من مخابر الصيدلة استخلص كلمات عوض الأدوية .. نسج منها حكاية السواد .. وسكب عليها قطرات من إكسير الزمن الهارب فأينعت نصوصا عبقة المعاني معطرة الأبعاد .. متخذا من التقاليد الشفوية الإفريقية مصدر الهام وحكي .. شغف بليالي السمر وفتن بزينوبة ..زينوبة المصابة بالغرام .. تقفى حكايتها وعرف سرها .. دلته إليها رائحة المسك المنبعثة منها .. وقاده إليها ذاك العرف المنساب من قوامها '' .. تحرقت زينوبة شوقا لملاقاة عشيقها فصبت عصارة مكرها في أنبوب كذبها ومزجتها مع قطرات من افتراءاتها لتخرج بكذبة راحت تجري بها لتزفها إلى أمها: لقد بعث '' أبو'' يطلبني وعلي أن أذهب إليه حالا. أنت تعرفين أن أباك لا يريدك أن تخرجي من الدار بعد الظهر، ومادام هو الآن خارج الدار أرجوك ألا تفعلي شيئا يمس بسمعة عائلتك اسرعت زينوبة إلى البيت في الحين فغسلت رجليها ويديها ولبست أحسن ملابسها وتوجهت إلى بيت المعلم شيخو .. كان في بيته وهو الرجل ذو المكانة الاجتماعية المرموقة وصاحب الجاه والأموال رجال كثيرون وما ان ومقها من بعيد حتى أمر أحد خدامه بمرافقتها إلى الغرفة السابعة بالدار ، لقد غمرته السعادة للقائها فترك كبار القوم الذين جاءوا لزيارته وراحو الى الغرفة السابعة .. نهض احد الرجال الحاضرين من مكانه حالا واسرع الى ابو : رأيت خطيبتك في دار المعلم شيخو الغني .. رحب المعلم شيخو بالفتاة واخبرها بأنها قد متيم بها ملتاع بحبها واقع في غرامها .. قال لها شيخو : أريدك زوجة لي ضحكت زينوبة وردت عليه : مسالة الزواج لا يمكن أن تطرح بيننا هكذا .. ''لا تنسي يا زينوبة أن ''أبو'' رجل فقير لو تزوجتني فسوف تعيشبت معي في أحسن حال وكذلك اهلك سوف يحصلون على كل ما يريدون من المال .. لم يحتج أهلي يوما إلى مالك .. فلا تقل هذا..أرجوك كل فضل هو من عند الله لقد انعم عليك بالمال ،لكن من الناس من يزهدون في ذلك ولا يأبهون به إطلاقا لأنكم انتم معشر الأغنياء لا تعنون شيئا في حياتهم .. تألم المعلم شيخو لقولها وما لمسه منها من احتقار له ولأمواله.. نظر إليها بإمعان ثم تذكر العطر الذي حضره له المعلم ''سمبو'' فقال لها : خذي هذا .. لا ترفضيه مني أرجوك .. هو فقط وليس نقودا فمن العار أن تزوري شخصا في مقام المعلم شيخو وتعودين فارغة اليدين . تغير مزاج زينوبة من سحر العطر فأخذته منه وقفلت عائدة الى الدار .. ولحسن حظها لم يكن أبوها قد عاد إلى الدار،ولكنها علمت أ أبو طلبها أثناء غيابها ثم انصرف دون أن يراها .؟ زينوبة لم تخبر أمها عن المكان الذي ذهبت اله ، وادعت أنها ذهبت عند إحدى قريباتها وأهدتها ذاك العطر ، فرحت الأم لمرآه وراحت تضمخ به وجهها وكفيها .. وإذا بها تبدي لها مواغفتها على زواجها بشيخو وتخبرها بأنه بعث اليها طالبا يدها .. ''لم تتردد زينوبة في ابداء موافقته ورغبتها في الاقتران بالمعلم شيخو : هو رجل بعرف كبف يحصل على ما يريد لكنها خائفة من ردة فعل أبيها . ابتهج شيخو لقوة وسرعة مففعول المسك الذي أهداه لزينوبة .. كان مفعوله مثل السحرعلى زينوبة وامها .. ولكنه لم يؤثر على موقف الأب الذي يفضل تزويج ابنته لخطيبها السابق .. لم تنصع زينوبة ولا حتى بالجلد الذي لقيته من أبيها .. ولكن ''ابو'' تدخل وتوقف عن جلد ابنته وعاد ''أبو'' إلى البيت واخبر أبويه بالقصة .. عندها قالت له أمه : ألم نحذرك مرارا من أن هذه الفتاة لن تتزوجك .. كان الهيام يعمي بصيرتك .. قرر أبو الهجرة لأنه لا يتحمل رؤية حبيبته تزف إلى رجل آخر .. وكان للمعلم شيخو ما أراد، وأغدق على زينوبة بالهدايا وأغرق أهلها بالعطايا ورزق منها بالبنين والبنات وبقي ابو يكابد قدره متنقلا من بر إلى بر إلى أن أدركه الكبر وعاد إلى الى قريته ليجد أولاد زينوبة وشيخو شبابا يانعين .. القصة جرت أحداثها في منطقة نائية بعيدة الا ان العادات والتقاليد والذهنيات في كل مكان وزمان لها نفس الثوابت ونفس الدلائل .. الحب هو الحب والمكر هو المكر والإنسان هو الإنسان حيثما كان إنها شراكة إنسانية راسخة ندى الأزمنة ومدى العصور ..