يتم حاليا العمل من أجل بناء علاقة بين المتحف الصحراوي بورقلة ومختلف جامعات الوطن من خلال توفير مادة علمية أصلية للطلبة والباحثين في هذا المجال. وكشفت، أمس، مديرة هذا الصرح الثقافي أن بناء هذه العلاقة بين المتحف والجامعة مستقبلا سيتيح الفرصة أمام الطلبة خاصة اكتشاف حقائق بالأدلة والشواهد المتوفرة على حضارات تعاقبت على منطقتي "وادي مية" و "وادي ريغ" منذ عصور غابرة والاطلاع على الموروث الثقافي والشعبي, الذي ميز منطقة ورقلة وما جاورها خلال الأزمنة القديمة, كما أكدته أم الخير بن زاهي، واستقطب هذا الصرح التراثي الهام منذ تدشينه شهر مايو الفارط, بعد أن عرف عملية تهيئة وترميم كبيرتين مست جميع مرافقه بالإضافة إلى عملية جرد واسعة لمقتنياته دامت سنتين كاملتين مكنت من إعطائها قيمتها التراثية والتاريخية وتصنيفها وفق النوع والتاريخ, عديد الباحثين من جامعة "قاصدي مرباح" بورقلة اطلعوا على هذه المقتنيات لمعرفة ما مدى تماشيها مع طبيعة المواضيع المتطرق إليها في برامج الجامعة. كما نظمت كذلك زيارات لطلبة قسم الهندسة المعمارية بجامعة "محمد خيضر" (بسكرة) قصد الاطلاع على الرصيد "الهام" و"النادر" من الآثار والتحف الفنية المتنوعة, التي يضعها أمامهم لتطوير معارفهم من خلال شواهد حقيقية تمكنهم من التوسع بشكل أكثر في دراساتهم, كما ذكرته ة بن زاهي، وساعد موقع المتحف, الذي يقع بمحاذاة محطة "الترامواي" في استقطاب الزوار منذ تدشينه , حيث عرف كذاك زيارة مجموعات عديدة من الأطفال والتلاميذ في إطار زيارات منظمة لجمعيات ثقافية محلية في انتظار توافد مجموعات أخرى من التلاميذ ابتداء من الدخول المدرسي المقبل في إطار اتفاقية مبرمة بين المتحف ومديرية التربية بالولاية.لا وتم الأسبوع الفارط اعتماد التسعيرة الجديدة لهذا المتحف الصحراوي مقدرة ب80 دج بالنسبة للكبار و40 دج للصغار وذلك بعد أن كان الدخول إليه بصفة مجانية, ويعود تاريخ تأسيس المتحف الصحراوي أو ما يسمى ب"المعلم الأبيض" إلى سنة 1938 بتوجيهات من الضابط الفرنسي "غابريال كربييه", الذي أشرف آنذاك على مشروع انجاز المدينة الجديدة بورقلة وهو حاليا معلم وطني مصنف منذ سنة 2007, حيث يتم تسييره واستغلاله من طرف الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية. وتعد عمارة المتحف تحفة هندسية تجمع بين الطابع العمراني الأوروبي والسوداني المغربي بحيث يتربع على مساحة 1.700 متر مربع و ضم قاعة ما قبل التاريخ وقاعة الآثار الإسلامية وقاعة الاثنوغرافيا. وتتمثل مقتنياته المهيأة حسب كل حقبة زمنية, في أحجار وفؤوس وأسهم ورؤوس أسهم وأواني فخارية وأخرى نحاسية كل الحقب التاريخية كعصور ما قبل التاريخ والعصرين الوسيط والحديث وتمتد من منطقتي "وادي ريغ" و "وادي مية" إلى غاية منطقة الطاسيلي بالإضافة إلى أسلحة استعملت إبان ثورة التحرير وأخرى من طرف الإنسان القديم مع بداية استخدام مادة المعدن. وتضاف هذه الآثار إلى عديد المقتنيات التي تم اكتشافها خلال الحفريات التي أجريت من طرف الباحثة السويسرية "مارغريت فان برشم" على منطقة سدراتة الأثرية (7 كلم جنوبورقلة) والتي يعود تاريخ تأسيسها إلى حدود القرن العاشر ميلادي (10م) على يد الرستميين، وبحسب روايات مصادر تاريخية فلطالما شكل هذا المعلم التاريخي (المتحف) في الماضي محطة توقف للقوافل الثقافية القادمة من منطقة "الساورة" و "قورارة" و "توات الكبرى" التي كانت تحط رحالها بمنطقتي "وادي مية" (ورقلة) و"وادي ريغ" (تقرت).