قررت وزارة الصيد وتربية المائيات منع استعمال الصناديق الخشبية لتعبئة المنتجات السمكية وضرورة تعويضها بأخرى بلاستيكية، وأعطت مهلة 6 أشهر للصيادين للتكيف مع مقتضيات هذه الإجراءات التي قيل إنها لحماية المستهلكين. وكان يمكن أن يكون لهذا القرار الترحيب المطلوب لو أن الوزارة فكرت في أسعار السمك وتقريبها للمواطن بمثل ما فكرت في القوالب التي تعلب فيها الأسماك. إذ تجمع ردود فعل الشارع أن مثل هذا القرار لا يختلف في شيء عمن يريد وضع الأحصنة وراء العربة، بحيث كان من المفروض أن يتم توفير المنتجات البحرية بالكمية المطلوبة وبالسعر المقبول قبل الانتقال إلى البحث عن مستوى الخدمة المقدمة من طرف الصيادين في عرض منتجهم السمكي. فالجزائري الذي يتناول أقل من 6 كلغ سنويا من السمك، وتوقع الوصول إلى 8 كلغ في مطلع ,2025 لا يزال بعيدا كلية عن المعايير العالمية، وهو ما يعني أن معركة الكم وليس الكيف لم تصل إليها وزارة الصيد، فكيف تنتقل إلى التفكير في تغيير الصناديق الخشبية بأخرى بلاستيكية قد لا تجد عند صناعتها السمك الذي تضعه فيها. نقول ذلك لأن مقارنة بسيطة مع الجار المغربي تفيد أن الجزائر جد متأخرة في هذا المجال، لكون المعدل السنوي للإنتاج في الجزائر لا يتجاوز ال 187 ألف طن في الوقت الذي يصل فيه الإنتاج في المغرب حدود 1 مليون طن سنويا، رغم أن طول الشريط الساحلي الجزائري لا يختلف كثيرا عما هو في المغرب. ويكون فشل الوزارة في بلوغ الهدف الذي سطرته والرامي إلى مستوى إنتاج يعادل 274 ألف طن سنويا وراء هرولتها باتجاه التفكير حول الصناديق البلاستيكية والتخلي عن الصناديق الخشبية التي ورثها الصيادون أبا عن جد قبل الاستقلال وبعده. شيء جميل أن تفكر الوزارة في تحسين المنتوج السمكي من خلال رفع جودة تقديمه وعرضه للمستهلكين في الأسواق الداخلية والخارجية، لكن الأجمل من ذلك كله هو السهر على إيصال المنتجات البحرية والسمكية إلى المواطنين بأسعار تتناسب مع قدراتهم الشرائية وليس مثلما هو عليه الأمر اليوم، حيث تحول السردين من منتوج للزوالية إلى شبيه ب ''الكفيار'' لا يقدر على ثمنه أغلبية الجزائريين.