أحاكي في هذا المنشور ماكتبه أحد أعلام الأمة العربية والإسلامية تأكيدا على وجوب وإلزامية التفكير والبحث عن الحلول المكافئة لعبور الجزائر إلى مصاف الدول القوية والمهيبة، أو على الأقل الحفاظ على استمرارها وضمان استقرارها. إن تحسس الممرات الآمنة والصحيحة وتشخيص مصالح الدولة الجزائرية الحقيقية يحتاج فيما يحتاج إلى إرادة سياسية مستقلة وعزم على الخروج من مقامات التبعية والاعتبارات المهينة لسمعتها، بوصفها صانعة أكبر ثورات العالم ويحتاج إلى رؤية واضحة تقرأ المشاهد الإقليمية والدولية بعيون أبنائها المخلصين ممن يقودهم العلم والحكمة وعزم من حديد لا خور فيه. ويحتاج فيما يحتاج إلى تنقية الدوائر على كل مستوياتها من المدسوسين الكائدين والفاسدين ومن العاطلين أيضا وقليلي الخبرة وعديمي الفائدة ممن تربع باسم الجهوية والمحسوبية والعبثية الرديئة في مفاصل الدولة بحثا عن الجاه والسمعة، وبحثا عن الاغتناء على حساب معاناة أبناء الجزائر الطيبين. إن أبناء الجزائر الخلص من علماء وخبراء وقادة رجال هم وحدهم من بإمكانه رسم خارطة الطريق وتحديد معالم استراتيجية هادئة لا صراخ فيها ولا مغامرات، استراتيجية تقوده فرق التفكير والبحث المتخصصة، وتنفذها الكتائب الخرساء في صمت هادر، من سفراء ومسؤولين وملحقين، ويخذل عنها إعلام مسؤول يستوعب تحديات ورهانات البلد في زمن المعلوماتية والتشابك والانكشاف. لا بد من التحلي بالشجاعة اللازمة في مراجعة مختلف الشراكات التي قد تستنزف مواردنا باسم المرافقة الاقتصادية والتعاون الأمني، وبسبب الارتباطات من هنا وهناك تارة، وبسبب الظروف والسياقات الصعبة التي تطبع السياسة الدولية، والتفاوض بشكل صارم متى تعلق الأمر بالمصالح العليا، في إطار المساومة السياسية وبدبلوماسية وتكتيك عال. تمثل وحدة الجبهة الداخلية والإجماع الوطني أحد أهم المرتكزات عند تحديد معالم الخارطة وضبط الممرات اللازمة لمواجهة الحصار غير المعلن عن الجزائر والترتيبات العدوانية الناعمة التي تمارسها القوى الاستعمارية الإقليمية والدولية في محيطنا الجواري باسم مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، أو باسم تأمين مصالحهم المادية والمعنوية، وقد تشكل مسألة توسيع قاعدة الحكم ولزوم الحقوق والحريات وضمان الالتزامات الدولية، وتوسيع دائرة التأييد الغربي والاستثمار في الجالية قطب الرحى ومركز الاهتمام لإنجاح عملية العبور وتفادي كل تحرش بأمننا واستقرارنا. إن الاعتماد على الذات والاستثمار في تعليم وتكوين أبنائنا وتنسيق الجهود بين مختلف القطاعات والاهتمام بطاقاتنا وتثمين مساهماتها في إطار ما يعرف باقتصاديات المعرفة لهو أوجب الواجبات. هذه تذكرة، وقد يكون أهل الدراية من قادة ومسؤولين على درجة عالية من استيعابها وفهمها، لكن يبقى واجب التذكير وقرع الاذان بضرورة إدارة الشأن العام من خلال تخصيص جيوش من الجزائريين الخلص فقط للتفكير والدرس والمراجعة والتقييم والتقويم ولما لا على كل المستويات وفي كل القطاعات وتحسس الممرات للنفاذ ولاتنفذون أيها الجزائريون إلا بسلطان.