شهدت جلسة المصادقة الأولى للدورة الخريفية للبرلمان حالة من الفوضى بين نواب الموالاة والمعارضة على مستوى المجلس الشعبي الوطني، بعدما قاطعت أحزاب عديدة محسوبة عن المعارضة للنظام الجلستين المخصصتين للمصادقة على قانوني المالية التكميلي لسنة 2015، والقانون المعدل للإجراءات الجزائية، بعدما مررا بأمرية رئاسية فور اختتام أشغال الدورة الربيعية بحجة الاستعجال. وسجلت أحزاب العدالة والتنمية، تكتل الجزائر الخضراء، والإصلاح الوطني موقفا موحدا من المصادقة على القانونين كان متوقعا خاصة بالنسبة لقانون المالية التكميلي لسنة 2015 الذي كان مبرمجا ضمن أشغال الدورة الربيعية للبرلمان التي أسدلت ستائرها قبل الآجال القانونية المحددة بالثاني من شهر أوت الماضي، حيث أعلنت الأحزاب الثلاثة مقاطعة الجلستين بمبدأ أن القانونين لم يتطلبا المسارعة بالمصادقة عليهما لكي يمررا بأمرية رئاسية دون عرضهما ومناقشتهما من طرف أعضاء الغرفة السفلى وكذا العليا للبرلمان، رغم أنهما قانونين جد مهمين ويحتاجان إلى نقاش معمق خاصة في ظل ما تعيشه البلاد من وضع اقتصادي متأزم. وبرر المكلف بالإعلام للكتلة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء النائب ناصر حمدادوش في تصريح خص به "الحوار" أمس، موقف الكتلة بالمقاطعة بالاعتراض على مبدأ الإفراط في التشريع بالأوامر الرئاسية وخاصة في الحالات غير الاستثنائية والإستعجالية، الذي اعتبره "تغوّلٌ" من السلطة التنفيذية، و"تغييبٌ" للبرلمان عن لعب دوره الرقابي والتشريعي، واعتداءٌ على السلطة التشريعية، وحرمانٌ للنواب من المناقشة والإثراء لمشاريع القوانين الحسّاسة، مؤكدا أن إحالة النواب على العطلة التي اعتبرها "قسرية" يوم 7 جويلية الماضي، ما هو إلا تمهيد لنية السلطة في تمرير قانون المالية التكميلي بأمرية رئاسية حتى لا تتمّ مناقشته وإثراؤه من طرفهم، قائلا بان الخطوة "مصادرةٌ للمعارضة واغتيال للرأي الآخر وديكتاتورية أحادية في تمرير إجراءاتٍ حكوميةٍ". وأضاف حمدادوش بان الإجراءات التي جاءت بها الحكومة في قانون المالية التكميلي ما هي إلا هروبٌ نحو الأمام في المواجهة الحقيقية للأزمة، وإرادة في دفع الشعب ضريبة فشلها وعجزها بإجراءاتٍ تسكينية وجزئية ومؤقتة تعبّر عن غياب الرؤية وانعدام البرنامج السياسي والاقتصادي الحقيقي لها، في حين ورغم اشتمال قانون الإجراءات الجزائية، على بعض الإجراءات الإيجابية في مجال الحريات وحقوق الإنسان، إلا أنه أُريد له أن يمرّ وفق الرؤية الأحادية للسلطة دون إثارة الجوانب السلبية فيه، وأهمها رفع حالة التجريم عن التسيير، فإذا كان التجريم قائما ومع ذلك عرفنا حالات فسادٍ كبيرة وملفات ضخمة لنهب وتبديد المال العام، فكيف إذا قمنا الآن بعملية تحصين المسئولين عن تلك الجرائم في التسيير. وهو نفس ما سار إليه الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني، فيلالي غويني، في اتصال هاتفي مع "الحوار" أمس، الذي أكد بان المقاطعة كانت احتجاجا على الطريقة التي مرر بها القانونين، التي أرجعها إلى محاولة السلطة لتغطية فشلها وإخفاقاتها المتكررة في إنشاء اقتصاد قوي، وتحقيق إقلاع اقتصادي من شانه أن يخرج البلاد من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها، وكذا تفاديا لمناقشة نفقات الانجاز والتسيير واستلام المشاريع في وقتها وغيرها، قائلا غويني بان السلطة ترفض فتح نقاش في الموضوع ليتمكن نواب الشعب من تقديم مقترحاتهم بالنسبة لقانونين مهمين خلال الفترة الراهنة. هذا وشدد غويني على رفض حزبه اللجوء إلى قانون مالية تكميلي إلا في حالات استثنائية وخاصة جدا، خاصة ان قانون المالية التكميلي للسنة الجارية يحمل 5 مواد يسري مفعولها بعد ستة اشهر من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية اي بعد المصادقة على قانون المالية لسنة 2016، مؤكدا بأنه كان من المفروض خلال الوضع الاقتصادي الراهن، ان يعرض مشروع القانون على نواب البرلمان على اعتبار المعطيات العديدة المتوفرة كتراجع أسعار النفط، فشل الاستثمار، محدودية الواردات خارج المحروقات وغيرها، التي تستدعي مناقشة واسعة للبرلمان، وتحديد المشاريع التي يجب المحافظة عليها ومن يجب إلغائها، وكذا تحديد الوزراء الفاشلين في تخطي العقبات خلال الفترة الراهنة وغيرها من الأمور. * ليلى عمران