رسالة مفتوحة… بقلم الدكتور: محمد نور الدين جباب شباب وشابات مصر في حالة غليان وفوران وغضب لا مثيل له، والسبب اللاعب المشهور ميسي الذي بدا للأشقاء في مصر قد وجه لهم إهانة كبيرة وصفعة لا يمكن السكوت عنها، فراح هؤلاء الشباب يشنون الحملات عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي على اللاعب الأرجنتيني. اللاعب الدولي لم يتدخل في الشأن المصري الداخلي، ولم يتحدث بسوء عن الجنرال كما لم يدافع عن إخوان مصر، كل ما قام به اللاعب هو التبرع بحذائه الرياضي لكي يباع في المزاد والتبرع بقيمته لصالح الفقراء والمحتاجين في مصر. المسألة خرجت عن كونها رياضة وحذاء رياضي لتصبح مسألة ثقافية شديدة الحساسية لما تنطوي عليه من رمزية تتصل بما يمكن تسميته ب" جدل الثقافات" التي لها رمزيتها الخاصة تتأسى من خلال المسار التاريخي الخاص لكل ثقافة. عندما تبرع اللاعب بحذائه فهو ينطلق من خصوصيته الثقافية ومن رموز ثقافية خالية من أي أحكام معيارية، فهي ترى في ذلك الحذاء قيمة مادية لها مردود مادي، بينما الأشقاء في مصر انطلقوا من رمزية أخرى مغايرة، معيارية في جوهرها ما جعل نوعا من" الصدام الثقافي" ينشأ بين القيمة المادية والقيمة الأخلاقية. لا توجد مفاضلة بين الموقفين لأن كل منهما يفصح عن الخصوصية الثقافية والمسار التاريخي لهذه الثقافة الخاصة رغم أن الحذاء في جميع الثقافات يرمز في الكثير من الحالات عن الاحتقار ولاستصغار والإهانة مثلما فعل خروتشوف داخل الأمم المتحددة عندما نزع حذاءه ولوح به في وجه جميع الحضور. عندما نعود إلى الأشقاء في مصر نجد الحذاء في الثقافة الشعبية المصرية يحمل الكثير من معاني التحقير والاستصغار حيث نجد المصري لما يوجه شتيمة وإهانة كبيرة لخصمه يصفه ب"الجزمة القديمة". كلنا نذكر ذلك المشهد عندما وقف أبو ليلي المهلهل يخاطب ذلك الفتى وهو سيد قومه قائلا ب"شسع نعل كليب"، بسبب هذه الكلمة تواصلت الحرب وسقط الكثير من الضحايا، لكن ميسي لا يعرف الزير سالم ولا كليب ولا معنى شسع نعل كليب".