صعّدت المخابرات المغربية تحركاتها المعادية للجزائر في الآونة الأخيرة ليس فقط بالأقوال، وهذا من خلال التصريحات التي أوعز بها مدير المخابرات الخارجية الجنرال ياسين المنصوري لوزير الخارجية المغربي والتي أدلى بها من قصر رئاسة الحكومة الفرنسية في باريس، والتي اتهم فيها الجزائر بشراء أسلحة لجبهة البوليساريو. جاء هذا التصعيد أيضا حسب البعض في انخراط هذه الأخيرة في استثمار الوضع ميدانيا على عدد من الملفات التي يحاول بها الطرف المغربي ابتزاز الجزائر ومنها خرجة المغني فرحات مهني لضرب الوحدة الوطنية، بالإضافة إلى تأكيد جهات على تورط الاستخبارات المغربية في تدعيم التنظيمات المرتبطة بما يعرف ''بتنظيم القاعدة في دول الساحل والصحراء'' لمحاولة توجيه الأنظار إلى القضية الصحراوية وهو أسلوب استراتيجي تعتمده إسرائيل في الكثير من المرات يعتمد على إشعال بؤرة أخرى لتغييب الأنظار عن القضية المركزية. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تعول فيه الكثير من الأطراف على هذا التوقيت الذي انخرط فيه الطرف الصحراوي من أجل إيجاد حل لمعاناة الشعب الصحراوي المشرد في اللجوء وجزئه الآخر الموضوع تحت الحصار اليومي وإطلاق يد أجهزة البوليس السري والدرك والجيش الملكي ضد المواطنين العزل الذين حرموا حتى من إقامة صلاة الغائب نهار أمس على روح رئيس البرلمان الصحراوي المحفوظ علي بيبا الذي وافته المنية يوم الجمعة الماضي. وكان رئيس الحكومة المغربي عباس الفاسي قد حمل بشدة الجزائر واتهمها بأنها تفضّل شراء السلاح بدل الاهتمام برفاهية شعبها. وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده الفاسي مع رئيس الحكومة الفرنسي فرانسوا فيون، في اختتام الاجتماع الفرنسي - المغربي الرفيع العاشر الذي عُقد في مقر رئاسة الحكومة الفرنسية وتخلله توقيع اتفاقات عدة. ونقلت صحيفة ''الحياة'' اللندنية عن الفاسي قوله رداً على سؤال حول الصحراء الغربية: ''إن الجزائر تعتمد حيال هذا الموضوع موقفاً جامداً لا يتغيّر، في حين أن المطلوب هو إيجاد حل سياسي عادل يحفظ علاقات الصداقة والأخوة مع الجزائر من أجل بناء المغرب العربي''. وأضاف ''أن الحدود المشتركة بين المغرب والجزائر مغلقة منذ عام ,1995 فكيف يمكن إنشاء مغرب عربي يشمل كل شعوبه في ظل حدود مغلقة''. واتهم الجزائر بتركيز اهتمامها على شراء السلاح لمصلحة جبهة ''بوليساريو'' التي تسعى إلى استقلال الصحراء الغربية. وفي معرض رده على السؤال نفسه، قال فيون إن تسوية موضوع الصحراء الغربية ينطوي على أهمية مطلقة، وإن الإبقاء على الوضع الراهن ليس هدفاً يساعد على التطور والأمن في المنطقة. ومن جهته عبّر رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا فيون عن دعمه اقتراح المغرب حول الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، مشيراً إلى أن هذا الاقتراح يبدو بمثابة أساس ملائم للخروج من المأزق الحالي. من جانبها أكدت مصادر على دراية بالملف أن المغرب يحاول ككل مرة توجيه أنظار الشعب الفقير بخلق عدو خارجي يعلق عليه كافة المشاكل الداخلية، مستفيدا بذلك بتوحد المغاربة حول ما يسمى ''بوحدة الأراضي'' وهي الشماعة التي كثيرا ما استعملها الملك الراحل الحسن الثاني للبقاء أطول مدة في الحكم.