كالوشا بواليا نجم الكرة الزامبية وأحسن لاعب لكل الأوقات في المنتخب الزامبي هو اليوم رئيس الإتحادية الزامبية لكرة القدم، التقيناه في جنوب أفريقيا.. وكان لنا معه حوار شيق عن مجريات المونديال خاصة أنه حاضر هنا في بلاد “مانديلا” كعضو في اللجنة التقنية للإتحادية الدولية لكرة القدم “الفيفا”، حيث تابع كامل لقاءات الدورة ملاحظا، التقيناه ورد على أسئلتنا خاصة عن المشاركة الإفريقية والمنتخب الوطني لاسيما أنه عرف كرة القدم الجزائرية وعايشها لسنوات حينما كان لاعبا... حاليا وبعد نهاية كأس العالم 2010 هل بإمكانك أن تقدّم لنا حوصلة عن المشاركة الإفريقية؟ هذه الدورة كانت صعبة على المنتخبات الإفريقية، فقد كنا ننتظر على الأقل منتخبين في الدور الثاني لكن لم نر سوى واحدا، فالمنتخبات جميعها حضّرت بشكل جيد والمدربون اتخذوا قراراتهم واللاعبون دخلوا الدورة بطموح كبير. وعلى اعتبار أنني أفريقي أقول إن هذه المنتخبات ضيعت الكثير من طاقاتها في مشوار التصفيات، وفي أول ظهور في المونديال اكتشفنا أن جميعها دخلت الدورة حذرة رغم أن المونديال في حد ذاته يعتبر عرسا لكرة القدم واللاعبين الأفارقة كان عليهم استغلال الفرصة ورمي كل ثقلهم فوق أرضية الميدان ليكون العرس أفريقيا. لا يمكن إنكار أن المنتخبات الإفريقية كشفت عن مستوى فني مقبول لكنه كان بعيدا عن تلك الصورة التي ظهروا بها في التصفيات، حيث ظهر وقتها عدد كبير من المنتخبات بمستوى جيد بل حتى اللقاءات التحضيرية للمونديال كشفوا فيها عن مستوى رائع وقوي وظهرت تشكيلة كل منتخب أنها متكاملة وقوية وجاهزة بنسبة 80 %، لكن في العرس الكروي لم نشاهد سوى الحذر والخوف من الهزيمة، هذا تحليلي الخاص وأعتقد أنه يجب استخلاص الدروس من هذه المشاركة حتى يستفاد منها في الدورات القادمة. ما هو سبب الخوف من الخسارة برأيك؟ لأن المنتخبات الإفريقية وصلت إلى جنوب أفريقيا بكثير من الضغط والمسؤولية على عاتقها، هناك أمر واضح لدى الأفارقة فأمام المنافسين نعلب بحرارة وفي الوقت نفسه نواجه ضغطا شديدا من النتيجة المتوقعة، وهذا الضغط نشعر به أينما نكون، في الفندق، في التدريبات وفي الحديث والحوارات التي يجريها اللاعبون مع بعض، وهذا الأمر انطلق قبل المونديال حينما كانت المنتخبات في نهائيات كأس أمم أفريقيا في أنغولا، بمعنى أنه كانت تفصلنا أربعة أو خمسة أشهر بين كأس أفريقيا والمونديال لكن لم يكن هناك إلا موضوع واحد يتحدث عنه الجميع في أنغولا وهو كأس العالم، وهذا الأمر غير طبيعي لأنه وضع اللاعبين في جو رهيب من الضغط لم يسمح لهم بإظهار كامل مواهبهم وقدراتهم ومستواهم الكبير. لنتطرق إلى المنتخبات الإفريقية واحدا بواحد، ما الذي لم يسر جيدا مع كوت ديفوار؟ في البداية فإن تحليلي سيكون حسب ما شاهدته لأنني لا أعرف ما الذي حدث بالضبط داخل منتخب كوت ديفوار أو باقي المنتخبات الإفريقية وكلامي لا يمثل لا “الفيفا” ولا الاتحادية الزامبية لكرة القدم، فبالنسبة للمنتخب الإيفواري أعتقد أن لاعبيه احترموا منافسيهم كثيرا وعلى سبيل المثال في ملعب “سوكر سيتي” خلال لقائهم مع البرازيل اعتمدوا كثيرا على الجانب الدفاعي، وما حيّرني كثيرا أننا لو نظرنا إلى لاعبي المنتخب الإفواري كلّ على حدة لوجدنا أنهم يلعبون في أكبر الأندية الأوروبية وهو ما يعني أنهم يملكون مستويات كبيرة وقادرون على مجابهة البرازيل، ولا أظن أن هناك الكثير من المنتخبات التي تملك عناصر بهذا الحجم مثل كوت ديفوار، وقد شعرنا بأن الإفواريين أدركوا أنهم كانوا قادرين على التأهل بعد فوات الأوان. لكن يمكننا أن نقول في الوقت نفسه إن القرعة لم تنصف المنتخب الإيفواري بحكم أنه وقع مع البرازيل والبرتغال في مجموعة واحدة، أليس كذلك؟ أتفق معك في هذه النقطة، فلم يكن منتخب كوت ديفوار محظوظا بما فيه الكفاية في قرعة كأس العالم الفارطة التي جرت أطوارها في ألمانيا 2006 حيث لعب إلى جانب الأرجنتين وهولندا، وكان الإيفواريون يأملون في أن تكون القرعة أرحم في جنوب إفريقيا لكنهم لم يكونوا محظوظين بما فيه الكفاية، ونأمل أن يكون الحظ إلى جانبهم في الدورة المقبلة ويذهبوا بعيدا لأنهم حقا يشكلون منتخبا قويا وبإمكانهم فعل شيء في كأس العالم. وفيما يتعلق بمنتخب جنوب إفريقيا ما قولك عنه؟ من الصعب جدا على منتخب لم يتعوّد على المشاركة في هذا المستوى العالي ولعب مثل هذه المباريات في كأس العالم ان يقدم الشيء الكثير، ولا يمكنني أن أنكر أن لاعبي جنوب إفريقيا قدموا دورة مشرفة وتمكنوا من تسجيل نتائج إيجابية ما عدا الهزيمة أمام أوروغواي التي كانت قاسية بعض الشيء وهم الذين ظهروا بوجه مشرف أمام المكسيك وكانوا قريبين من تحقيق الفوز في مباراة الافتتاح، لكنهم تمكنوا من الفوز على نائب بطل العالم في النسخة الفارطة ويتعلق الأمر بالمنتخب الفرنسي، ودون مبالغة فقد كان بمقدور منتخب جنوب إفريقيا المرور إلى الدور الثاني وعليه فإنه يستحق الثناء على الوجه الذي قدمه في هذا المونديال. وبالنسبة لمنتخب نيجيريا، ماذا يمكن أن تقول؟ هو منتخب لم يكن محظوظا كذلك نظرا لطرد كايتا في لقاء مع اليونان، لأنهم لو أنهوا اللقاء ب 11 لاعبا فأنا متأكد ن أنهم كانوا سيحققون الفوز والتأهل إلى الدور ثمن النهائي، وبكل صراحة فإن المنتخب النيجيري يملك إمكانات كبيرة ويؤدي جيدا. حتى بعد لقاء اليونان فإن نيجيريا انهزمت أمام كوريا الجنوبية على الرغم من أنها كانت متفوقة في البداية ... للأسف فقد حدث الأمر نفسه فالمنتخب النيجيري أدّى جيدا وسيّر اللقاء كما ينبغي لكنه لم يتمكن من تحقيق الفوز، فحتى في لقاء كوريا الجنوبية أثر غياب كايتا الذي يعتبر قطعة أساسية في التشكيلة وأحدث غيابه خللا، وعليه فإن نيجيريا لم تكن محظوظة في هذه الدورة لعوامل خارجة عن النطاق الرياضي. ماذا تقول عن منتخب الكامرون على ما يبدو دائما يتلقى المشاكل ... لقد شاهدت مباراة الكامرون والدانمارك في الملعب، فالمنتخب الكامروني فتح باب التسجيل ثم صنع فرصا أو أكثر ولم ينجح في تسجيلها وبعدها عاد للدفاع فانتهى به الأمر إلى تلقي هدفين، وهذا ما يعني أن اللاعبين كان ينقصم التركيز لكن بالمقابل الحظ لم يكن بجانبهم وهذا عكس الدانماركيين الذي تحصلوا على فرصتين وسجلوهما. وغانا؟ هي مفخرة إفريقيا، لقد نجح المنتخب الغاني في تكوين فريق مزيج بين اللاعبين الشبان وأصحاب الخبرة، كل لاعب له دوره وهذا مهم جدا لروح المجموعة، لقد لاحظنا تفاهما شديدا بين لاعبي المنتخب وما أظهروه في هذه المنافسة العالمية كانوا قد أظهروه أيضا خلال كأس إفريقيا الأخيرة كاللعب الجماعي، يملكون طريقة معينة ويتميزون بالجرأة في الهجوم، هو درس جيد لنا كأفارقة، لم يسعف المنتخب الغاني الحظ خاصة عندما ضيعوا ركلة الجزاء التي كانت ستؤهلهم إلى نصف النهائي، لكن هذا يمكن أن يحدث لكل المنتخبات، كل الأفارقة فخورون بما قدّمته غانا وهذا ما يعطي صورة جيدة لكرة القدم في إفريقيا. هل حدث أن ضيعت ركلة جزاء حاسمة عندما كنت لاعبا؟ لا ليس كلاعب، لكن بعد اعتزالي اللعب، عندما كنت مدربا كان اللاعبون يضيعون مثل هذه الفرص لكن هذا أمر يحدث للجميع. فضلت أن أترك الجزائر إلى النهاية، كيف ترى مردودها؟ المنتخب الجزائري يملك مدربا له خبرة طويلة في الملاعب، لقد أظهروا أمورا جميلة في كل مراحل لعبهم ما عدا في الهجوم وهذا المشكل الوحيد في الجزائر، وهذا لا يعني بالضرورة أن الجزائر لا تملك مهاجمين أكفاء، لكن يحدث في مثل هذه المنافسات أن تجد بعض الصعوبات للتسجيل، صراحة هذا الفريق يشبه الجيل الذي كان يلعب في زماني مع بلومي، ماجر وبن ساولة. أحسسنا أنهم يملكون طريقة لعب خاصة لكن غياب التسجيل أثّر نوعا ما كما لاحظنا أنّ المنتخب الجزائري يملك فرديات رائعة، يجب أن لا ننسى أنها تملك فريق شاب، وهذا ما يجعلني أتنبّأ بأنه فريق المستقبل. هل يوجد من اللاعبين الجزائريين من أعجبك أداؤه؟ نعم اللاعب الذي يحمل القميص رقم 13 (يقصد كريم مطمور) والرقم 15 (يقصد كريم زياني)، أعجباني لأنني وجدتهما في كل مكان من الملعب في الدفاع والهجوم وبذلا جهودا جبارة، كما أعجبت أيضا بالحارس الذي لعب اللقاءين الأخيرين (يقصد مبولحي)، لكن يجب الإعتراف أيضا أن الحارس الذي لعب اللقاء الأول أيضا جيد (يقصد فوزي شاوشي)، شاهدت المباراة الفاصلة التي لعبها أمام المنتخب المصري ويجب الاعتراف بأنه ساهم بقسط كبير في الفوز، لذلك لا يمكن أن يكون بعدها حارسا سيئا، لا أنسى أيضا ظهير نادي بورتسموث (يقصد نذير بلحاج) والمدافع المحوري (يقصد مجيد بوڤرة)، خلاصة القول الجزائر تملك حراس مرمى جيدين، دفاعا صلبا ووسط ميدان وهجوم يملكان الإرادة، وهذا ما يعطي فريقا يمكنه أن يقدّم الكثير في المستقبل. عندما ترى أن منتخبات مثل زامبيا ومصر أديا مشوارا مقبولا في كأس الأمم الإفريقية الأخيرة في أنغولا، وخاصة زامبيا التي أقصيت من المنافسة على حساب نيجيريا، هل كنت تقول أن منتخب بلادك كان قادرا على تحقيق مشاركة جيدة لو شارك في المونديال؟ لا أندم، لأن اللاعبين الزامبيين حققوا التأهل إلى كأس إفريقيا وهو الأهم، خاصة في ظل وجود الجزائر ومصر، وسنستفيد من احتكاكنا بهما في المواسم القادمة، وسيكون هدفنا التأهل إلى كأس العالم المقبلة، واللاعبون الزامبيين قادرون على اللعب لست سنوات أخرى، ولهذا فقد ربحنا فريقا تنافسيا الموسم القادم. وما هي الصورة التي ستحتفظ بها من المونديال؟ من الجانب التقني أرى أن المنتخبات كانت حذرة جدا، ولهذا كان يجب انتظار لقاءات الإقصاء المباشر لرؤية لقاءات مفتوحة، وأعترف أن منتخبات مثل الأرجنتين والبرازيل أدت مشوارا مقبولا بالرغم من خروجها من الدور الربع نهائي، ومن جانب الحماس ستبقى صورة الأنصار الذين يملؤون المدرجات الأبرز في مخيلتي منذ بداية المونديال، وهذا ما يفسر الحماس الفيّاض الذي ميز المباريات، وكل هذه صور ستبقى راسخة في ذهن الجميع. لكن بالرغم من ضعف نتائج المنتخبات الإفريقية إلا أن التنظيم كان هو النقطة التي أنقذت ماء الوجه، أليس كذلك؟ هذا أكيد، كل شيء كان يدل على أن المنظمين أحسنوا التحكم في هذا الجانب كثيرا وبامتياز كبير، وهذا التحدي شرف كبير للقارة السمراء، وبرهنا كأفارقة أننا نجيد التفاوض مع مثل هذه التظاهرات، وكل منتخب زار جنوب إفريقيا سيكون على قناعة الآن أنه لو زار أي بلد إفريقي آخر سيجد نفس المعاملة التي وجدها في جنوب إفريقيا، وبالرغم من أن الفوفوزيلا أزعجت الكثير، إلا أنها تعبّر عن ثقافة سكان هذا البلد، وهذا الأمر مهم من جانب تسويق الصورة أكثر من تظاهرة كروية في حد ذاتها.