أهدى إلي أحد الأصدقاء -مشكورا- قرصا يحتوي على فيلم الممثل والمخرج الأمريكي ميل غيبسون Mel Gibszon بعنوان ''آلام المسيح The passion of Christ. وقد كانت فكرة الفيلم الأساسية تدور حول ترسيخ وتكريس فكرة إعدام المسيح عليه السلام بعد تعذيبه وصلبه من قبل جنود الملك الروماني بإيعاز من رجال الدين اليهودي وتحت إشرافهم، وأن هذا الصلب والتعذيب رضي به أبو المسيح الرب لكي يمحو به خطايا البشر. والحقيقة أن طريقة إخراج هذا الفيلم كانت جيدة وخادمة للفكرة السابقة, بحيث يحس المتابع لأطواره أن القصة حقيقية، وربما أدى به الأمر إلى البكاء وذرف الدموع حزنا وكمدا على ما آل إليه أمر المسيح ''ابن الرب كما يدعون'' خاصة إن كان المتابع من المسيحيين أو من المسلمين الذين لا يملكون عقيدة قوية في المسيح عليه السلام، وما أكثر المسلمين المولعون بالأفلام الأمريكية والأجنبية التي تؤثر سلبا على عقيدتهم وتدينهم وهم لا يشعرون، حتى إن بعضهم يتعاطف أو يبكي من أجل فتاة بغي تحمل صليبا على صدرها، لأن أحداث الفيلم تظهرها في صورة الفتاة المظلومة التي تعرضت للظلم الشديد، فيؤدي ذلك بالمشاهد المسلم إلى إظهار الولاء لها والشفقة عليها وعلى غيرها من الممثلات والممثلين الذين هم في الحقيقة شياطين للإنس يوحون إلى المفتونين بهم زخرف القول ليضلوهم ويردوهم ويلبسوا عليهم دينهم. في نهاية هذا الفيلم، وبعد أن تم صلب من يعتقدون أنه المسيح وتسمير يديه على الخشبة، نجد المخرج المسيحي ميل غيبسون يركز على الحوار الأخير بين المسيح وإثنين من أتباعه صلبوا معه وكبير رجال الدين اليهود، حيث اختار المخرج ألفاظ الحوار بدقة مقصودة ليخدم فكرة الخلاص التي يؤمن بها المسيحيون، وهي أن آلام المسيح جاءت قصدا لمحو آثام وخطايا الناس وما أتفهها من فكرة وما أضلها من عقيدة! فيقول أحد المصلوبين معه -وهو الذي فقد إيمانه بالمسيح بعد أن كان من أتباعه-: ''إذا كنت إبنا للرب فلماذا لا تخلص نفسك مما أنت فيه؟'' ولكن المسيح يبقى صامتا ولا يرد عليه ثم يخاطبه كبير رجال الدين مستهزئا به: ''لقد قلت أنه باستطاعتك تدمير الهيكل وإعادة بنائه في مدة ثلاثة أيام فكيف تستطيع فعل ذلك وأنت إلى الآن مصلوب، أهذا هو المسيح؟.... وهنا يتكلم المسيح قائلا: ''سامحهم يا أبي'' وهو يقصد بالأب الرب عز وجل ''إنهم لا يعرفون ما الذي يفعلونه'' ثم يتكلم المصلوب المؤمن الثابت مع المسيح قائلا لكبير رجال الدين: ''اسمع، إنه يصلي من أجلكم'' ثم يعلن ثباته مع المسيح الذي بشره بالجنة أما المصلوب الآخر الذي فقد إيمانه بالمسيح فقد ضحك من هذا الكلام والبشرى باللقاء في الجنة استهزاء، فجاء الغراب ووقف على رأسه وفقأ عينه وأخذ ينقر رأسه والدم يسيل منه حتى أبعده أحد الجنود، ولكنه مع ذلك لم يتعض فصاح بأعلى صوته: ''أنت لست يسوع'' وما شفعت له هذه الردة عند الجلادين وسدنة الهيكل، وهنا يتكلم مسيحهم ويقول: ''إلهي، لم تخليت عني؟'' ثم يجيب على نفسه: ''إنه متواطئ؟'' تعبيرا عن مشيئة الرب لهذا العذاب It is accomplished ثم يقول آخر عبارة له: ''أبي ها أنا أسلم روحي بين يديك'' Father, into your hands...I commend...my spirit ثم يلفظ أنفاسه فتهتز الأرض ويتحطم الهيكل ويخلوا الكفن شيئا فشيئا من جسد المسيح الذي يظهر من جديد مطهرا من دمائه لا أثر للسياط على جسده، بيد أن يده بقيت مثقوبة من أثر المسمار الذي ثبت به على الخشبة ثم انتصب قائما وعاريا من ثيابه وانطلق ماشيا، وهنا انتهى الفيلم ولكن الوهم بقي ساريا. إن أحداث هذا الفيلم كلها كذب وبهتان في حق المسيح عليه السلام، روج لها أرباب المسيحية المحرفة ليدفعوا الناس إلى ارتكاب الآثام والكفر بالله عز وجل، بحجة أن المسيح قد تحمل ذنوب من سبقه ومن لحق به من الأتباع، وقد قرأت على شبكة الأنترنيت بعض التصريحات التي أدلى بها شباب جزائريون ومغاربة كانوا مسلمين ثم انتقلوا إلى المسيحية وعبادة الصليب بعد أن اعجبوا واقتنعوا كما يدعون بفكرة الخلاص وتحمل المسيح لخطايا وذنوب أتباعه، وأنهم كانوا على خطإ حين كانوا مسلمين بعيدين عن الدين الحقيقي حسب زعمهم!! بل وصاروا يدعون من يقرأ كلامهم أن يفعل مثلهم ويلتحق بركبهم ''في نار جهنم طبعا''!؟ ولو رحنا نتتبع أسباب ردة هؤلاء لوجدناها في ضعف عقيدتهم وتدينهم، مع وجود أمثال هذا الفيلم الذي يروج للزيغ والضلال بطرق إبليسية مؤثرة، إن عقيدتنا في المسيح عليه السلام مستمدة من القرآن الكريم الذي أخبرنا بأنه عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء، فحملته من غير أب ليكون ميلاده معجزة في حد ذاته، وأنه ما ادعى يوما ولا أمه أنه إبن لله عز وجل، كما أنه ما قتل ولا صلب ولكن توفاه الله عز وجل ورفعه إليه، وأما الذي صلبوه فهو شخص يشبهه أرسله الله إليهم ليجعل ذلك فتنة وامتحانا لأتباعه والناس من بعدهم، ولو شاء الله عز وجل أن يرفع المسيح دون أن يرسل إليهم من يشبهه لفعل، ولكن حكمته ما اقتضت ذلك قال الله عز و جل: ''وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما. لقد كتبت هذا الموضوع لأذكر الشباب المسلم المعجب بالأفلام الغربية الصليبية بأن هذه الأفلام فيها من السم أضعاف ما تحمله من المتعة والإثارة، لذلك وجب الحذر منها أو مقاطعتها وعدم مشاهدتها أصلا، لأن الأمر كما قال ربنا عز وجل: ''ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم'' وهم لا يدخرون أي جهد في سبيل ذلك ولا يتركون طريقة أو وسيلة تحقق لهم ذلك إلا سلكوها ووظفوها فهلا انتبهنا.