ووري الثرى أمس بمقبرة الشراقة شرق العاصمة، فقيد الجزائر، وأحد صناع الثورة المجيدة، والدبلوماسية الجزائرية، المجاهد العربي دماغ العتروس، عن عمر ناهز 93 سنة، بعد مرض عضال ألزمه الفراش طويلا، في وقت تستعد فيه الجزائر باستذكار أعظم حدث في تاريخها، ويتعلق الحدث بفاتح الثورة المجيدة أول نوفمبر 1954 الذي كان من الذين أسسوا له، وفي سن مبكرة التحق العربي دماغ العتروس ابن قرية حبابة ولاية سكيكدة بصفوف جيش التحرير الوطني، مناهضا للتواجد الفرنسي على أرض الجزائر الطاهرة، يرحل الرجل وتبقى سيرته الزكية تعبق بالوطنية وتلتحف بوشاح الشرف والطيبة. وفي جنازة الفقيد أثنى الحاضرون في حديثهم ل " الحوار" على خصال فقيد الجزائر الحميدة، الذي نال شرف خدمة بلده قبل وبعد الثورة، وذلك حسبهم من خلال المناصب التي تقلدها المرحوم في الدولة الجزائرية المستقلة. رابح خالد صديق المرحوم: العربي دماغ العتروس جند ديدوش مراد وكلف بن صدوق عمر بتفجير ملعب باريس وفي هذا الإطار أكد رابح خالد صديق الراحل العربي دماغ العتروس، إن "المرحوم العربي دماغ العتروس هو من كان له الفضل في تجنيد الشهيد ديدوش مراد، وكلف بن صدوق عمر بتفجير ملعب باريس، كما كان يمقت الحركى مقتا عظيما، وهو من نظم حملة ضد الحركي علي شكال"، هذا واستعرض الصديق المقرب إلى عائلة دماغ العتروس حياة والسيرة الذاتية لفقيد الجزائر العربي دماغ العتروس، حيث قال إن الراحل حفظ القرآن الكريم وهو في سن مبكرة، ثم التحق بالمدرسة الأهلية الفرنسية بالحروش سنة 1929، حيث درس بها ثلاث سنوات ثم انتقل الى تلمسان، وتحصل على الشهادة الابتدائية الفرنسية سنة 1935، انتقل بعدها الى زمورة بغيليزان 1936، وهو تاريخ اندلاع الحرب العالمية الثانية وفي 1941التحق بالتنظيم السري لحزب الشعب الجزائري، وصار يعمل في صحيفة الحزب التي تسمى وقتذاك يقول خالد ب"المغرب العربي" وفي مارس 1948 انتخب العربي دماغ العتروس يضيف المتحدث ذاته نائبا عن دائرة الميلية في المجلس الجزائري عن حركة انتصار الحريات الديمقراطية لمدة ست سنوات، وفي ديسمبر 1954 ادخل سجن سركاجي، وأطلق سراحه نهاية سنة 1955 بشكل مؤقت، ثم سافر الى فرنسا حيث ساهم في نشاط فيدرالية الجبهة في فرنسا، وفي سنة 1957 إلى القاهرة وعمل في نشاط مكتب جبهة التحرير، ثم عين مندوبا للجبهة في سكرتارية التضامن الآسيوي الافريقي فتنقل في مهام سياسية في عدة بلدان افريقية ومثل الجزائر في مؤتمر كتاب آسيا وافريقيا بتشقند باوزبكستان وفي 1958 وهو تاريخ تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة فعمل في وزارة الخارجية مع بوقادوم محمد لمين دباغين، وفي سنة 1960 كان ضمن الوفد الذي ترأسه بن يوسف بن خدة والذي زار عددا هاما من بلدان امريكا اللاتينية واستمر يعمل في مكاتب الجبهة بالعالم، هذا وعين الراحل يقول رابح خالد سنة 1963 سفيرا للجزائر في اندونيسيا وكمبوديا لمدة سبع سنوات، وفي عام1971 تم تعينه سفيرا في يوغسلافيا ورومانيا والبانيا، كما عمل سفيرا سنة 1978 في الباكستان، فيما عين عام 1982 سفيرا بالبنقلاداش وبورما وتايلندا، هذا وانتخب الراحل نائبا بالمجلس الشعبي الوطني في افريل سنة 1987، فوزيرا للثقافة سنة 1991. * وزير الاتصال الأسبق ناصر مهل: الراحل يعد ضمن الصفوف الأولى أثناء الثورة المسلحة وفي هذا الصدد، قال وزير االإتصال الأسبق ناصر مهل، في حديثه ل "الحوار" إن المجاهد الراحل العربي دماغ العتروس شخصية وطنية فذة، ويعد ضمن أبناء الجزائر البررة، قدم لوطنه ما تقدمه الأم لرضيعها، كيف لا يقول غازي وهو الذي يعد ضمن الرعيل الأول الذي أسهم في محاربة الإدارة الاستعمارية من خلال كفاحه ونضاله المستميت وهو في ريعان شبابه، كما كان له الفضل في بناء صرح الجزائر المستقلة، وتطوير دبلوماسياتها، ومثل الجزائر أحسن تمثيل، عاش الراحل العربي دماغ العتروس مدافعا عن اللغة العربية وصون الموروث الثقافي الجزائري، وحين تولى حقيبة وزارة الثقافة فسح المجال لكل من يريد تقديم إضافة للساحة الثقافية الجزائرية، وخير ما أحفظه للمرحوم يضيف غازي قمة تواضعه، وحرصه الشديد على حفظ رسالة الشهيد ودعوته دائما إلى الدفاع عن الجزائر والذود عنها ورفع رايتها بين الأمم، رحم الله المجاهد دماغ العتروس وأسكنه الله جناته العلى. * وزير الشؤون الدينية الأسبق أحمد مراني: المرحوم دماغ العتروس أسس للجزائر المستقلة * من جهته، أشاد وزير الشؤون الدينية الأسبق أحمد مراني بمناقب المجاهد الراحل العربي دماغ العتروس، حيث قال في حقه "أهدى حياته للجزائر مناضلا في صفوف الأولى للثورة وكان عضوا في حركة بناء أسس الجزائر بعد الاستقلال"، وأضاف "صحيح لم أعرفه معرفة شخصية لكن هذا ما سمعته عن الراحل".عبد الرزاق قسوم: كان خزانة من المعلومات من جهته رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم أكد أن الجزائر فقدت أحد أعظم رجالاتها المخلصين بوفاة المجاهد والوزير الأسبق العربي دماغ العتروس، مضيفا أن لحظة توديع الراحل مفعمة بالمعاني التاريخية والدينية، فغياب وجه بارز كدماغ العتروس هو غياب لخزانة من المعلومات والذكريات، كما دعا ذات المتحدث الجيل الصاعد من شباب إلى الاقتداء بالمرحوم من خلال اقتفاء آثاره والسعي نحو التعلم من سيرته الغنية بالمواقف. * خالد مجراب (حفيد الراحل): كان نعم الأب لنا .. أما حفيد الراحل خالد مجراب فقد أثنى كثيرا على خصال المرحوم خاصة طريقة معاملته لأبنائه وأحفاده عندما كان يصر على تلقينهم العلم والأخلاق خاصة، وحسب رواية المتحدت فإن المجاهد العربي دماغ العتروس كان يشجع التعريب كثيرا حيث كان يغضب لو سمع أحد الأبناء يتحدث باللغة الفرنسية. وفي سياق آخر أضاف مجراب قائلا إن الراحل كان رجل الرسميات ويميل إلى الجد بعيدا عن كل أشكال المزاح أو اللهو. المجاهد صالح مجراب (قريب الراحل): كان رجل فكر عظيم في حين أكد قريب الراحل المجاهد عمي صالح مجراب أن العربي دماغ العتروس كان سياسيا عظيما ورجل فكر فذ، يجب أن تستفيد الجزائر منه وتستثمر في فكره من أجل تنشئة جيل متشبع بقيم الوطنية والوفاء للبلاد، مضيفا أن الراحل كان وطنيا حتى النخاع عمل وأبدع في كل المجالات من صحافة إلى ثقافة وفكر وحتى من خلال المناصب التي تقلدها. * العايب علاوة: الراحل كتب اسمه بأحرف من ذهب في حين أكد الأكاديمي العايب علاوة أن العربي دماغ العتروس كان أول من أتى بمصالي الحاج إلى منطقة الحروش بسكيكدة ، مضيفا "كتب أسمه بأحرف من ذهب في سجلات الثورة التحريرية اعتقل وأطلق سراحه سنة 1955 وبعد الاستقلال تقلد العديد من المناصب الدبلوماسية كسفير في أندونيسيا . كما أكد ذات المتحدث أن الراحل كان موسوعة في كل المجالات تاريخيا وسياسيا وحتى ثقافيا وبوفاته فقدت الجزائر رمزا كبيرا. بلقاسم ملاح: كان أبا للجزائريين أما الوزير الأسبق بلقاسم ملاح فقد عزى عائلة المرحوم الذي تتزامن وفاته وذكرى الثورة التحريرية، مضيفا أن أعماله تشهد عليه فهو عرف كسفير وكوزير وككاتب، كما أضاف ذات المتحدث أنه لم يعمل معه لكن من خلال سيرته وعمله الدبلوماسي وأعماله السياسية جاء اليوم لكي يترحم على أب الجزائريين الذي قدم كثيرا إبان الثورة وبعد الاستقلال إلى غاية أن وافته المنية. زهير دماغ العتروس ابن أخ الراحل: هذا ماحدث قبل ثلاثة أيام من رحيله أكد زهير دماغ العتروس ابن أخ المرحوم أن هذا الأخير كان يحب الجزائر حبا غير طبيعي حتى أنه تخلى عن عائلته من أجل القضية الجزائرية, كما روى ذات المتحدث للحوار يوم زار الراحل ووجده يبكي من شدة تأثره للحالة التي وصلت إليها الجزائر، مضيفا في سياق آخر أنه مثقف كبير والجزائر للأسف لم تستفد منه كثيرا, كما صادق العديد من الزعماء في العالم على غرار الهندي جواهر لال نهروا واليوغسلافي جوزيف بروز تيتو ومقربا أيضا من الملك المغربي الراحل الحسن الثاني, وكان أول سفير للجزائر في أندونيسيا, كما عينه الراحل محمد بوضياف كوزير للثقافة وقبل موته بثلاثة أيام دخل المرحوم في غيبوبة, ورغم ذلك لم يفقد ذاكرته. نصيرة سيد علي / مولود صياد / الطاهر. س