ياسر و هارون و سندس و شيماء... و غيرهم من الأطفال الذين اختفوا فجأة عن أعين ذويهم ،ليعثروا عليهم جثثا هامدة بعد أن زهقت أرواحهم بأبشع الطرق أو انقطعت أخبارهم عن عائلاتهم للأبد،هو مسلسل اختطاف الأطفال الذي خلّف حالة من الخوف و الرّعب في قلوب الأولياء الذين باتت عيونهم ساهرة لحفظ سلامة أبنائهم بعد أن زحفت عدوى الاختطاف إلى ساحات البيوت و على حافة الشوارع و الطرقات، حتى وصل الأمر ببعض الأولياء إلى عزل أبنائهم عن الروضات و المساجد و حرموهم من التعاليم الدينية،لأن المسؤولية الكبرى يتحملونها هم في حالة حصول مكروه لهم. أضحت ظاهرة اختطاف و اغتصاب و قتل البراءة ثالوث يؤرق حياة الأولياء الثالوث الذي تنام و بشكل مرعب في المجتمع الجزائري، ما دفع بالأولياء لأخذ الحيطة و الحذر من بعض المنحرفين و المجرمين الذين سوّلت لهم أنفسهم الاعتداء على فلذات أكبادهم،ليتحولوا إلى حراس شخصيين لهم أثناء ذهابهم و إيابهم إلى المدارس فيما اختار البعض الآخر عزلهم من المساجد و الروضات لضمان سلامة صغارهم من أيّ سوء،في الوقت الذي يتواصل فيه مسلسل الرعب الذي وقع ضحاياه الكثير من البراءة في السنوات الأخيرة. "اللي خاف اسلم" "بلاك تروح مع كاش واحد..متهدرش مع حتى واحد..كي تخرج من القسم أستنى إيجي باباك يديك.."نصائح و أخرى تدور كلها في وضع الثقة في أي كان على مستوى الشارع حتى و إن كان من المقربين ، باتت ترددها الأمهات على أسماع أبنائهن قبل ذهابهم إلى المدرسة بعد حالات الرعب التي عاشوها جرّاء اختطاف سلسلة من الأطفال عبر مناطق الوطن،و راحت أغلبهن لعزل أبنائهن من المدارس الخصوصية و من توقيفهم من تعليم الدروس الإسلامية في المساجد التي تحوّلت في الآونة الأخيرة إلى الأماكن الأكثر عرضة للاعتداء على البراءة،و في هذا الصدد تقول "أم عبد السلام" أن تأخرها عن عملها يوميا لإيصال ابنها ذو الأربع سنوات إلى المسجد القريب من بيتها لتعلم الدروس الدينية دفعها لتركه في بيت والدتها على أن تبعثه لوحده"يا أختي وليت نخاف بزاف يبطا برك شوية ميخرجش من الجامع نقول واش بيه بلاك سرقوه..نفضّل يعيش معايا جاهل خير ملي يحرموني منوا.."،هكذا استطاع الرّعب و الخوف أن يعشّش في قلوب الأمهات بعد أن تحوّلت حياتهم إلى خطر. حياة الأبناء في المزاد العلني أصبحت حياة الأطفال في المزاد العلني في الآونة الأخيرة،بعدها أضحى همّ الشباب المنحرف الحصول على مبالغ مالية حتّى و إن كان على حساب حياة الأبرياء،يستأجرون أعضاء أطفال بعد إزهاق أرواحهم بأبشع الطرق،فيما يستعمل البعض الآخر أسلوب الابتزاز كوسيلة لجلب مبلغ يمكنه من تحسين حالته المادية،فيبحثون عن طفل ينتمي إلى عائلة ميسورة الحال ،و يحبسونه عندهم فيشترطوا مبلغا ماليا مقابل إرجاعه إلى حضنها،و في هذا الصدد تقول "أم خالد""وصل بينا الوقت ولاو ولادنا فيه سلعة نخلصوا باش نرجعهوم.."،و تروي حادثة أحد جيرانها صاحب محلّ ألبسة للنساء عندما اختطفوا له ابنه ذو الخامسة عشر ربيعا،فاضطرّ إلى بيع محلّه الذي كان مصدر رزق عائلته مقابل عودة ابنه الوحيد إلى البيت،و هكذا تحوّل الأبناء وسيلة لجلب الثروة. الإحساس بالذعر قاسم مشترك بين الأولياء تغلغلت ظاهرة اختطاف الأطفال داخل المجتمع الجزائري بعد أن كانت مجرد أخبار تناقلتها الصحف و وسائل الإعلام،"كنا نسمعوا بسريقة تع لولاد فالتلفزيون و نقراو عليهوم فالجرائد مي اليوم لحقت لولادنا أعطونا الحل كيفاش نديرو..اليوم ولد جارك غدوة وليدك حرام عليهوم.."هكذا كانت انطباعات بعض المواطنين بعد الحوادث التي شهدتها بعض مناطق الوطن من اختطافات للأطفال ضاعفت حالات اليقظة بين الأولياء،و كان الذعر و الهول القاسم بينهم. نفسانيون:الأسباب المادية وراء انتهاك براءة الأطفال يؤكد مختصون نفسانيون أن الحاجة المادية أهم أسباب التنامي المخيف لظاهرة اختطاف الأطفال في الجزائر، و زادت حدّتها بعد انتشار الهوائيات في البيوت الجزائرية و شيوع ثقافة العنف و تزايد الكبت النفسي إضافة إلى دوافع أخرى على غرار الدافع الانتقامي خاصة في حالة حدوث طلاق بين الزّوجين أو في حالة الزّواج المختلط فيقوم أحد الأطراف بخطف الأولاد و العودة بهم إلى بلده و حرمان الآخر منه، كما أشاروا إلى أن فئة الأطفال الأكثر عرضة للاعتداء الجنسي من قبل الشواذ جنسيا فيتم اختطافهم و الاعتداء عليهم و من ثم التخلص منهم عن طريق القتل حتى لا يتمكن الأولياء التعرف عليهم. تقرير أمني: 2012من أخطر سنوات جرائم اختطاف الأطفال فيما تعتبر سنة 2012 من أخطر السنوات من حيث جرائم اختطاف الأطفال،و شهدت حوالي 32 ألف حالة عنف ضد الأطفال حسب تقارير أمنية ،أما حالات الاختطاف فقد تم إحصاء 15 حالة اختطاف شهريا لأطفال تتراوح أعمارهم من سنتين إلى 10 أعوام، بينما تم تسجيل أكثر من 500 طفل مختطف بين سنتي 2010 و 2012 اغلبهم تعرضوا للاعتداء الجنسي أو القتل بهدف سرقة أعضائهم و بيعها.أغلبهم تعرضوا للاعتداء الجنسي أو القتل بهدف سرقة أعضائهم وبيعها. اجتماعيون:انحراف الشباب يُفاقم الظاهرة أرجع اجتماعيون سبب التزايد المخيف لظاهرة اختطاف الأطفال الذي يشهده المجتمع الجزائري يعود إلى الانحراف الذي بات متفشيا وسط الشباب و المنحرفين،و يعتبرون تلك الحالات التي تتحدث عنه وسائل الإعلام بحق الطفولة ما هي إلا قطرة من البحر،لأن المجتمع الجزائري ينام على كوارث أخلاقية تزيد من حدتها لا مبالاة السلطات المعنية. علماء الدين:اختطاف الأطفال جريمة يعاقب عليها في الوقت الذي تنموا فيه ظاهرة اختطاف الأطفال نجد الدين الإسلامي يحرص حرصا شديدا على ضرورة تهيئة الجو لتربية الطفل تربية سليمة و طيبة ،فالتعامل مع المجرم يقول علماء الدين يجب أن تكون قاسية تماثل ذلك الألم و تلك المأساة التي سببها لأفراد عائلة الطفل،كما اعتبروا جريمة الاختطاف من أكبر الجرائم،لأن أخف شيء يرتكبه المجرم هو إبعاد الطفل عن حضن عائلته،و أبشع شيء هو القتل أو سرقة الأعضاء أو الاعتداء الجنسي،حيث قال الرسول صلى الله عليه و سلم :"لا يحل لمسلم أن يروّع مسلما و لو على سبيل المزح"،فكيف يكون باستفحال ظاهرة الاختطاف و الاغتصاب.