مرّت 20 سنة كاملة منذ تنظيم الجزائر لأول وآخر كأس إفريقيا للأمم على أرضها. الجزائر أحد أقطاب الكرة الإفريقية لم تحظ بهذا الشرف مرّة ثانية على عكس العديد من الدول الإفريقية التي نظمت الدورة مرّة واثنتين وثلاثة على غرار مصر، تونس وغانا.. ولم يعد الإشكال الأمني الذي حرم الجزائريين من التطلع لتنظيم مثل هذه التظاهرة الكبرى قائما، فالجزائريون صاروا يتطلعون أكثر من أي وقت مضى لاحتضان “المونديال“ الإفريقي في بلادهم، لكن هل هذا ممكن؟ وهل بإمكان الجزائر أن تقدّم ملف ترشيحها لاحتضان “كان“ 2015؟ أسئلة رفعناها لنائب رئيس الإتحادية الجزائرية محمد مشرارة، الذي أقرّ أن الجزائر ليست مؤهلة حاليا لتنظيم بطولة من هذا الحجم لأسباب موضوعية، لكن الحلم قد يتحوّل إلى حقيقة في حال ما وُجدت هناك إرادة سياسية تدعّم هذا الطموح المشروع لملايين الجزائريين. “الفاف“ تفكّر في الموضوع، لكنها لا تمنحه الأولوية وسألنا نائب رئيس الإتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد مشرارة عما إذا ما كانت الإتحادية فكرت في تقديم ملف ترشح الجزائر لدورة “كان“ 2015، مع العلم أن دورة 2012 ستنظمها مناصفة غينيا الإستوائية والغابون، ودورة 2013 ستنظم في ليبيا، وهل رأت أن الوقت حان بالنسبة للجزائر حتى تنظم الدورة الكروية الأهم في القارة السمراء؟ فأوضح محدثنا أن الفكرة كانت مطروحة حتى خلال العهدة السابقة للرئيس روراوة، حيث تقدّمت الجزائر سنة 2003 بملف ترشّحها لدورة 2008 التي جرت بغانا لكنها خسرت التصويت لفائدة غانا التي فازت بالتنظيم. أما في الوقت الحالي فإن تنظيم دورة 2015 تبقى مجرّد فكرة تحظي بالاهتمام، لكنها لا تعد أولوية بالنسبة للمكتب الفدرالي المنشغل أكثر بالمنتخب الوطني، تسيير البطولة والأندية، ملف الإحتراف وغيرها من الملفات الراهنة. مشكل كبير في المرافق الرياضية و 5 جويلية الوحيد المؤهّل ولتنظيم تظاهرة بحجم كأس إفريقيا للأمم لا بدّ من توفير دفتر شروط يقدّم في ملف الترشّح الذي يسلم للكنفدرالية الإفريقية، ومن أهم ما يجب توفر في دفتر الشروط توفر أربعة ملاعب بمقاييس عالمية، وهو الأمر غير المتوفر حاليا في الجزائر كما أكد لنا مشرارة، الذي أوضح أن ملعب 5 جويلية هو الملعب الوحيد في الجزائر الذي يتوفر على هذه الشروط وبنسبة معيّنة، فحتى ملعب البليدة والذي عرف ترميمات وإصلاحات كبيرة بسبب احتضانه لمباريات المنتخب الوطني خلال تصفيات كأس العالم الأخيرة يبقى غير مؤهّل، في حين أن ملعب عنابة يبقى بحاجة إلى عملية تجديد واسعة، شأنه شأن ملعب حملاوي بقسنطينة الذي تدهورت حالته بشكل كبير رغم الملايير التي صرفت عليه، وعلى تجديد أرضيته التي صارت غير صالحة تماما، في حين أن مدينة وهران ثاني مدينة في الجزائر لا تملك حتى ملعبا بأرضية معشوشبة طبيعيا، فما بالك بالمقاييس الأخرى العالمية المطلوبة في منافسة عالمية بحجم كأس إفريقيا للأمم. المشكل الثاني في مرافق الإيواء والفنادق وفي المقابل لا تطرح الشروط الأخرى التي يتطلبها ملف الترشح إشكالا في الجزائر بداية بشبكة النقل والمواصلات والإيواء المتوفرة بشكل مقبول، على الأقل أفضل بكثير مما هو الحال في أنغولا التي وصل بها الأمر إلى إستضافة المنتخبات المشاركة في فنادق 4 و3 نجوم وحتى في مراكز كما هو الحال في كابيندا. وهذا لا يمنع من أن نقرّ بوجود نقائص على مستوى الفنادق، ويكفى التذكير أن مدينة بحجم قسنطينة لا تملك أي فندق من فئة 5 نجوم، وحتى إن كانت “الكاف“ لا تشترط فنادق من هذه النوعية لاستقبال المنتخبات المشاركة، إلا أن سمعة الجزائر تقتضي توفر مثل هذه الهياكل في كل المدن المعنية باستضافة البطولة، ومدن الجزائر العاصمة، قسنطينة، عنابةووهران هي الأقرب إلى ذلك. ترشّح المغرب لإستضافة “الكان“... مشكلة أخرى وما يجعل حظوظ الجزائر في استضافة “كان“ 2015 تتضاءل أكثر، هو عزم المملكة المغربية في تقديم ملف ترشّحها لدورة 2015، وهي التي لم تحتضن هذه المنافسة منذ 1988، وتعوّل كثيرا على استضافة الدورة من أجل تحقيق اللقب الذي لم يفرح به المغاربة منذ دورة 1976 برغم الأجيال الرائعة التي مرّت على الكرة المغربية. ترشّح المغرب قد يدفع الجزائر للتراجع عن الفكرة أصلا وهذا من باب التضامن مع هذا البلد الشقيق، كما أكد مشرارة في حديثنا معه: “في حال ما ترشّحت المغرب وهي مثلنا تنتمي للمنطقة رقم 1 حسب تقسيم “الكاف“، فإنه من الواجب ألا نفكر أيضا في تقديم ترشّحنا وهذا من باب التضامن مع بلد جار وشقيق”. وهذا حتى تتفادى دول المغرب العربي الدخول في منافسة تقسّم الأصوات بينها، في وقت أن الجزائر قد تكون بحاجة ماسة إلى أصوات الدول المغاربية ومنها المغرب في مناسبات أخرى. كلّ شيء مرتبط بالإرادة السياسية ويبقى ترشّح الجزائر ل “الكان” 2015 - وإن كان مستبعدا جدا- أو في 2017، متربطا حسب مشرارة بوجود إرادة سياسية تدعّم هذا المسعى، لأن الحكومة الجزائرية وحدها هي القادرة على تحويل الحلم إلى حقيقة، والاستثمار في الديناميكية التي خلفها الإنتصارات الأخيرة للمنتخب الوطني، والتي جسّدتها موافقة الحكومة منذ فترة وجيزة على قانون الإصلاح الكروي الذي تقدّمت به الإتحادية والذي يتضمن مشاريع قوانين لدعم النشاط الكروي، بداية بتحديث وبناء المرافق الرياضية ودعم المشاريع الجارية، ومنها مشاريع الملعبين الجديدين في العاصمة وملعب وهران والشروع في ملعب تيزي وزو.. وهي المرافق التي قد ترفع من قدرات الجزائر لإحتضان الموعد القاري في المستقبل القريب. وأضاف مشرارة: “أعتقد أن بتوفر الإرادة السياسية، يمكن لنا التطلع لتنظيم “الكان“ وإسعاد الجماهير الجزائرية التي تنتظر منذ سنوات رؤية هذه المنافسة العريقة على أرضها، والجزائر لديها الرجال والكفاءات لتحقيق هذا الحلم”.