يعد القمل من الحشرات الطفيلية التي تعيش على الجلد وفروة الرأس لتعشش فيها، باعتبار أنه المكان الذي تتكاثر فيه، ولأن الإصابة بالقمل من الأمراض المعدية وسريعة الانتقال من شخص إلى آخر، خاصة أولئك الذين لا يولون اهتماما لهذه الحشرات، تعد فئة الأطفال أكثر الفئات عرضة لمثل هذا المرض، خاصة منهم المتمدرسين، نتيجة للاحتكاك فيما بينهم لأوقات طويلة، مما يسهل انتقال العدوى من طفل إلى آخر في ظرف قياسي، مما يسبب حكة شديدة على مستوى الرأس في الغالب قد يتسبب في الإصابة ببعض الأمراض الجلدية كالإيكزيما. يعد الأطفال دون العاشرة من أكثر الفئات شغفا باللعب وبالتالي احتكاكا فيما بينهم لمدة من الزمن يفجرون فيها كل طاقتهم، ويشبعون رغبتهم في اللهو مع أقرانهم. لكن الوقت الذي يستمتع فيه الأطفال بالترويح عن أنفسهم، قد يكون سببا في إصابتهم ببعض الأمراض المعدية أو الحشرات الضارة، التي تنجم عن ذلك الاحتكاك لقضائهم ساعات مع بعضهم البعض في اللعب بالأوساخ في بعض الأحيان، أو لمس بعض الحيوانات التي تجوب الشوارع كالقطط والكلاب. ومن بين الأمراض المعدية التي تنتشر في أوساط الصغار أثناء انشغالهم باللعب، الإصابة بالقمل وهي الحشرات التي تجد مكانا للتعشيش والتكاثر في منطقة الرأس، خاصة وأنه المرض الذي أصبح في هذه السنوات الأخيرة ينتشر كثيرا في الأوساط المدرسية بين التلاميذ لعدم إعلان المصاب عن مرضه، خجلا من زملائه، ولهذا وجب الأخذ بعض الاحتياطات بعين الاعتبار عن طريق تجنب التقرب من الطفل المصاب. وللحديث عن هذا الموضوع وإثرائه اقتربنا من بعض الأولياء الذين عانى أبناؤهم من القمل، والذين هم في الغالب أطفال يدرسون في الطور الابتدائي أو في الروضة تتراوح أعمارهم بين 04 و10 سنوات نتيجة عدم إدراكهم للقمل، تلك الحشرات الطفيلية التي يشبهونها في كثير من الأحيان بالنمل. حديثنا مع هؤلاء الأولياء جعلهم يطلعوننا على بعض التقنيات للتعامل في مثل هذه الحالات، خاصة وأن هذا المرض الذي يؤدي في الغالب للتعرض إلى بعض الأمراض الجلدية كالايكزيما وبعض البثور على الرأس، نتيجة الحكة الشديدة في المنطقة المصابة بالوخز الذي تسببت فيه هذه الحشرة، فالقمل حشرة لها ثلاثة أزواج من الأرجل القوية المنتهية بمخالب حيث تضع الأنثى حوالي ''150-300 بيضة'' وبذلك تقوم الأنثى بإلصاق بيضها على شعر فروة الرأس. وفي بعض الحالات تلتصق على الملابس الداخلية، والأخطر عند الإصابة بالقمل أنه يمتص الدم كل ساعتين أو ثلاث ساعات، لكونه حشرة طفيلية تتغذى على دم الإنسان. وانتشار القمل يكون بصورة سريعة عند الأطفال، خاصة في الأوساط المدرسية والفتيات ذوات الشعر الطويل. حيث ينتقل من شخص لآخر بمجرد الاحتكاك. ويزيد من انتشاره غياب النظافة خاصة وتردي الظروف الصحية الشخصية والعيش في وسط مغلق، إذ ليس من النادر أن ينتقل بين المتمدرسين داخل المدرسة، ولأن القمل يبحث دائما عن الأماكن الدافئة للتكاثر. ونادراً ما تصاب الحواجب والأهداب عند الأطفال الصغار، فتكون فروة الرأس هي المكان الملائم لتكاثرها في ظرف قياسي، وعد شعر الرأس والمنطقة الخلفية للأذنين منطقة انتقائية للقملة، أين تعيش وتريد التعشيش وهي غالباً أكثر أماكن الإصابة، لذلك تقول السيدة نعيمة ''تظهر بعد عدة أيام من الإصابة بثور تأخذ اللون الأحمر الداكن ترافقها حكة شديدة، وكثيراً ما ينتج عنها نوع من الأمراض الجلدية كالاكزيما، وبذلك تعد الناحية الخلفية للعنق المنطقة التي يترعرع فيها القمل، حيث يؤدي الحك والخدش إلى حدوث تعفن جرثومي إضافة إلى إمكانية إصابة الشعر بكامله بقشور بيضاء كثيفة، وهذا ما يسبب التهاباً على جلد الرأس، وهو ما دفع بالسيدة نعيمة إلى حلق شعر ابنتها وردة نتيجة إصابتها بالقمل لانتشاره بسرعة كبيرة بعد أن أصيبت به عن طريق العدوى من إحدى زميلتها التي كانت تدرس معها في قسم واحد. ولذا فإن التشخيص المبكر يحمي الطفل من الإصابة بمضاعفات المرض ويساعد على تجنب مثل هذه الأعراض بالتأكد من رؤية ''الصيبان'' الذي يلتصق بالشعر وهو بيض القمل الذي يجب إزالته بسرعة بالأدوية الخاصة بذلك والتركيز على منطقة ما خلف الأذنين والمناطق التي يشكو فيها الطفل من حكة شديدة قبل أن يسبب القمل في المنطقة المصابة بثورا على فروة الرأس أو على الجهة الخلفية للرقبة. أما فيما يخص العلاج فتقول الطبيبة العامة السيدة الهاشمي، عاملة في أحد المستوصفات بالعاصمة ''يجب على الأم التي تلاحظ مثل هذه الأعراض على ابنها أن تباشر بعلاجه لتخليصه من هذا المرض وذلك بقتل ''الصيبان''، بالإضافة إلى القضاء على البيض. والعلاج يكون عموما على الطريقة الجزائرية بفصل خصلات الشعر عن طريق مشط وقتل ''الصيبان'' بإفراغ مستحضر خاص بذلك على كامل فروة الرأس ويترك لمدة 12 إلى 24 ساعة من الأفضل، ثم يغسل بعدها بالشامبو وتتوفرعدة أنواع من الشامبو لهذا الغرض. كما يمكن استعمال قاتلات القمل الأخرى. في حين تقول السيدة فهيمة إن هناك من يعتمد على محلول الخل للقضاء عليه، وبذلك يجب إخضاع كل أفراد العائلة الذين احتكوا بالمريض بعدم استعمال نفس الفراش أو الوسادة والقابعات، كما يجب أخذ الثياب أيضا بعين الاعتبار، إلا أن ما هو معلوم أن انتشار القمل يكثر في الأوساط الاجتماعية التي يكثر فيها العفن فهو كثير الانتشار عند المتسولين والمتشردين، وأيضا من خلال ملامسة القطط أو الكلاب التي تكون حاملة لمثل هذه الحشرات والتي هي سريعة الانتقال من شخص إلى آخر، ولهذا هناك من يعتمد على طريقة رش الثياب والفراش بمبيد للحشرات لقتلها إن استلزم الأمر. ''.. للتخلص من قمل الرأس'' بعد انتقال العدوى بين الأطفال وجب العلاج باعتبار أن القمل واحد من أصعب الأمراض التي يمكن علاجها بسهولة لانتقالها من شخص إلى آخر عن طريق مشاركة الشخص المصاب في استخدام أدواته مثل القبعة، المشط أو النوم على وسادة أو أريكة استخدمها الشخص المصاب مؤخرا. وتقول الطبيبة إنه من الضروري استعمال غسول خاص يغسل به الشعر مع إتباع التعليمات المكتوب عليه، لأن هذا النوع من الغسول يقتل هذه الحشرات وبيضها، لذا فمن المستحسن استخدام هذا النوع من الشامبوهات للقضاء على القمل والبيض. ولا تتوقف العملية عند هذا الحد وإنما يجب أن يعالج أفراد العائلة الآخرين لحمايتهم من الإصابة ومن العدوى بغسل شعورهم بالشامبوه أو الكريم وأن يكون متبوعا بمشط رقيق للشعر لإزالة الحشرات والبيض. وعلى الرغم من أن ذلك صعب على الأطفال، إلا أنه يعتبر من أهم الخطوات التي تمنع إعادة الإصابة به.