تنظيم الطبعة ال20 للصالون الدولي للأشغال العمومية من 24 إلى 27 نوفمبر    لجنة تابعة للأمم المتحدة تعتمد 3 قرارات لصالح فلسطين    الذكرى 70 لاندلاع الثورة: تقديم العرض الأولي لمسرحية "تهاقرت .. ملحمة الرمال" بالجزائر العاصمة    ميلة.. تصدير ثاني شحنة من أسماك المياه العذبة نحو دولة السينغال    بنك الجزائر يحدد الشروط الخاصة بتأسيس البنوك الرقمية    الرئاسة الفلسطينية تؤكد ضرورة قيام المجتمع الدولي بالعمل الفوري على وقف العدوان الصهيوني المتواصل عل الفلسطينيين    مولي: الاجتماع المخصص للصادرات برئاسة رئيس الجمهورية كان مهما ومثمرا    أوبرا الجزائر تحتضن العرض الشرفي الأول للعمل الفني التاريخي ملحمة الرمال " تاهقارت"    منظمة العفو الدولية: المدعو نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة الجنائية    الاتحاد العام للجاليات الفلسطينية في أوروبا يثمن قرار الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين صهيونيين    الرابطة الأولى موبيليس: شباب قسنطينة يفوز على اتحاد الجزائر (1-0) ويعتلي الصدارة    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    أكثر من 10 آلاف مشروع مصرّح به    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    دعم حقوق الأطفال لضمان مستقبل أفضل    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    شايبي يتلقى رسالة دعم من المدير الرياضي لفرانكفورت    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



20 أوت تاريخ في الذاكرة
قطع الاتصالات و المواصلات لتمويه العدو.. و هجوم في وضح النهار
نشر في الاتحاد يوم 20 - 08 - 2013


أسود 20 أوت تدحض عبارة "الفلاقة"
بعضهم يحمل شارة حمراء وهم قادة الفرق، والبعض الأخر يرتدي عمامة صفراء وهم مكلفون بجمع المتطوعين هي جموع الثوار، نعم الثوار الصفة التي اعتلت على تسمياتهم بعد الهجوم الذي شنوه على الشمال القسنطيني في 1955 بدلا من تسمية "الفلاقة" أو "قطاع الطرق" كما أطلقه الاستعمار الفرنسي الغاشم، و تدعم ذلك بمؤتمر عقد في السنة الموالية للهجوم البطولي بالشلف منطقة وادي صومام أين قاد ستة من أسود الجزائر المهمة التنظيمية لهذا المؤتمر وهم عبان رمضان، العربي بن مهيدي، أعمر أوعمران، زيغود يوسف، كريم بلقاسم و الأخضر بن طويل... و تحي اليوم الجزائر الذكرى المزدوجة لهذين الحدثين الهامين هجوم شمال قسنطينة ذات ال20 أوت من العام 1955 بقيادة الشهيد زيغود يوسف وكذا انعقاد مؤتمر الصومام الذي يصادف نفس اليوم من سنة 1956 المؤتمر الذي أطّر الثورة التحريرية المجيدة وبفضله تمكن جيش التحرير وجبهته من مواصلة الكفاح، هجوم ساعد على تدويل القضية الجزائرية وتعريف الرأي العام بها فالجمعية العامة بفضل موقف بلدان العالم الثالث سجلت المسألة الجزائرية في جدول أعمال دورة سنة 1955، و مؤتمر ساهم في تنظيم و تأطير الثورة الجزائرية بتقسيم المناطق العسكرية الى ست بعد ظم الجنوب الجزائري الى المناطق الكفاحية و بالتالي تحقيق الهدف الأسمى للشعب الجزائري و هو الحرية، إذا يومان من 20 أوت تفصلهما 366 يوم معادلة تارخية تخللت فيها أحداث عدة أهمها أن الشعب الجزائري قرر الاعتماد على النفس بمسك زمام الجهاد و تقديم النفيس لهذه الأرض الطيبة إلي يوم الاستقلال.
تاريخ مزدوج قلب كلمة "الفلاقة" الى " ثوار"
تاريخ مزدوج أصبحت فيه الثورة الجزائرية مصدرا من مصادر الفكر الثوري في العالم وعاملا من العوامل التي شجعت وتشجع على المقاومة والكفاح من أجل انعتاق الإنسان وتحريره في العالم. وبما أن التاريخ هو ذاكرة الشعوب والأمم، فمن حقها ومن واجبها أن تحتفل وتذكر الأجيال الصاعدة بتلك الأحداث الكبرى التي كانت من الأسباب الرئيسية في استرجاع السيادة، ولا شك أن حدثي 20 أوت 1955 و20 أوت 1956 هما من أهم الأحداث التي عاشتها الثورة التحريرية ودفعت بها إلى النجاح، كما تعتبر هذه الأحداث ترجمة لفلسفة الثورة التحريرية وإرادتها على تحرير الجزائريين من العبودية التي فرضها عليهم الاستعمار، و قلب الموازين الدولية و معايير التصنيف، و أقنع الجزائريون ببطولاتهم العالم و مسحوا فم الفرنسيين، و حطموا الصورة التي كرسها الاستعمار عن المجاهد الجزائري بكونه من قطاع الطرق و أصبحت دول العالم على دراية بأن الجزائري يدافع عن قضية و حق مشروع، فالثورة و بمعناها الأصلي تعني وضع الإنسان كل إمكانياته المعنوية والمادية في خدمة قضية عادلة تتعلق بحريته وكرامته. والإنسان التواق للحرية عادة ما يضحي بالنفس والنفيس من أجل هذه القيم الإنسانية الضرورية لوجوده كشخص، كجماعة، كشعب وكأمة.
إستراتيجية هجوم 20 أوت 1955..
كان لا بد من تفكيك الحصار الذي تعيشه الثورة في الأوراس و كذا كسر الحملات الأخرى الوحشية التي كانت تهدف إلى سحق الثورة أن تجد متنفسا جديدا كما كان عليها أن تعلن عن شموليتها. وهكذا قررت قيادة الولاية الثانية بقيادة زيغود يوسف القيام بهذا الهجوم التاريخي ورسمت له أهدافا عدة أهمها فك الحصار على الأوراس، تأكيد استمرارية وشمولية ودحض ادعاءات العدو التي تقول بمحدودية مواقع الثورة وعدد الثوار،إثبات شعبية الثورة عكس ما يدعى الاستعمار من أن الثورة دبرها بعض الخارجين عن القانون من اللصوص وقطاع الطرق، إضافة الى الهدف الأولى وهو تعميم الثورة وترسيخها في الجماهير بواسطة هجوم عام تشارك فيه الجماهير الشعبية،و على المستوى الخارجي فيهدف الهجوم إلى لفت أنظار الرأي العام الدولي للقضية الجزائرية.
التحضير للانطلاق في الخطة..
في أواخر جوان 1955 وفي نواحي سكيكدة و بقيادة زيغود يوسف عقد الاجتماع الأول، حيث وضع مخطط الهجوم ويشمل: التوقيت، أماكن الهجوم، تنظيم عمل سياسي يهدف إلى إشراك الجماهير الشعبية في الهجوم. وقد اختير يوم السبت الذي كان نهاية الأسبوع وبداية العطل لعساكر جيش الاحتلال في الصيف، كما أن يوم السبت يوم سوق، حيث يسهل على أفراد جيش التحرير التستر والدخول مع الوافدين إلى الأسواق، كما أن اختيار الثانية عشر ظهرا يسمح للمجاهدين بالمفاجأة، حيث يذهب الأوروبيون إلى تناول الغداء كما يتبادل الجنود الحراسة، كما أن منتصف النهار وقت الصلاة يكون الناس في المساجد، وقد تمّ تحديد 39 هدفا في أماكن تتوفر على أهداف عسكرية واقتصادية وتسمح بالانسحاب بعد العمليات،وبتوالي الأيام تمت عدة اجتماعات لتوضيح طرق إجراء العملية وأهدافها وخاصة التكوين السياسي للجماهير، وفي ليلة تنفيذ العمليات، قطعت خطوط الاتصالات الهاتفية والبرقية وخطوط المواصلات والتموين لخداع العدو وإيهامه بأن العملية هي عملية تخريب، وآخر اجتماع تم يوم الجمعة 19 أوت بقيادة زيغود يوسف، حيث أعطيت الأوامر الأخيرة والتحق كل واحد بالمكان المحدد له.
الهجوم الملحمي..الرجال يرددون نشيد حزب الشعب الجزائري و النسوة يزغردن
اجتمع معظم أفراد جيش التحرير متنكرين في الزي المدني في ذات صباح من 20 أوت،ألف و تسع مئة و ألف متجهين إلى الأسواق أو متمركزين في الغابات القريبة من العمليات منتظرين منتصف النهار، وفي تمام منتصف النهار بدأت العمليات في مختلف الأماكن المتفق عليها، مما أذهل قوات الاحتلال وشلّ حركاتها وشجع الجماهير على المشاركة في الهجوم وإعطائها طابعا شعبيا، و كان الثائرون يجتازون الطريق في صفوف متوالية يشمل كل صف ستة رجال وكانوا يرددون نشيد حزب الشعب الجزائري، أما النسوة فكن يملأن الفضاء بالزغاريد من فوق السطوح، وكانت الرايات تتقدم الصفوف، وفي الصف الأول كانت الفرق النظامية (إن صح التعبير) وكانوا يلبسون اللباس العسكري ويحملون الرشاشات، وكان بعضهم يحمل شارة حمراء وهم قادة الفرق، والبعض يحمل عمامة صفراء وهم مكلفون بجمع المتطوعين أما بعد صفوف الفرق النظامية صفوف المتطوعين الذين يحملون بنادق الصيد والمناجل والفؤوس يتظاهرون بها". ونستنتج من العرض السابق لهذا الهجوم أنه خضع لقواعد حرب العصابات بدقة، فنجده جسد المبادئ التي تقوم عليها حرب العصابات مثل شمولية الثورة بين الجماهير، الاعتماد على النفس، حيث استعمل الثوار ما لديهم من بنادق الصيد، والسلاح الأبيض ووضعوا خطة دقيقة ومفصلة حول الهجوم.
قمع.. تدمير..و تخبط همجي..
لم يمرر المغتصب المستعمر الفرنسي الهجمات البطولية التي قام بها أبناء الجزائر مرور الكرام بل واجهه و كما هو معروف عليه بالقتل و النهب و الترهيب و التعذيب شمل الصغير قبل الكبير الميت قبل الحي اليابس قبل المتحرك عمليات وحشية استهدفت كل المواطنين بدون تمييز وإن كان الاختيار يذهب غالبا إلى الرجال والشباب، واختلفت الجهات في تقدير عدد القتلى،و نشرت جبهة التحرير الوطني يومها، أسماء وعناوين اثني عشر ألف قتيل وقتيلة، فعاش الجزائريون في تلك الأيام تشرد في الجبال وما يسمع غير صوت الأسلحة الأتوماتيكية تقذف النار على الجمهور… و من ثم جمع الأسرى كما سطرت المدافع الرشاشة أمام المواطنين ليطلق الرصاص و ينتهى كل شيء ليصل أعداد القتلى إلى درجة أن دفنهم استوجب استعمال الجرافة.
في ذكرى عام الهجوم من خمسة وستين و ألف و تسع مائة
في السنة الأولى بعد الهجوم القسنطيني تركز اهتمام القيادة الثورية على تنظيم الجماهير وتعبئتها حول أهداف الثورة وإعدادها لتحمل المسؤولية لمواصلة الكفاح المسلح حتى النصر و التي تدخل في إطار التحضير النفسي للجماهير الشعبية من جهة وبث الرعب وعدم الاستقرار في صفوف الأعداء من جهة ثانية، وقد تجاوب الشعب تجاوبا كبيرا مع الثورة، خاصة بعد الهجوم الشامل الذي شهدته المنطقة الثانية في 20 أوت 1955، هذا الهجوم الذي أعطى الثورة نفسا جديدا، بحيث عزز التحام الشعب بالثورة، وأسقط الحصار الإعلامي الذي كان مضروبا على الجزائر، وبدأ الجنود الفرنسيون يرفضون الالتحاق بالجزائر (سبتمبر 1955) ودخلت القضية الجزائرية مؤتمر باندونغ ومنه إلى الأمم المتحدة،
أشغال المؤتمر وأهدافه..
أمام هذه التطورات والانتصارات كان لابد لقادة الثورة من الاجتماع لتقييم المرحلة السابقة والاستعداد للمرحلة اللاحقة... وهكذا بدأت الاتصالات بين قادة الثورة أو بين قادة المناطق، وكانت صعبة للغاية نظرا للمراقبة الشديدة من طرف الاستعمار، كما أن اختيار الزمان والمكان كان صعبا نظرا لانتشار قوات العدو في مختلف مناطق البلاد، وفي النهاية اتفق القادة على الاجتماع في 20 أوت 1956 وقد وقع الاختيار على منطقة إيفري بوادي الصومام مكانا للمؤتمر نظرا لموقعها الجغرافي والاستراتيجي الممتاز،و حضر المؤتمر بالإضافة إلى قادة المناطق قادة ثوريون كانوا بالداخل الذي دام من 20 أوت إلى 5 سبتمبر 1956، كما أجمع القادة على ضرورة تقييم ودراسة الحالة السياسية والعسكرية للثورة منذ أول نوفمبر 1954، ووضع تنظيم جديد يتماشى مع تطور الثورة، ورسم إستراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار المعطيات الداخلية والخارجية، وتهدف للوصول بالثورة للانتصار.
القرارات السياسية و العسكرية..
و تمثلت في ضبط سياسة جبهة التحرير الوطني في الداخل والخارج، والعمل على تدويل القضية الجزائرية، وتحديد الهدف، باستقلال الجزائر، وإقامة جمهورية ديمقراطية اجتماعية، ووحدة التراب الجزائري والعمل على توعية وتجنيد الشعب حول أهداف الثورة وتدعيم الالتحام بين المجاهدين والجماهير الشعبية ومواجهة وإحباط كل المناورات السياسية للعدو في الداخل والخارج. وفيما ما يخص القيادة فقد تقرر نبذ السلطة والأخذ بمبدأ القيادة الجماعية في تسيير شؤون الثورة وتشكيل المجلس الوطني للثورة ولجنة التنسيق والتنفيذ كهيئات قيادية، و أيضا ادراج الاعتماد على النفس ضمن مستجدات المؤتمر وذلك إيمانا منه بأن الحرية لا تعطى وإنما تؤخذ و حددت السياسة الخارجية لجبهة التحرير الوطني وعلاقاتها مع مختلف الدول في العالم، أما العسكرية منها فتمثلت في توحيد الجيش من حيث الرتب والتشكيلات، فتشكيل جيش التحرير الوطني أصبح يتكون من الفيلق "350 مجاهدا" والفرقة "35 مجاهدا" والفوج "11 مجاهدا". أما من حيث الرتب فقد تبنى المؤتمر رتب جديدة وكان في كل قيادة من قيادات الولاية عضو مكلف بالشؤون السياسية وفي كل وحدة عسكرية يوجد محافظ سياسي يقوم بالتوعية والإعلام وكذا تنظيم الشعب وإرشاده ومحاربة الدعاية وتنظيم العلاقات مع الشعب والاتصالات بالمجالس الشعبية وتنسيق الأعمال معها، خصوصا فيما يتعلق بقضية التموين والمالية. وبمثل هذا التخطيط و التنظيم و تعدد هجامات وحدات جيش التحرير تمكّنا من تكوين الفصائل والكتائب في أواخر هذه السنة وأتاح فرصة خوض المعارك بتشكيلات منظمة كبّدت العدو خسائر كبيرة، لم يكن يعلن عنها عادة وإنما كان ردّ فعله يتمثل في قتل المدنيين، وتكمن أهميته في وضع مؤسسات ضمنت استمرارية الثورة في إعادة تنظيم البلاد وصارت المنطقة ولاية، والولاية أصبحت تتكون من عدة مناطق، إذ يستطيع التقسيم الجديد أن يستوعب حركة الثورة وكذا تحقيق السيطرة على التطور والنشاط الكبيرين اللذين شهدتهما الثورة في مختلف الميادين واستيعاب تلك الأعداد الكثيرة من المواطنين الذين التحقوا بجيش التحرير، كما جعل المؤتمر من الولاية القاعدة الأساسية للنظام الثوري في الجزائر، فكانت الثورة الجزائرية حركة شعبية اعتمدت على الكفاح المسلح كوسيلة لتحرير البلاد تقودها قوة طلائعية منظمة عسكريا، منبثقة عن الجماهير الشعبية، مكونة سياسيا ومجندة ومعبأة لتحقيق أهداف الثورة، فجيش التحرير كان مكونا من متطوعين مناضلين مستعدين للتضحية من أجل الثورة، فهم جنود مسلحين ماديا ومعنويا يعتمدون على الجماهير التي يستمدون منها قوتهم ويستلهمون منها عبقريتهم، أما قيادة هذا الجيش فكانت تتميز بقدرتها على المبادرة، مما سمح لها بإيجاد الطرق المناسبة للمعركة والتأقلم مع كل الظروف والاستفادة منها لتحقيق الحرية، و تحطيم أسطورة الجيش الفرنسي، وتعزيز الروح القتالية لدى المجاهدين وإثبات قدرة الثوار على التخطيط والتنسيق. لنختم ذكرانا بكلمات قائد الهجوم التاريخي زيغود يوسف الذي قال عن الأحداث : "اليوم أصبحت القضية قضية موت أو حياة ففي أول نوفمبر كانت مسؤولياتنا تنحصر في تحرير الوطن وتنفيذ الأوامر، لكن اليوم وجب علينا أن نختار إحدى الطريقتين: إما أن نشن غارات عامة يحدث من جرائها الانفجار الشامل وبالتالي نحث كل الجهات على مضاعفة عملياتها وإيداع صوت كفاحنا بكل صراحة على المستويين الداخلي والخارجي وإما أن يكون هذا بمثابة برهان بأننا عاجزين على أن نقود هذا الشعب إلى الاستقلال وبهذا نكون قد قاتلنا إلى آخر مرة وتكون في النهاية عملية انتحارية".
أ.ز
مؤتمر الصومام نقطة هامة للثورة الجزائرية
عرفت الجزائر في مواجهة الاستبداد الاستعماري عدة ثورات امتدت من الشرق إلى الغرب جابت الشمال ولم تستثن الجنوب ثورات تعاقبت في اكثر من قرن من الزمن لتختتم بثورة نوفمبر المجيدة ثورة قال فيها الشعب الجزائري للمستعمر إن وقت الطغيان قد مضى وأن وقت الحساب قد أزف؟ فقد دفع الشعب فاتورة مليون ونصف مليون شهيد خلال سبع سنوات من التقتيل والتعذيب والتشريد تلك كانت فاتورة الحرية وثمن استرداد التراب الوطني الطاهر وبعد مرور حوالي سنتين على اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 بات من الضروري تحديد استراتيجية سياسية، عسكرية عامة لجبهة التحرير الوطني تهدف إلى وضع منهج تحدد فيه بوضوح مسارها، و لهذا السبب استدعي قادة الثورة لعقد مؤتمر بوادي الصومام يوم 20 أوت 1956،الذي تمكنوا من خلاله تحديد الأهداف السياسية للثورة وتنظيمها تنظيما شاملا في كل المجالات السياسية منها والعسكرية والاجتماعية.
ظروف انعقاد المؤتمر
يعتبر مؤتمر الصومام من أبرز الأحداث التاريخية للثورة الجزائرية، وقد جاء كنتيجة حتمية للظروف التي أحاطت بالثورة والمتمثلة في التطورات و الانتصارات السياسية والعسكرية التي حققها من تاريخ اندلاعها في أول نوفمبر1954 إلى غاية انعقاد المؤتمر. إضافة إلى هذا هناك جملة أخرى من العوامل ساعدت على عقد المؤتمر و تمثلت في صعوبة الاتصال بين مختلف قيادات جيش التحرير الوطني حيث أن مناطق الكفاح قبل انعقاد مؤتمر الصومام كانت لها قيادات خاصة، أي لا يربط بينها إلا الاتجاه الثوري. ولم يكن على رأسها قيادة موحدة وهذا ما أدى إلى جعل المناطق شبه معزولة عن بعضها البعض. كما كان ضعف التنسيق في الداخل مع الخارج بشكل تهديدا خطيرا، وكذلك نقص الإمكانيات المادية مثل نقص المال لشراء السلاح وضعف الإستراتيجية التي أدت إلى ضعف التكوين السياسي للفرق المسلحة، وضع إستراتيجية تنظيمية موحدة وشاملة ودائمة للعمل الثوري على الصعيدين الداخلي والخارجي. و الخروج بتنظيم جديد ومحكم في الميدان السياسي والعسكري والإداري وكذا الاجتماعي, والعمل على إيصال صوت الثورة الجزائرية إلى الرأي العالمي. وعلى هذا الأساس سعى قادة الثورة إلى تحضير اجتماع وطني لدراسة أوضاع الثورة. إن الظروف السالفة الذكر جعلت القيادة العليا تتخذ القرار بعقد مؤتمر وطني فيه قادة جبهة التحرير وجيش التحرير لوضع قاعدة أساسية تقوم عليها استراتيجية العمل الثوري، وعلى إثر ذلك شرع في إعداد المؤتمر، فجرت عدة اتصالات بين مسؤولي المناطق وقادتها،حيث قام "زيغود يوسف" قائد المنطقة الثانية " الشمال القسنطيني" ببعث رسائل إلى قادة المناطق يقترح فيها عقد مؤتمر وطني وذلك بهدف دراسة التجربة الثورية وتوحيد العمل السياسي والعسكري، ووضع استراتيجية جديدة للثورة، فتلقى زيغود جوابا بالموافقة لكل من "كريم بلقاسم" قائد المنطقة الثالثة و"أعمر أو عمران" قائد المنطقة الرابعة ونائبه "عبان رمضان"، فأعطى زيغود تعليماته بالإعداد لاحتضان المؤتمر، وتمت الموافقة على المكان المسمى " بوزعرور" في شبه جزيرة القل، كمقر لاحتضان المؤتمر لحصانته وانطلقت الأشغال بتوفير الأمن وإعداد التموين.إذ أن وصول نبأ استشهاد "بن بولعيد" اثر على العملية إذ أصبحت الظروف غير مواتية لعقد المؤتمر، وبعد ذلك تم اقتراح الأوراس وجبال سوق أهراس، ثم الأخضرية الواقعة بالمنطقة الرابعة، وحدد يوم 21 جويلية 1956لعقد المؤتمر، لكن تسرب الأخبار عن مكان عقد المؤتمر لسلطات الفرنسية أدى بالقيادة الثورية إلى إلغائه.وبعد مداولات عديدة تم الاتفاق على عقد المؤتمر في منطقة وادي الصومام، حيث مركز الولاية الثالثة وبالضبط في قرية افري أوزلاقن. و أما عن سبب اختيار تاريخ 20 أوت لعقد المؤتمر فيعود إلى كونه يوافق ثلاث ذكريات هامة:أولا انتفاضة 20 أوت 1955 التي عمت منطقة الشمال القسنطيني.وكذا نفي محمد الخامس ملك المغرب يوم 20 أوت 1952 إلى جزيرة مدغشقر بصفته ممثل الفكر التقدمي الحر في مراكش، وكذا قرب ذكرى انعقاد دورة هيئة الأمم المتحدة في أكتوبر 1955 التي دخلتها القضية الجزائرية رغما عن فرنسا. وبعد أن أتمت قيادة المنطقة الثالثة كافة الترتيبات الأمنية والاستعدادات المطلوبة لعقد المؤتمر، انطلقت أشغاله يوم 20 أوت واستمرت إلى غاية 5 سبتمبر 1956 في بيت المدعو "مخلوف" كما شارك في هذا المؤتمر كل من : محمد العربي بن مهيدي، ممثل المنطقة الخامسة وهو رئيس الجلسة.وكذا رمضان عبان، ممثل جبهة التحرير الوطني وهو كاتب الجلسة.و عمر أوعمران، ممثل المنطقة الرابعة.زيادة على يوسف زيغود، ممثل المنطقة الثانية، و عبد الله بن طوبال، نائب زيغود يوسف.كما تغيب عن حضور المؤتمر ممثل المنطقة الأولى "الأوراس" بسبب استشهاد القائد" مصطفى بن بولعيد" في 25 مارس 1956،.حيث يعتبر انعقاد المؤتمر من أهم منجزات الثورة الجزائرية حيث أن عقد بوادي الصومام بالذات و يعتبر تحديا من طرف قادة جيش التحرير الوطني. لقد كان مؤتمر الصومام كبيرا في سمعته، كانت مقرراته تشبه ميثاقا وطنيا. أعطى أول مرة محتوى الثورة الجزائرية. و فقد أعطى نتائج أكثر مما كان متوقعا منه. وأقر أن الثورة من الشعب وإلى الشعب.وقد حرص المؤتمر أيضا إقامة علاقة سياسية مع تونس والمغرب وتنسيق المجهودات الدبلوماسية من أجل الضغط على الحكومة الفرنسية في الميدان الدبلوماسي حيث أشاروا في وثيقة الصومام إلى اندماج القضية الجزائرية مع القضيتين المغربية والتونسية، كما اعتبر المؤتمر أن استقلال المغرب وتونس بدون استقلال الجزائر لا قيمة له، وبالتالي يجب تحقيق الاستقلال في إطار موحد.
العربي بن مهيدي من بين أهم المشاركين
ولد العربي بن مهيدي في عام 1923 بدوار الكواهي بناحية عين مليلة التي كانت تابعة إقليميا لمحافظة قسنطينة وهو الابن الثاني في ترتيب الأسرة التي تتكون من ثلاث بنات وولدين، دخل المدرسة الابتدائية الفرنسية بمسقط رأسه وبعد سنة دراسية واحدة انتقل إلى باتنة لمواصلة التعليم الابتدائي ولما تحصل على الشهادة الابتدائية عاد لأسرته التي انتقلت هي الأخرى إلى مدينة بسكرة وفيها تابع محمد العربي دراسته وقبل في قسم الإعداد للالتحاق بمدرسة قسنطينة.و في عام 1939 انضم لصفوف الكشافة الإسلامية ببسكرة.أما في عام 1942 انضم لصفوف حزب الشعب بمكان إقامته، حيث كان كثير الاهتمام بالشؤون السياسية والوطنية، في 08 ماي 1945 و كان من بين المعتقلين ثم أفرج عنه بعد ثلاثة أسابيع قضاها في الاستنطاق والتعذيب بمركز الشرطة. و عام 1947 كان من بين الشباب الأوائل الذين التحقوا بصفوف المنظمة الخاصة حيث ما لبث أن أصبح من أبرز عناصر هذا التنظيم وفي عام 1949 أصبح مسؤول الجناح العسكري. عيّن في سنة 1953- 1954 مسؤول الدائرة الحزبية بوهران. وعند تكوين اللجنة الثورية للوحدة والعمل في مارس 1954 أصبح من بين عناصرها البارزين. عمل بالمنطقة الثانية (2) غزوات ناحية تلمسان الولاية الخامسة (5) بمساعدة بوصوف عبد الحفيظ و فرطاس محمد و بالتناسق مع الأخ بن علة محمد المدعو سي منصور عضو إدارة الولاية الخامسة مع أعضاء قسمة مدينة الغزوات، المتكونة من براق محمد مسؤول القسمة،بعوش محمد المدعو سي الطاهر مسؤول تنظيم القطاع المركزي، مستغانمي أحمد المدعو سي رشيد مسؤول تنظيم القطاع الريفي، حمدون محمد مسؤول المنظمة السرية الجناح العسكري، سونه مصطفى مسؤول تنظيم الطبقات الشعبية، طالب عبد الوهاب مسؤول الاتصال، شبان أعمر مسؤول المالية، بوحجر المدعو سي عثمان منسق مع مسؤولين الولاية الخامسة. و مسؤولين آخرين بالقطاع الريفي أمثال، بكاي عبد الله المدعو سي بن أحمد، سايح مسوم المدعو حنصالي، سايح سي صالح المدعو بوشاقور.وعين بعدها عضوا بلجنة التنسيق و التنفيذ للثورة الجزائرية (القيادة العليا للثورة)، قاد معركة الجزائر بداية سنة 1956 و نهاية 1957. اعتقل نهاية شهر فيفري 1957 و استشهد تحت التعذيب ليلة الثالث إلى الرابع من مارس 1957. عين بعدها عضوا بلجنة التنسيق و التنفيذ للثورة الجزائرية (القيادة العليا للثورة)، قاد معركة الجزائر بداية سنة 1956 و نهاية 1957. اعتقل نهاية شهر فيفري 1957 و استشهد تحت التعذيب ليلة الثالث إلى الرابع من مارس 1957.
زيغوت يوسف
ولد يوسف زيغود يوم 18 فيفري 1921 بقرية سمندو بالشمال القسنطيني، دخل المدرسة الابتدائية الفرنسية في صغره إلى جانب تردُّده على الكتاتيب القرآنية لتعلم اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي. بعد حصوله على شهادة التعليم الابتدائي باللغة الفرنسية، غادر المدرسة لأن السلطات الفرنسية لم تكن تسمح لأبناء الجزائريين من تجاوز هذا المستوى انخرط في سن الرابعة عشر في صفوف حزب الشعب الجزائري. عيّن مسؤولا على قريته عام 1938. ترشح عام 1948 ببلدية سمندو ضمن القائمة الانتخابية لحركة الانتصار وفاز رغم دسائس الاستعمار وأعوانه وانخرط في المنظمة الخاصة، كما أشرف على زرع خلاياها في منطقته، وعند اكتشاف أمر المنظمة 1950 سجن مع رفاقه بسجن عنابة، إلا أنه أستطاع الفرار منه والعودة إلى قريته ليبدأ رحلة التخفّي والسرية، سنة 1953 ازداد اقتناعه بالعمل المسلّح كخيار وحيد لذلك راح ينظّم المناضلين ويعدّهم ليوم الثورة خاصة بعد إنشاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل.
نضاله ونشاطه السياسي
مع اندلاع الثورة كان من بين قادتها الأوائل تحت إمرة الشهيد ديدوش مراد الذي خاض معه معركة وادي بوكركر في 18 جانفي 1955، وبعد استشهاد ديدوش مراد في هذه المعركة خلفه زيغود على رأس المنطقة الثانية (الشمال القسنطيني) وواصل بلاءه بتفان حتى جاء صيف 1955 أين أشرف على التنظيم والإعداد لهجومات 20 أوت 1955، التي أعتبر مهندسها الأول والأخير حتى اقترنت هذه الهجومات باسمه. وإلى جانب نشاطه العسكري عرف ببراعته السياسية إذ كان من بين المنظمين الفاعلين لمؤتمر الصومام في 20أوت 1956 وبعد نهاية المؤتمر عاد إلى الشمال القسنطيني ليواصل جهاده إلى أن كان يوم 23 سبتمبر 1956 حيث اشتبك مع قوات العدو قرب سيدي مزغيش بولاية سكيكدة أين استشهد القائد زيغود يوسف.
لخضر بن طوبال
سليمان بن طوبال ولد سنة 1923 في ميلة و توفي 21 أغسطس 2010 في الجزائر العاصمة. والمعروف أثناء الثورة الجزائرية باسم لخضر سياسي جزائري وأحد الذين شاركوا في تأسيس المخابرات الجزائرية رفقة مؤسسها الأصلي عبد الحفيظ بوصوف.انخرط في صفوف حزب الشعب أثناء الحرب العالمية الثانية. و انضم إلى المنظمة الخاصة وأشرف على تنظيم الخلايا العسكرية بالشمال القسنطيني. بعد اكتشاف أمر المنظمة الخاصة لجأ إلى جبال الأوراس بعيدا عن مطاردات الشرطة الفرنسية وهناك تعرف على قياديين في حركة انتصار الحريات الديمقراطية من أمثال مصطفى بن بولعيد، رابح بيطاط، عمار بن عودة، وغيرهم. كما كان عضوا في مجموعة 22 عند اندلاع الثورة الجزائرية، وأشرف على العمليات الأولى بنواحي جيجل والميلة، كما كان من بين المؤطرين لهجومات 20 أوت 1955 رفقة الشهيد زيغود يوسف، كما شارك ضمن وفد المنطقة الثانية في مؤتمر الصومام. و عين عضوا إضافيا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، خلف زيغود يوسف على رأس الولاية الثانية، التحق بتونس عام 1957، وفي أغسطس 1957 عين عضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ.
عبان رمضان..
ولد عبان رمضان في قرية عزوزة ببلدية الأربعاء نايث إيراثن في 10 جوان 1920.تم تجنيده خلال الحرب العالمية الثانية برتبة رقيب في فوج من المشاة بالبليدة، في انتظار الانطلاق نحو إيطاليا، انضم بعدها لحزب الشعب الجزائري وعمل بنشاط بحيث أصبح أمين عام للبلدية المختلطة في شلغوم العيد تابعا لحزب الشعب الجزائري.كما تأثر بمجازر 8 ماي 1945م والتي شارك فيها،و تم تعينه في ما بعد رئيسا للولاية سنة 1948م في منطقة سطيف ثم وهران، وفي هذه الفترة انضم إلى المنظمة الخاصة وهي الجناح المسلح لحزب الشعب الجزائري من أجل الإعداد للثورة التحررية.و في 18 يناير 1955م، عندما كان تحت الإقامة الجبرية في مسقط رأسه عزوزة، غادر المنطقة مختبئ، وتوجه نحو العاصمة حيث كلف بمهمة تنظيم شبكة المناضلين، دعي في افريل 1955م، إلى توحد الشعب الجزائري ووقع على القيام الفعلي والرسمي لجبهة التحرير الوطني كحركة وطنية ممثلة للشعب الجزائري، بمبدأ " تحرير الجزائر مهمة الجميع" ولن يتوقف النضال الثوري حتى يتم ذلك.و أصبح بسرعة أحد أبرز العقول المخططة والمنظمة للثورة الجزائرية على امتداد التراب الجزائري، من خلال التنسيق بين الولايات، كما كان له يد في الاتصالات مع جبهة التحرير خارج الجزائر، في مصر والمغرب وتونس وفي فرنسا، كرس جهده لتنظيم المعركة ضد المستعمر، كما كان له فضل تجميع القوى السياسية الجزائرية في جبهة التحرير الوطني لإعطاء ثورة أول نوفمبر حجمها الوطني الموحد لكل الصفوف، انتدب من قبل يوسف بن خدة لإنشاء جريدة المجاهد المتحدث الرسمي باسم الثورة، وساهم في صياغة النشيد الوطني الجزائري قسما من خلال اتصاله بالشاعر مفدي زكريا، دعم ظهور النقابات العمالية، والتجار، والطلبة والتي كان لها دور كبير في الثورة الجزائرية الكبرى.وبدأ عبان رمضان في العمل على وضع الأسس لتكملة وتنقيح الأهداف الواردة في بيان أول نوفمبر 1954م، وذلك بدعم من العربي بن مهيدي وتجسد ذلك في مؤتمر الصومام 20 أوت 1956م، بتأسيس جيش التحرير الوطني وضرورة التزامه بقوانين الحرب وتنظيمه لهذه المؤسسة، حيث تم تعيينه ضمن خمسة أعضاء يتولون الإدارة السياسية الوطنية، لجنة التنسيق والتنفيذ وهي المسؤولة عن تنسيق الثورة وتنفيذ توجيهات المجلس الوطني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.