بين أمس وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أن الشهور القادمة ستكون حاسمة للدبلوماسية الجزائرية الساعية إلى تعزيز تواجدها في الساحة الدولية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الجزائر اليوم عضو في الاتحاد المتوسطي ، وأنها لن تقبل بما ارتكبته آلة الحرب الصهيونية في غزة، ومبينا أن علاقات الجزائر بباريس جد قوية، وهي تنتظر منها معالجة صلب ملف تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية وليس هوامشه، وأن الموضوع يتجاوز مسألة التعويض . وأبرز مدلسي خلال تدخله على أمواج القناة الإذاعية الأولى أجندة المواعيد الدولية التي تنتظر الجزائر تكريسا لعودتها إلى الساحة الدولية ، حيث أشار إلى لقاء في 16 من الشهر الجاري بلوكسمبورغ سيجمع الطرف الجزائري بنظيره الأوروبي لتقييم ما وصل إليه اتفاق الشراكة الموقع بينهما، مبينا أن ذلك لن يكون للعودة إلى الوراء إنما للدفع بهذا التعاون إلى الأمام من خلال طرح الملاحظات التي تراها الجزائر ومنها ضعف الاستثمار الأوربي، لأنه لا يمكن تطوير الشراكة الاقتصادية دون وجود استثمار ،إضافة إلى أن الجزائر تطالب تغيير آلية التعاون المالي. وينتظر الجزائر اجتماع وزراء الخارجية العرب في 17 جوان القادم، إضافة إلى أن شهر جويلية سيكون هو الآخر موعدا لاجتماع قادة الاتحاد الإفريقي بليبيا ، ولقادة دول منظمة عدم الانحياز بشرم الشيخ المصرية ، في حين أن آخر أجندة للجزائر هذه السنة ستكون في قمة كوبنهاغن للمناخ في شهر ديسمبر المقبل، حسبما جاء على لسان الوزير. ولدى تطرقه إلى موضوع الإتحاد من اجل المتوسط، أكد ممثل الدبلوماسية الجزائرية أن الجزائر تعتبر عضوا في هذا الاتحاد، وليست طرفا خارجا عنه، وقد دخلته بكل مسؤولية، لأنه بني على أساس مشاريع واقعية، إلا أنه لها اليوم تحفظات بخصوص العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، من منطلق ''أن دولة عضو تعدت على دولة عضو في الإتحاد''، آمرا الكيان العبري بتغيير موقفه لتمكين الأمانة العامة للاتحاد المتوسطي من أداء مهامها. ووصف مدلسي العلاقات الجزائرية-الفرنسية ب ''القوية جدا''، مشيرا إلى وجود إرادة حقيقية لترقية التعاون بين البلدين إلى مستوى أفضل، ومبديا حرصه على أهمية ''توضيح الأمور المتعلقة بالذاكرة'' ،خاصة وان العلاقات بين البلدين إستراتيجية، على حد قول الوزير الذي بين أنه ستتاح فرص في الأشهر القادمة ''على أعلى المستويات'' لتكريس هذا المسعى. وشدد وزير الشؤون الخارجية على التوضيح أن موضوع التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية يجب أن يناقش في صلبه وليس في الجوانب الهامشية منه، مبينا أن القضية ''تتجاوز بكثير مسألة التعويضات المادية''، إنما تتعلق ب ''تقييم شامل حول التأثيرات السلبية على الإنسان والبيئة والمحيط''، مشيرا إلى أن مقترح القانون الفرنسي لا يغطي هذه الجوانب، وكاشفا في الإطار ذاته أن الطرف الجزائري كان قد أبلغ وجهة نظره للفرنسيين الذين قبلوا هذا المبدأ القاضي بتقييم التأثير السلبي، لما جرى في منطقة رقان واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الظروف. وبخصوص العلاقات الجزائريةالأمريكية ، قال مدلسي إن حجم التبادل التجاري يفوق 20 مليار دولار، وهناك تطور في هذا الجانب، أما بخصوص العلاقات السياسية فتتركز في الأساس -حسبه- في قضية الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن خطاب أوباما الأخير مشجع وهو يتوافق مع الرؤية الجزائرية حول تطبيق المبادرة العربية للسلام، إلا أن المطلوب يبقى أن تنسجم إسرائيل مع هذه الرؤية . قال إن علاقات الجزائر مع المغرب طيبة مدلسي: ''اتحاد المغرب العربي أكبر من أن يختصر في فتح الحدود والتجارة'' أكد أمس وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي أن بناء اتحاد المغرب العربي لا يمكن تلخيصه في فتح الحدود، والتجارة بين دول المنطقة، مضيفا أن علاقات الجزائر بالمغرب طيبة، ماعدا ما تعلق برؤى حل قضية الصحراء الغربية. وبيّن مدلسي خلال نزوله ضيفا على حصة '' تحولات '' للقناة الإذاعية الأولى أن الاتحاد المغاربي بأهدافه الاقتصادية والاجتماعية يجب أن يكون انسجاما بين قطبين، احدهما يرى أن التكتل المغاربي يتلخص في فتح الحدود وفتح التجارة البينية، فيصبح كل شيء ممكن، ورأي ثان تتبناه الجزائر يؤكد أن بناء المغرب العربي يكون بانسجام كافة السياسات الاقتصادية لبلدان المنطقة سواء داخليا أو مع الشركاء الآخرين، وفق أطر وأسس واضحة، حسبما أبرز الوزير الذي قال إن فتح التبادل التجاري بين دول المنطقة قائم مادامت كل الدول قد انضمت إلى المنطقة العربية للتبادل الحر. وجدد رئيس الدبلوماسية الجزائرية تأكيده أن علاقات بلادنا بالمغرب الشقيق طيبة، مشيرا في ذلك إلى تبادل الزيارات بين وفدي البلدين، وهو ما تم ملاحظته خلال الطبعة ال42 لمعرض الجزائر الدولي، الذي كان فرصة لعقد شراكة اقتصادية بين ممثلي الدولتين، إلا أن الوزير كان في منتهى الصراحة عندما قال أن الاختلاف بين الرباطوالجزائر لا يتعدى ''القوس'' الخاص بالصحراء الغربية، والذي يفتح في أطر معينة، في إشارة منه إلى أن هذه القضية تناقش في إطارها الأممي . وفي السياق ذاته، قال الوزير أن الجزائر لها ثقة في المبعوث الأممي للصحراء الغربية، كريستوفر روس في أن يبعث بالملف إلى بر الأمان، مبرزا أن الجزائر تراهن على أن تجد هذه القضية حلا في المستقبل، من خلال اعتماد العقلانية والأخوية مع الشعبين المغربي والصحراوي، وكذا عن طريق تطبيق العدل الدولي.