عاش عشاق كاميرا المخرج الجزائري المغترب مرزاق علواش، عشية أول أمس، على وقع أحداث فيلمه ''الحراقة'' في أول عرض لهذا العمل. ويندرج العمل السينمائي الجديد لمرزاق علواش ضمن اهتمام عدسته بقضايا الشباب الجزائري، حيث يصور الفيلم واحدة من أخطر الظواهر الاجتماعية التي ألمت بالشباب الجزائري المهوس بالبحث عن حياة أفضل في ما وراء البحار والتي تكون نهايتها انتحارا جماعيا. تتقفى أحداث العمل أثر عدد من الشباب الجزائري الذي تسلل إلى أوروبا عن طريق البحر تحت وطأة الواقع الضاغط في الجزائر والأفق المسدود وغياب الفرص، بعد أن يحرقوا أوراقهم الثبوتية كي لا يتعرف إليهم أحد، منطلقين في مغامرة العبور إلى الجانب الآخر غير آبهين باحتمالات الفشل والتي غالبا ما تكون لهم في المرصاد. ومع هذا يبقى شعاع الأمل على ضآلته أقوى، ففي الحالتين المصير واحد بين السجن خلف القضبان، والسجن خلف حدود وطن يدفع أبناءه إلى المجهول، أو هذا على الأقل ما يوحي به كلام إحدى شخصيات هذا الفيلم الذي يدور في مدينة مستغانم حول 10 شبان في رحلة العبور إلى اسبانيا. مغامرة سيكون مصيرها الفشل بعد أن يموت بعضهم إثر مشادات شخصية، ويُلقى القبض على البعض الآخر عند الحدود. ويستعين علواش بتجربته في هذا الفيلم حين أعلن ان التصوير سيتم بين الجزائروفرنسا، عندها تدفقت مئات الطلبات على المشرفين على الكاستينغ، وعينهم طبعا على فرنسا. ''حين اخترت الممثلين، قلت لهم عليكم أن تعطوني كلمتكم أنكم لن تغادروا الفيلم ما إن تطأ أقدامكم الأرض الفرنسية. وبالفعل عمل الجميع في الفيلم حتى النهاية. ولكن لم يعودوا جميعهم إلى الوطن، إنما فضّل اثنان منهم البقاء في أرض الأحلام''. وفي الرحلة إلى أرض الأحلام، رسم مرزاق علواش موزاييكا للمجتمع الجزائري. فالشبان العشرة لا ينتمون إلى البيئة الاجتماعية ذاتها، منهم الجامعي، ومنهم الريفي، ومنهم الملتحي. نماذج وضعها علواش في هذه الرحلة جنبا إلى جنب ليقول إن هذا التوق لعبور حدود الوطن توق واحد عند شباب الجزائر، فهو من أول المخرجين الجزائريين الذين التفتوا إلى هموم هذه الشريحة الكبيرة في الجزائر في فيلمه الأول ''عمر قاتلتو'' حين صوّر آثار البطالة وأزمة العيش عند الشباب. واليوم يعود في ''حراقة'' إلى محاكاة هموم الشباب من خلال مناقشة موضوع حيوي يصادف أي شاب جزائري، ويغوص في إشكالية مستمدة من راهن الجزائر الهجرة غير الشرعية.