد أن يفقد حياته بشكل درامي. واصطدم شوماخر آنذاك بإحدى الكتل الصخرية أثناء تزلجه، حيث ارتطم رأسه بقوة بتلك الصخرة، إلا أن الخوذة التي كان يرتديها والتي انفلقت لنصفين إثر الارتطام المروع حالت دون موته في الحال، وأبقته يصارع البقاء منذ ذلك الحين ولمدة أشهر طويلة. ونقل أسطورة "فورمولا-1" بواسطة طائرة مروحية "هليكوبتر" من مكان الحادث إلى أحد المستشفيات الجامعية بمدينة غرونوبل الفرنسية، حيث خضع لعمليتين جراحيتين بشكل طارئ دفعتا الأطباء إلى إدخاله في غيبوبة اصطناعية. وأصاب خبر الحادث الذي تعرض له شوماخر العالم بصدمة كبيرة قبل ساعات قليلة من بداية العام الجديد، كما انهمر سيل من رسائل الدعم والمساندة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال شتيفان زايبرت المتحدث باسم الحكومة الألمانية: "المستشارة أنجيلا ميركيل وأعضاء الحكومة يشعرون بصدمة كبيرة مثل الملايين من الشعب الألماني بسبب الحادث الذي تعرض له مايكل شوماخر". ومن جانبه قال السائق سيباستيان فيتيل عن صديقه ومثله الأعلى: "سنصلي وندعو وننتظر حدوث المعجزة". ورغم الجدل الذي أثير حول الأسباب الحقيقية للحادث، أكد القضاء الفرنسي أن شوماخر كان يتزلج بسرعة معقولة، إلا أنه قرر بمحض إرادته الخروج عن المضمار. وقررت عائلة شوماخر الانزواء عن الأضواء وصب تركيزها على متابعة وضعه الصحي، حيث كانت سابيني كيم مديرة أعماله هي مصدر المعلومات الوحيد عن حالته. وبدأ الصحفيون منذ ذلك الحين في التكالب على أبواب المستشفى، حتى إن أحدهم نجح في خداع طاقمها الأمني والتسلل إلى مكان إقامة شوماخر متنكرا في زي أحد القساوسة. ومع مرور الأيام، أخذت وطأة وسائل الإعلام في التثاقل شيئا فشيء على كاهل أسرة شوماخر، مما دفع زوجته إلى مطالبتهم بأن يبتعدوا عن عائلتها وعن الأطباء أيضا بهدوء. وانتظر الرياضيون في العالم أجمع حتى منتصف جويلية الماضي لسماع الخبر الذي كانت مسامعهم ترنو إليه: "مايكل ترك مستشفى غرونوبل ليبدأ مرحلة طويلة من التعافي بعد أن أفاق من غيبوبته". ونقل السائق الأسطوري/45 عاما/ الذي ابتعد عن مضامير السباقات منذ عام 2012 بعد رحيله عن فرنسا إلى مستشفى لوزان بسويسرا، قبل أن ينتقل إلى بيته بمدينة جلاند على أطراف بحيرة ليمان. وقالت كيم آنذاك: "الآن سيبدأ مرحلة من العلاج قد تتطلب وقتا طويلا .. لقد أظهر تقدما كبيرا في الأشهر القليلة الماضية لكن لا يزال أمامه طريقا طويلا وصعبا". وسيكمل شوماخر، بطل العالم لسباقات السيارات "فورمولا-1" لسبع مرات محققا 91 لقبا بالسباقات بالإضافة إلى احتلاله المركز الأول في مراكز انطلاق السباقات 68 مرة في الفترة ما بين عامي 1991 و2006-، عامه ال 46 في الثالث من جانفي المقبل قعيدا على كرسي متحرك معانيا من مشاكل بالذاكرة وفاقدا القدرة على النطق، طبقا لما رواه السائق الفرنسي السابق فليب ستريف الذي زاره بمنزله. واحتفالا بعيد ميلاد شوماخر المقبل، سيقوم الموسيقار الألماني ساشا هيرشينباخ بأداء الأغنية التي كتبت خصيصا للسائق العالمي الشهير تحت عنوان "خلق ليقاتل" بأحد المطاعم الواقعة بمدينة كيربن مسقط رأس شوماخر في ولاية الراين وشمال فيستفاليا. وقالت مجلة "جازيتا ديللو سبورت" الإيطالية: "في ذلك اليوم، سيتضرع كل معجبي ملك السباقات الأشهر في عالم رياضة المحركات لشفاء نجمهم الكبير". وكانت "جازيتا ديللو سبورت" هي من كتبت أيضا بعد فوز شوماخر بلقبه العالمي السابع والخامس على التوالي عام 2004: "هو فورمولا-1". وكان الحادث الذي تعرض له شوماخر بمثابة نذير شؤم بالنسبة للفورمولا -1 في ألمانيا هذا العام، حيث لم يظهر سيباستيان فيتيل الذي توج بلقب السباق العالمي أربع مرات متتالية في الفترة بين عامي 2010 و2013 مع فريق ريد بول بالمستوى المطلوب، واكتفى باحتلال المركز الخامس في الترتيب العام للسائقين بالموسم المنصرم حديثا. إلا أن القدر كان يحمل في جعبته مسارا مختلفا للسائق /27 عاما/ بعد أن قرر الانتقال لفريق فيراري في الموسم المقبل، ليحقق حلم طفولته ويخوض تحديا جديدا مع الفريق الذي صنع معه شوماخر تاريخه.