عندما تجف الأقلام وتشل الأيادي وتفطر القلوب ويجعز اللسان عن التعبير وتدمع العين ألما وتحفر طريقها وجعا ويهتز صدى الصراخ أرجاء البيوت على فقدان شباب لم تكف لوعة فراقهم فزادهم الفقدان قهرا. هم شباب لم يبلغوا من العمر عتيا اختاروا طريق الجيش لبناء مستقبلهم فاختارتهم طائرة السماء لتحطم أحلامهم وتتحطم معهم، قدر الله وماشاء فعل. إلى كل أم ودعت ابنها بالأمس وقلبها محروق على موعد عودته، التي حضرت حقيبته وصنعت له الحلوى كي تسد جوعه إذا جاع، تحسب الأيام والساعات منتظرة احتضانه، كيف أعزيك يا أمي في مصابك فالله ما أخذ ولله ما أعطى. وآخر في أصبعه خاتم لخطيبة ترك كل شيء لأجل أن يتزوجها وهي التي تنتظر موعد رجوعه لتزف إليه، كيف أعزيك. وآخر له أبناء متفوقون ينتظرون منه بعض الهدايا مكافأة لهم على اجتهادهم وشوقهم لوالدهم أن يطل عليهم لعناقهم، أقسى ما يحرمون منه، كيف أعزيك يا صغيري. الذي وعد أخاه الصغير أن يعود ويأخذه معه للتجوال، كيف أعزيك. اليوم 257 تابوت يلف بالعلم الوطني في داخلها شباب في العشرين والثلاثين، الكثير منهم مازالت أمهاتهم لم ترم حتى الألعاب التي في غرفهم، معظمهم بين الطفولة والشباب لم تنبت لحيتهم بعد، 257 تابوت يلف بالعلم، 200 سيارة تخرج اليوم من 48 ولاية من 48 مقر، 257 جندي يبكون الدم. كيف سيمر رمضان دونكم وكيف سيكون العيد دونكم وكيف ستمر الذكريات وتنسى دونكم. كيف تمر كل لحظة في الحياة لدى عائلاتكم، لا يحس بحرقة الجمر إلا أنتم، ففراق ذويكم صعب أمر تجاوزه دونكم، كان الله في عونكم. ووراء كل شهيد قصة تدمي القلب فكيف سيمر اليوم، وكيف سوف نعزي أهالي الضحايا في محنتهم، يا رب لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف بنا. ربي يرحم جميع شهداء الوطن. نقلا عن صفحته رضوان زين