* عاش شيخا ومات شابا محملا بهموم الوطن خيمت اجواء من الحزن والحسرة على تأبينية فقيد الجزائر وصوت الشعب الراحل احمد بن بوزيد، التي بادرت بتنظيمها جريدة "الحوار" امس بحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي وعدد من افراد عائلة الراحل الى جانب الوزير الاسبق ابو جرة سلطاني ومحيي الدين عميمور، وعدد من الفنانين الذين رافقوا الفقيد خلال مسيرته الفنية، للحديث عن خصال الرجل ومناقبه التي خلفها بعد وفاته، وهو الفنان الشاعر الملتزم بقضايا الشعب والوطن. بادرت "الحوار" بتنظيم تأبينية خاصة لفقيد الفن والكلمة والسياسة احمد بن بوزيد، الذي وافته المنية الأربعاء الفارط اثر حادث مرور، وهو التقليد الذي دأبت عليه الجريدة تخليدا لمن خدموا الفن والثقافة والسياسة في الجزائر ونذروا انفسهم لذلك، حيث عرفت التأبينية حضور جمع غفير بين وزراء وسياسيين ومثقفين وإعلاميين من مختلف التوجهات، أبوا الا ان يسجلوا حضورهم في هذه الوقفة الخاصة برجل من طينة الكبار، شكلت وفاته صدمة لكل من عرفه، سواء من قريب او بعيد. وتقدم الحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، الذي ابى الا ان يسجل شهادة خاصة عن الراحل وسرد ذكرياته مع عطا الله، مبرزا ان تخليد اسمه وإطلاقه على احد المؤسسات الثقافية الكبرى في الجزائر او المسرح الجهوي لولاية الجلفة سيكون واجبا وأولوية سيحرص شخصيا على تنفيذها على ارض الواقع. وميز الوقفة حضور شقيق الراحل "عطية" الذي تأثر كثيرا للالتفاتة التي قامت بها "الحوار" خاصة وهو يصغي لشهادات الحضور، والتي اجمعوا ضمنها بأن رحيل الشيخ عطا الله خسارة لا يمكن تعويضها. كما سجل الوزير الاسبق محيى الدين عميمور وأبو جرة سلطاني، والنائب السابق مصطفى بن عطا الله، وعدد من اصدقائه المقربين، وقفتهم في التأبينية، خاصة الذين رافقوه في حصة "الفهامة" والتي عرفه من خلالها الجمهور وفي مقدمتهم المخرج محمد صحراوي "بادي" نورة بن زراري، حسان كركاش، بالاضافة الى الممثل القدير حسان بن زراري، ومدني مسلم، وإبراهيم رزوق، كما سجل الامين العام السابق للنقابة الوطنية للفنانين والمنسق الحالي لها لخضر ولد ستي حضوره رفقة الفنان حميد بوزيان. وكان اتحاد الكتاب الجزائريين حاضرا في التأبينية عن طريق رئيسه يوسف شقرة، ونائبه عبد الرحمن طيبي، بالاضافة الى مجموعة من الوجوه من مختلف فعاليات المجتمع المدني والاسرة الاعلامية. وصنع صوت الشاعر الشعبي عبد الغفار عبد الحفيظ ابن مدينة بوسعادة، وهو يصدح بمرثيته في فقيد الجزائر، حالة من التأثر وسط الحضور بكلماته المعبرة والمجلجلة بين جنبات القاعة.
وزير الثقافة عز الدين ميهوبي في تأبينية * إطلاق اسم "عطا الله" على مؤسسة ثقافية مطلب شعبي سنحرس على تنفيذه * عطا الله كان خليفة حسن الحسني والجزائر لن تنجب أمثالهما إلا بعد سنوات تعهد وزير الثقافة عزالدين ميهوبي بإطلاق اسم الفنان الراحل احمد بن بوزيد على احدى المؤسسات الثقافية بولاية الجلفة، مؤكدا انه ملتزم بأن يبقى اسم الشيخ عطا الله رمزا فنيا حيا للأجيال القادمة، منوها باللفتة المميزة التي بادرت بها جريدة "الحوار" عرفانا بما قدمه الراحل للفن الجزائري بصفة عامة والبدوي بصفة خاصة. واعتبر ميهوبي ان رحيل احمد بن بوزيد خسارة كبيرة للفن الجزائري، نظرا لما كان يتمتع به الراحل من ابداع وحضور قوي، وإلمام كامل بالموروث الشعبي الجزائري، وأضاف ان الجزائري فقد برحيل الشيخ عطا الله صوته الذي كان يصدح عاليا في كل المناسبات، مذكرا بهموم المواطن في اقصى نقطة من الجزائر العميقة، ومنتقدا بطريقته المميزة السياسة والفن والاقتصاد والمجتمع، صارخا في وجه الظلم والمحسوبية التي لم يسلم منها هو الآخر. وسرد الوزير صديق الراحل انطلاقة الشيخ عطا الله من بيئته البسيطة، ونجاحه في الخروج من الثقافة المحلية لعموم الجزائريين بلغته السلسة التي تصل الى الاعماق، وأكد الوزير ان الجزائر لم تعرف فنانا بقيمة حسن الحسني الا بوجود الشيخ عطا الله الذي عرف بأعماله النظيفة لغة وأداء وتمثيلا، وكانت فرصته الكبيرة عبر حصة "الفهامة" التي قدمت عطا الله وأخرجته من عمق المجتمع الى الجزائر.
الوزير الأسبق أبو جرة سلطاني: * عطا الله لم يكن له انتماء حزبي لأن انتماءه الأول كان للجزائر والجزائريين أشاد السياسي والوزير الأسبق، أبو جرة سلطاني، بخصال فقيد الجزائر والثقافة والفن، الشيخ عطا الله، مؤكدا بأن الراحل لم يكن له أي انتماء سياسي أو حزبي بقدر ما كان انتماؤه للجزائر وخيمته لكل الجزائريين، وهو الفنان الشاعر العميق الذي نقل مشاكل وهموم الجزائر العميقة إلى المسؤولين في أعلى المناصب. واسترجع أبو جرة سلطاني في كلمته التأبينية لروح الشيخ "عطا الله"، الذكريات التي جمعته بالفقيد منذ معرفته الأولى به في الكواليس الفنية، وهو الفنان الذي لم يخش أن يحترق بقرب السياسي كما يخشى الكثير من الفنانيين، لا لشيء سوى لأنه كان فنانا أصيلا لا يخشى في الحق لومة لائم. وقال أبو جرة بأنه ومنذ معرفته الأولى بالراحل "أحمد بن بوزيد" كان معجبا بحس النكتة التي كان يتميز بها، تلك النكتة الفنية والهادفة النظيفة التي أسّس من خلالها لتيار فني يعتمد على إثراء الموروث الشعبي الجزائري، حيث كان الراحل حريصا على انتقاء ألفاظه وعباراته، ليدخل الى بيوت الجزائريين بأجمل وأرقى حلّة. وتوقف أبو جرة عند آخر لقاء جمعه بالراحل "عطا الله" في افطار جماعي ترحما على روح الراحل محفوظ نحناح، حيث ابهر الحاضرين بكلامه وقصائده وحتى لغته الراقية، سواء في الفصحى أو الدارجة، وهو ما جعل كل الحاضرين يلتفون حوله ليبهرهم اكثر بإلمامه بشؤون الثقافة والسياسة، وخاصة إلمامه بالموروث الشعبي للجزائر العميقة، وهو ما جعله ينتزع إعجاب الجميع، مؤكدا بأنه الفنان الحالة والظاهرة التي لا يمكن تأسيسها. وقال أبو جرة بأنه ليس من السهل التأسيس لفنان في الوقت الذي يمكن ببساطة تأسيس العسكري والسياسي والطالب، على اعتبار أن الفنان ابن بيئته ومحيطه، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال تأطير بنتيه الفنية والإبداعية. و توجّه أبو جرة سلطاني بتوصياته لوزير الثقافة "عز الدين ميهوبي"، لتحقيق امنيات الراحل والتي لخصها في ثلاث نقاط تمثلت في: بناء دار للشباب في الإدريسية، وتتطور المدارس القرآنية بتنظمها بشكل جيد، وبأن يتم العمل على مشروع اخراج الخيمة من الجلفة الى الجزائر، كما شدد على ضرورة الاهتمام بوضع الفنان الجزائري الذي يعاني التهميش، وبضرورة تفعيل بطاقة الفنان في بعدها المعنوي والمادي، مؤكدا بأن الدولة التي تملك طبقة فينة راقية هي الدولة التي يتحدث عنها التاريخ.
هذه مرثية الشاعر الشعبي عبد الغفار عبد الحفيظ * "عبد الغفور" الشاعر الشعبي الجزائري ألقى الشاعر الشعبي الشيخ "عبد الغفار عبد الحفيظ"، ابن مدينة بوسعادة، قصيدة رثاء للشاعر الفنان الراحل "أحمد بن بوزيد"، بنبرة اعتلاها الحزن الشديد أثرت في الحضور، لما شملته من كلمات تحمل معنى الفقدان والحسرة والأسى، حيث جاء في القصيدة ما يأتي: موت الفجعة تحرق القلب او تعطب وتخلي المفقود حرقة لحبابو اتقول الصحبة كان في قربي يلعب والعشوة غطيت قبرو بترابوا خبر ارحولك يا عطا الله عجل هب خبر الشر ايجي أبعجله لصحابو ارجوك ماهوش نزهة في مضرب يولي ملاه من بعد غيابو دمرني هذا الخبر لي شعب في موتها ادموع من عيني رابو وتفكرت امعاك لحظات أن تعجب وسوايع زينين حلوة يطيابو حين اسمعت ابقيت داهش مستعجب عدت انكذب فالخبر ذا واش جابو البارح في ورقلة فرحة وطرب نوفمبر ناداك رديت جوابو ومع الصحبة في ارجوعك زاد الرب الأجل امقدر والعمر ذاك حسابو في حادث مرور تم الأجل اكتب وثلاثة من رفقتك صدو غابو صديت أو خليت ناسك تتعذب وفراقك بحزان غطى بسحابو غطى الوطن اجميع للخارج وعقب وهل الوطن اجميع ناسو وحبابو كل الشعب اعليك حازن مشغب قال اعطاء الله صد والسكر يابو يامن درتك بسمتي حين ان نغضمن يا فرحت قلبي بساعات تشقابو اعطاء لله وعلاه بالرحلة تزرب ومثالك في وقتنا ما ينصابو لو جا البكى يرد للدمع انسكب واش عليه إذا عينينا طابو يوم انود عناك عنا يوم اغضب جاي الموت اصعيب عالعبد احرابو ابكي ياخيمة أعلى لي ليك انصب من يرجع بينك من بعد اغيابو ابكى على شعرك وعليك تعب وتعدى ناس الخضر ولي عابو قنطاسك نحو اركيزة جا متكب وشراعاتك والعمد جملة رابو خيمت أعطاء الله ماتولي ماتركب أعطاء الله صد أكل واحد بكتابو نختم قولي ما بقالي ما نكتب جرح اجديد اكبير يصعب تطيابو الشاعر: عبد الغفار * الفنان الراحل "عطا الله" في أسطر: ولد الفنان أحمد بوزيد، المعروف ب الشيخ "عطا الله"، في 31 ديسمبر 1970، بمنطقة ريفية تسمى "ديار محاد بن بوزيد" بعين الحجر بلدية الإدريسية ولاية الجلفة، حيث تلقى تعليمه الابتدائي، لينتقل بعدها إلى الإدريسية حيث حفظ القران الكريم على يد الشيخ "شويحات ابراهيم رحمه الله". ليكمل دراسته فيما بعد بمتوسطة طاهري عبد القادر، حيث ظهرت أولى بوادره الفنية رفقة مجموعة من الشباب حيث أسس أول فرقة مسرحية والتي قدمت عديد العروض المسرحية المتميزة ليواصل الشيخ "عطا الله" رحلته العصامية اتجاه العاصمة عام 1992، حيث عمل كمنشط إذاعي لدى القناة الثالثة الفرنسية ليعود ويشغل منصبا إداريا كمدير لدار الشباب، بعد تردي الأوضاع الأمنية في ذلك الوقت. ولأنه كان على احتكاك مع الطبقة الوسطى والمحرومة، أخرج إلى الوجود فنا لم يكن معروفا من قبل، وهو فن المونولوغ السمعي فكتب "الدشرة، جلول، السكنات، العوج واللوج، الرشوة الدعم الفلاحي، الحراقة.." كما نشّط حصة "الفهامة" التلفزيونية التي أشرف على إخراجها محمد باي صحراوي، حيث عملا معا لمدة عشر سنوات. كما مثّل في مسلسل "ازرع ينت، وعمارة الحاج لخضر، وفيلم تليغرام" وعدد من الأعمال التلفزيونية المتميزة، كما شغل منصب نائب بالمجلس الشعبي الوطني في العهدة الماضية عن ولاية الجلفة. وكانت آخر أعماله خيمة "الشيخ عطا الله" التي حققت نجاحا كبيرا، وكان في طريقه إلى نقلها إلى الإمارات لإعطائها بعدا عربيا في مشروع كبير، لكن القدر كان اسبق لينتقل إلى رحمة الله.