_مهامنا ترميم وحماية الآثار.. والترويج لها مسؤولية وزارة السياحة _ أين ذهبت مداخيل الأفلام الجزائرية التي عرضت في الخارج منذ الاستقلال؟؟ قدم وزير الثقافة عز الدين ميهوبي لدى نزوله اليوم ضيفا على منتدى "الحوار" للحديث عن "المشهد الثقافي في الجزائر والراهن" اهم المحاور الكبرى التي تعمل عليها وزارة الثقافة في الفترة الحالية من اجل دعم الاقتصاد الوطني خاصة ما تعلق بالاستثمار، الاثار، السينما، السياحة والكتاب. استعرض وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، خلال المحاضرة التي حملت عنوان "المشهد الثقافي في الجزائر والراهن"، أهم الإصلاحات التي باشرت فيها وزارة الثقافة في مقدمتها: إعادة هيكلة المؤسسات الثقافية، والمهرجانات، حيث أوضح ان الوضع الاقتصادي الحالي يحتم علينا اعادة النظر في مهام العديد من المؤسسات.
* المهرجانات الثقافية.. وقفة تنظيمية وثمن وزير الثقافة الدعم الذي يقدمه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة للقطاع الثقافي، والإجراءات التي اتخذها من اجل النهوض بهذا القطاع، مشيرا في السياق ذاته إلى المهرجانات التي أسستها الجزائر بعد العشرية السوداء، وعلق على الأمر بالقول: "الرئيس بادر بإصلاحات عديدة، وأولى اهتماما كبيرا بالثقافة، من نتائجه الكم الهائل من المهرجانات التي تم ترسيمها على الصعيد الدولي والمحلي، وهذا العدد طبيعي جدا، لأن الجزائر مرت بالعشرية السوداء، وكان امرا طبيعيا بعد اكثر من 15 سنة، كان لا بد من وقفة تقييمية لهذه المهرجانات.. وأصبحنا نبحث عن الجدوى الثقافية لهذه المهرجانات، وكان لا بد اما تجميدها او تنظيمها كل سنتين لأن الامر كان يكلفنا اغلفة مالية كبيرة، والنتيجة تكون غير تلك التي نأملها"، مضيفا "لهذا قلصنا العدد ووصلنا في حدود 39 مهرجانا، اجلنا بعضها وبعضها غيرنا توقيتها، وأخرى اصبح تنظيمها كل سنتين، في حين اوقفنا بعضها الآخر لأسباب مالية بحتة ".
* تقديم الرعاية لأي تظاهرة محلية تجد التمويل وفي سياق اخر، قال ميهوبي إن القطاع يريد تجاوز الكثير من الاختلالات، مبديا استعداد الوزارة لرعاية اية تظاهرة ثقافية محلية اذا وجدت لها تمويلا، مضيفا: "عندما يتوقف مهرجان في الجزائر وكأنها نهاية الثقافة في البلد.. لسنا بحاجة الى عددية، ولكن الى تعددية في النشاطات الثقافية، يكفينا ثلاثين موعاد في السنة أحسن من كم كبير غير منظم". وواصل ميهوبي الحديث عن الموضوع "الكم الهائل من المال لا يصنع ثقافة ناجحة، والقليل منه يمكن ان يصنع ثقافة ناجعة".
* لقاء يجمع بين الناشطين في حقل السياحة والمؤسسات التي تعنى بالآثار وتطرق ميهوبي خلال محاضرته لملف الآثار والدور الذي يلعبه اقتصاديا، حيث قال ان الجزائر بلد يتوفر على اكبر منظومة اثرية في منطقة المتوسط، وهو ما يجعل اوراق النجاح في أيدينا، حسبه. وأوضح ميهوبي ان إصلاح المنظومة لا يرتبط بالثقافة فقط، وإنما يرتبط ايضا بقطاعات اخرى في مقدمتها السياحة، مبرزا ان دور وزارة الثقافة حماية، ترميم، وصيانة هذه المعالم. مضيفا في السياق ذاته: "مسألة الترويج تقع على قطاع السياحة، لهذا اتفقت مع وزير السياحة على تنظيم لقاء يجمع بين الناشطين في حقل السياحة والأسفار بما فيها الوكالات السياحية والمؤسسات التي تعنى بالآثار من متاحف وحظائر لكي تستفيد هذه الوكالات من التراث". وطلب ذات المسؤول ان تقدم الحكومة دعما وتحفيزات في عديد من المجالات لجب اكبر عدد من السياح، لأن 60 بالمئة من آثار الرومان موجودة في الجزائر وليس في تونس ولا إيطاليا.
* تدعيم الأعمال السينمائية مئة بالمئة.. حلم انتهى وتوقف ميهوبي للحديث مطولا عن قطاع السينما وتمويل الافلام، حيث اشار إلى الأفلام التي لم تحض بتمويل كبير لكنها حققت نجاحا كبيرا، في المقابل عجزت افلام اخرى اخذت ربع ميزانية وزارة الثقافة، على حد تعبيره، عن تحقق اي نجاح يذكر". وبلغة شديدة اللهجة، قال ميهوبي: "انتهى زمن الأفلام ذات الكلفة العالية.. تدعيم الاعمال مئة بالمئة حلم انتهى، وإذا اتجهنا في هذا الخط سنرافق الأفلام ذات الكلفة البسيطة".
* البحث عن مداخيل الأفلام الجزائرية التي عرضت في الخارج منذ الاستقلال وفي سياق الحديث عن السينما، كشف ميهوبي ان الوزارة تعمل في الفترة الحالية على البحث عن مداخيل الافلام الجزائرية التي عرضت منذ الاستقلال في قاعات السينما في الخارج، مشيرا الى انهم يبحثون عن اثر هذه المداخيل واين ذهبت. كما كشف ذات المسؤول عن مساعي الوزارة الى فتح حوالي 20 قاعة سينما تابعة للسينماتيك وسيكون جزء من تسييرها تجاريا.
* دمج المؤسسات الثقافية المتشابهة ضرورة لتقليص نفقات التسيير كشف وزير الثقافة عزالدين ميهوبي عن اجراء دمج وتجميع المؤسسات الثقافية المتشابهة وشبه المستقلة إداريا خاصة ذات الطابع الصناعي التجاري، وتأتي هذه الإجراءات في إطار العمل على تقليص نفقات التسيير، حسب تصريح الوزير. وفي سياق مماثل، أكد المتحدث ذاته أن وزارة الثقافة كانت سباقة في تطبيق هذا النوع الجديد من التسيير، حيث مس كلا من دار الأوبرا وديوان رياض الفتح إضافة إلى قاعة سينيماتيك، مضيفا أنه تم عرض الملف على مجلس الحكومة من أجل البحث عن آليات جديدة لضمان نجاعة هذه الإجراءات. كما شدد على ضرورة توسيع هذه العملية على أكبر عدد ممكن من المؤسسات الثقافية المتشابهة ودمجها على غرار المتاحف لتقليص نفقات التسيير التي تكلف استقلاليتها الإدارية أموالا طائلة.
* تشجيع الاستثمار الثقافي يجعل القطاع موردا هاما للاقتصاد الوطني من بين الإجراءات التي تعمل وزارة الثقافة على تجسيدها من اجل اصلاح المنظومة الثقافية، أفاد المسؤول الأول في القطاع ضرورة الدفع بفكرة الاستثمار الثقافي كونه مرتبطا اساسا بتحرير المبادرة الثقافية، مؤكدا أنه انتهى زمن ربط قطاع الثقافة بالحكومة والاتكال على تمويلها من أجل الإنتاج. وفي السياق، قال ميهوبي إن المجتمع هو الذي ينتج الثقافة، أما السلطات المعنية فما عليها إلا ان تدعم وتخوض في عملية تمويل العمل الثقافي، لافتا الى الوضع الاقتصادي الراهن والتحديات المالية التي تشهدها الخزينة العمومية، مصرحا في هذا الشأن أن وزارته ستمنح الرعاية لكل المستثمرين الخواص لإنجاح المشاريع المتعلقة بالقطاع ضمن مسعى التخفيف من أعباء الدولة المالية. وأكد ان الجزائر بلد سينمائي بامتياز، وعليه لا بد من استغلال هذه الإمكانات لخلق مناصب شغل وجعل قطاع الثقافة ممولا للاقتصاد الوطني من خلال الصناعات الثقافية ومداخيلها خاصة في ظل ما تزخر به البلاد من تقاليد ثقافية عديدة ومتنوعة على مستوى كامل التراب الوطني، واصفا إياها "بالنفط الناعم". وفي الاطار، تحدث ميهوبي عن العمل على تشجيع المستثمرين على فتح اكبر عدد من قاعات السينما في السنوات القادمة، مضيفا أن جزءا من تسييرها سيكون تجاريا، كاشفا عن عروض الاستثمار الواردة من الإمارات العربية المتحدة والهند، وسيتم دراسة صيغة الشراكة بين الطرفين سواء كانت على صيغة مشتركة من حيث التمويل أو خاصة.
* 10 فقط من دور النشر من أصل 1200 تحترف مهنتها حدد وزير الثقافة عزالدين ميهوبي عدد دور النشر التي تحترف مهنتها، والتي قال انها لا تتجاوز ال 10 من بين 1200 دار نشر، حيث اكد ان هذا العدد القليل فقط من يملك قدرات حقيقية توظفها في أداء مهامها على أكمل وجه. أما فيما يخص البقية فقد اعتبرها دور نشر طفيلية موسمية تغتنم فرصة التظاهرات الكبرى لتختفي بعدها مباشرة، وأضاف أن هذه الأخيرة تقوم بالتشويش كثيرا على الساحة الثقافية، مشيرا الى تحايلهم بطرق عجيبة باسم الثقافة والكتاب، كاشفا في هذا الشأن عن إقرار إجراءات صارمة لتنظيم هذه المهنة وإبعاد الطفيليين منها.
* اليونسكو اعترفت بمجهودات الحكومة في الحفاظ على المواقع الأثرية فند المسؤول الأول في قطاع الثقافة عزالدين ميهوبي ما تداولته بعض المواقع الالكترونية ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول سحب منظمة اليونسكو صفة العالمية من أبرز المواقع الأثرية في الجزائر على غرار القصبة بالعاصمة، موضحا أن هذه الأطراف تسعى لتحطيم كل ما يصب في صالح الوطن. وفي هذا الصدد، أكد المتحدث ذاته أن الحكومة الجزائرية عامة ووزارته خاصة تقوم بمجهودات كبيرة للحفاظ على المواقع الاثرية سواء كانت المصنفة عالميا أو على الصعيد الداخلي، مشيرا إلى زيارة لجنة اليونسكو مارس الماضي واجتماعها في جويلية المنصرم حيث أقرت على هامش هذا الاجتماع بأن الجزائر تبذل مجهودها للحفاظ على المواقع الأثرية. وفي الشأن ذاته، أوضح أن الوزارة تعمل على تعزيز المواقع الأثرية الكبرى من خلال الترويج لها عن طريق مؤسسات ووكالات السياحة والأسفار، إلى جانب البحث على إمكانية تسيير هذه المواقع من قبل الخواص، لكن بدفتر شروط، لافتا إلى قانون التراث الثقافي الذي يستدعي ضرورة تحيينه وإضافة بعض الضوابط الى بنوده.
* التكوين من أولويات قطاع الثقافة شدد الوزير عزالدين ميهوبي على ضرورة إخضاع القائمين في القطاع إلى دورات تكوينية من أجل تطوير الأداء الثقافي، كاشفا عن وجود تصورات على مستوى الوزارة في هذا الشأن تمس المدارس العليا التابعة لقطاع الثقافة على غرار المدرسة الوطنية للفنون الجميلة وكذا المعهد العالي لمهن وفنون العرض "ليسماس". وفي السياق، أشار المسؤول الأول في قطاع الثقافة خلال المحاضرة التي قام بإلقائها في منتدى "الحوار"، أمس، الى أنه يتعين أن يتوجه خريجو المدارس العليا وغيرها ممن تقوم بتكوين المحسوبين على قطاع الثقافة بعد تخرجهم نحو الحياة المهنية مباشرة، لافتا الى أن اغلب المواهب التي تظهر في الساحة الثقافية تم اكتشافها في أماكن غير المعاهد ومدارس التكوين.
* لا يوجد "سوسيال" في الإبداع في سياق الموضوع، أعرب ميهوبي عن دعمه ومساندته لكل الطاقات الشبابية، داعيا الى ضرورة تحرير المبادرات الواعدة وتشجيعها والاستثمار في الكفاءات الشبانية التي أكد انها تبدع في مختلف مجالات القطاع، وأردف قائلا: "لا يوجد "سوسيال في الابداع". واعتبر الوزير عز الدين ميهوبي المواهب الشابة في شتى ميادين القطاع الرهان الذي يعول عليه في جعل هذا الأخير موردا هاما يساهم في خلق الثروة للاقتصاد الوطني من خلال توفير مناصب شغل، إضافة الى الاستفادة من مداخيل الصناعات الثقافية.
* وزارة الثقافة جاهز لتمد كل وسائل الإعلام بالمعلومة وفيما يتعلق بمواكبة الاعلام الوطني للشأن الثقافي، ثمن الوزير عز الدين ميهوبي في كلمته لدى حلوله ضيفا على منتدى "الحوار" تسليط المؤسسات الإعلامية باختلافها الضوء على كل نشاطات القطاع، قائلا إنها تولي اهتماما كبيرا لهذه الأخيرة. وفي الصدد، عبر المتحدث ذاته عن جاهزيته رفقة مصالحه لمد كل وسائل الاعلام الوطنية بالمعلومة وتسهيل العملية أمامهم لمواكبة كل أحداث قطاع الثقافة. في سياق مغاير، صرح ميهوبي أنه من الداعين الى فتح أبواب الحوار مع التنظيمات والهيئات المستقلة، مضيفا انه يتعين على هذه الأخيرة ان تكون مؤسسة ومنظمة تمثلها أطراف معينة، حاملة لمبادرات جديدة وواعدة ومضامين إبداعية.
* الجزائر حاضرة بامتياز على الصعيد الدولي وبخصوص مشاركة الجزائر على الصعيد الدولي، أكد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أنها حاضرة في عديد الأحداث الدولية، ذاكرا أن مهرجان "قرطاج" السينمائي في تونس اختار أن تكون الجزائر ضيفة شرف الدورة المقبلة في الشهر القادم، والتي ستنطلق فعالياتها يوم 4 نوفمبر المقبل، كاشفا ان الجزائر ستشارك في مهرجان قرطاج الدولي ب 10 أفلام، خمسة منها قديمة والأخرى جديدة. كما أشار المسؤول ذاته الى مشاركة الجزائر في مهرجانين بفرنسا، إضافة الى حضورها جانفي 2018 في معرض القاهرة الدولي للكتاب والذي كشف ان الوزارة باشرت في التحضيرات للمشاركة في هذا الحدث.
……………………… * الدكتور محيي الدين عميمور: لا بد أن ندرك أن هناك تطورا كبيرا شهدته البلاد قال الدكتور محيي الدين عميمور، وزير الثقافة الأسبق، ان الجزائر اجتازت منذ استرجاعها الاستقلال مراحل كثيرة، حيث كانت أول دولة يكون عندها وزير ثقافة في الحكومة المؤقتة. وذكر عميمور خلال حديثه: "لا بد ان ندرك ان هناك تطورا كبيرا شهدته البلاد"، مضيفا "بعد الاستقلال كان هناك فراغ مطلق، واضطرت الدولة ان تتولى عملية اعداد الجو الثقافي انطلاقا من التعليم". وفي سياق متصل، قال الدكتور عميمور انه انتهى دور الشخصيات العالمية "انشتين تشوفسكي" وأصبحت الثقافة عرضية وليست رئيسية، مبرزا ان مهمة الإدارة الثقافية إعداد الجو المناسب لازدهار الثقافة.