''اضحك تضحك لك الدنيا''، رغم ما تناشده الأقاويل من عبارات وأحكام تتطلب الابتسام وتنصح الإنسان بالابتسام الدائم، فالضحكة المنبعثة من القلب لها بصمات وآثار علاجية فعالة على جسمك، هذا ما توصل إليه باحثون أمريكيون حول الأسباب الكامنة وراء التأثير العلاجي للضحك، مؤكدين أن الضحك من أنجع العلاجات بتأثيره المفيد على القلب وقدرته على الحد من مخاطر الإصابة بالسكتات. ووجد العلماء في جامعة ''لوما ليندا'' في كاليفورنيا، أن الاستعانة بالبرامج الكوميدية قد تساعد في تقليص مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية، إذ يؤدي الضحك لرفع معدلات الكوليسترول الجيد، الذي يقي القلب من الأمراض. وأكد الدكتور لي بيرك، أن للتفاؤل والأمل والبهجة كالضحك والمرح ''تداخلات سيكولوجية جوهرية''. وطالب الباحثون 20 مريضاً بالسكري، الذي يرفع مخاطر الإصابة بأمراض القلب، ويعانون أيضاً من ارتفاع ضغط الدم ومعدلات الكوليسترول، في الدراسة، التي قدمت في مؤتمر التجارب البيولوجية في نيوأوليانز، اختيار أكثر الأفلام أو البرامج الكوميدية إثارة للضحك، ومشاهدتها لمدة نصف يومً على مدى عام. وأوضح العلماء أن ارتفاع معدلات الكوليسترول الجيد بواقع 26 في المائة بين المجموعة التي وصف لها الضحك كعلاج، فيما ارتفع بواقع 3 في المائة فقط، بين من تعاطوا العقاقير الطبية المعالجة. ولم تقتصر فعالية ''علاج'' الضحك عند الكولسترول فحسب، بل أدت لتدنى معدل بروتين C-reactive المؤذي - الذي يرفع مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية - بنسبة 66 في المائة، مقارنة ب26 في المائة للمجموعة الثانية. ويدعو الباحثون لاستخدام الضحك كعلاج محتمل للمرضى المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب. وكانت دراسة سابقة أجرتها جامعة ميريلاند العام 2005 قد كشفت عن فوائد الضحك وتأثيره على شرايين الدم بتوسيعها أو تمديدها على نحو صحي. كما أفاد باحثون أمريكيون بأن الضحك هو أفضل ''دواء'' للمرضى الذي يعانون من الأمراض المزمنة، لأنه يخفض مستوى الكوليسترول وخطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية. وفي الصدد نفسه، أظهرت دراسة علمية حديثة أن الضحك يحقق المزيد من الفائدة للجسم، باعتباره رياضة حقيقية يمارسها الجسم من الداخل. ويساعد الضحك في وصول الأكسجين للدم بصورة أفضل، كما يؤدى إلى إفراز الهرمونات المثيرة للنشوة، والتي تساعد في التخلص من حالات التوتر والاكتئاب والقلق، كما أن الضحك يقاوم الفيروسات والبكتريا، حيث وجد الباحثون أنه يطيل عمر الفرد أيضاً. كما أكدت دراسة جديدة قام بها فريق من خبراء الصحة الأمريكيين، أن الضحك يريح أعصاب الأطفال ويقلل كثيراً من توترهم العصبي، وله تأثير كبير على كيفية تقبلهم للألم والتعامل معه وتحمله.وأشار الباحثون إلى أن القوة العلاجية للفكاهة والضحك يمكن أن تقلل من الألم، وتحسن أداء جهاز المناعة خصوصاً عند الأطفال الذين يعانون من أمراض خطيرة مثل السرطان أو الايدز أو السكري، والمعرضين لعمليات زرع أعضاء أو نخاع عظام. وأظهرت نتائج الدراسة أن الفكاهة والضحك تعتبر من الأدوات الهامة في العلاج النفسي، والذي يؤثر بدوره على علاج البدن، كما يستخدم في أساليب المعالجات الطبية في الثقافات البشرية المختلفة. وأضاف أحد الباحثين أن مشاهدة الأطفال لأفلام الكرتون الشائعة، ساهمت في زيادة قدرتهم على تحمل الآلام الحادة بشكل أكبر وأفضل، وتقليل انزعاجهم وضيقهم، كما تبين أن مثل هذه الأفلام قد تساعد أيضاً في تحسين حالة الأطفال المصابين بمشكلات نفسية كالقلق والعصبية والعدائية. وأشارت دراسة أخري إلى أن الضحك لمده طويلة يساعد الإنسان على حرق 50 سعراً حرارياً، وهو ما يساعد على حرق الزوائد الموجودة في الجسم. وقام الباحثون الأمريكيون بوضع 45 من الأزواج أمام مشاهد لسلسلة من المواقف المضحكة، فتبين أن حرق السعرات الحرارية لديهم ارتفع أثناء هذه المشاهدة، وهو ما يعادل قطعة مربعة من الشوكولاطه ولكن لمدة تصل الى 15 دقيقة. وينصح العلماء الأمريكيون الذين يرغبون في التخسيس بالبحث عن برامج تلفزيونية ضاحكة لمساعدتهم على عملية إنقاص للوزن. فيما أكد الأطباء على أهمية الضحك والمرح لأنهما يفيدان عقل الإنسان وجسمه معاً، حيث أوضحوا أن الضحك يحرك الرئتين وكل أجزاء الجهاز التنفسي ويزيد من نسبة الأكسجين في الدم وينظم ضغط الدم ويساعد علي الهضم ويعالج العصبية ويقلل من آثار الضغوط النفسية، كما أنه يساعد علي الاسترخاء. وأوضح الباحثون أن ممارسة الضحك باستمرار يعطي نفس تأثير تناول المخدرات، مؤكدين أن الضحك المرتبط بالجزء الأيسر للمخ يجعل الجسم يفرز هرمون ''الدوبامين'' المسؤول عن الشعور بالنشوة، موضحين أن أصحاب المزاج يمكنهم الاستغناء عن المخدرات بواسطة الضحك والفرفشة.