كشفت تقارير التنظيمات النقابية للمقاولين، بأن حوالي 200 شركة تفلس سنويا، بسبب عدم حصولها على مستحقاتها المالية التي تقارب ألف مليار سنتيم سنويا. ترى الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، بأن ''آلاف الملايير تحصى سنويا، فيما يخص الديون العالقة على السلطات العمومية والإدارات التي لا تسدد مستحقات المقاولين''. وتقول نائبة رئيس التنظيم سعيدة نغزة في تصريح ل''الخبر''، بأن ''الإدارة تسعى لتحطيم المقاولين ومنها عرقلة مشاريع رئيس الجمهورية، فهل يعقل أن يتم تخصيص الغلاف المالي الخاص بكل القطاعات ولا يتم تسديد المستحقات في وقتها المحدد؟''. وتضيف المتحدثة ''إن أزيد من 200 شركة مقاولة تفلس سنويا، بسبب مشكل الديون العالقة دون أن نتحدث عمن يصابون بأزمات قلبية وينتحرون''. وتقدم المتحدثة مثالا عن شركتها التي لا تزال تنتظر مستحقاتها التي تقدر ب10 ملايير سنتيم، خاصة بمشروع واحد وذلك منذ 18 شهرا. وبصفة عامة، فإن التقديرات الأخيرة تشير إلى أن حوالي 1000 مليار سنتيم، هي قيمة المستحقات التي لا تسدد للمقاولين سنويا. خرق قانون الصفقات وعلى الرغم من أن قانون الصفقات العمومية يشير إلى أنه ''يجب أن تسدد المستحقات المالية للمقاولة كل 45 يوما، إلا أن ما يحدث في الميدان على العكس من ذلك تماما''. وأوضحت نائبة رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، بأن ''الإدارات تفرض عراقيل غير مبررة، وهو ما يجعل المقاول في حالة من اليأس، خصوصا وأن إنجاز أشغال ما يتطلب اقتناء مواد البناء والتي يتم تسديدها بصكوك مضمونة من البنك، ويتم تسديد أجور العمال، لكنه لا يحصل على مستحقاته مع تقديم كل وضعية مالية''. وتفرض العراقيل على المقاول، ابتداء من مكتب الدراسات والمتابعة وكذا مكتب المراقبة التقنية، ويتأخر التسديد، إلى الحد الذي يصل فيه المقاول إلى حد بيع آلاته وممتلكاته من أجل استكمال المشروع أو تسديد الديون العالقة عليه أو أن يتنازل عن المشروع كحل أخير. ويتقاطع طرح الجمعية العامة للمقاولين الجزائريين مع ما تشير إليه الكنفدارالية، بدليل أن ''التقارير والشكاوى التي تصلها يوميا، لا تحصى ولا تعد، خصوصا وأن هناك نية من أجل القضاء على هذه المؤسسات وتشجيع الشركات الأجنبية''، وهو ما أشارت إليه الجمعية في أحد الملتقيات على لسان رئيسها السيد خلوفي. وفي مقابل الإدارات العمومية، تفرض الشركات الصينية واليابانية، نفس المنطق على شركات المقاولة الجزائرية، حيث لا تسدد لهذه الأخيرة مستحقاتها المالية العالقة، مثلما تشير إليه الجمعية العامة للمقاولين، حيث سبق لأزيد من 40 متعاملا مع الشركة الصينية ''ستيك- سي. آر. سي. سي'' المكلفة بإنجاز شطر من الطريق السيار شرق-غرب، شن احتجاج بولايات غرب البلاد ما بين مقاولين وأصحاب مؤسسات أشغال عموميّة وناقلين متعاقدين، احتجاجات أمام مقرّات الشركة بوهران وسيدي بلعباس، مطالبين تدخّل الوزير عمار غول لاسترداد مستحقّاتهم المتأخّرة منذ سنة والمقدّرة بالملايير. ويحدث نفس الأمر، مع المجمع الياباني ''كوجال''، الذي يقوم بتأجير الآليات والعتاد من الشركات الجزائرية، ولا يسدد المستحقات المالية العالقة عليه. وزارة السكن تعترف وفي هذا الإطار، تقول السيدة سعيدة نغزة ''هل يعقل أن تأتي شركة أو مجمع أجنبي لإنجاز المشاريع وتعتمد على المناولة مع شركات المقاولة الجزائرية، ولا تقوم بتسديد المستحقات المالية. ويعتبر مثل هذا الأمر، تشجيعا للشركات الأجنبية، على حساب الوطنية، ونحن ''نطالب بأن تدخل الشركات التي تستثمر أموالها وليست من تسعى لتحقيق الربح وفقط''. من جهته، يقول نائب رئيس الكنفدرالية محمد الفرنجي، بأنه ''لا توجد أي مادة قانونية تعاقب الإدارة في حالة امتناعها أو تأخيرها تسديد المستحقات المالية للمقاولين''. وهذا أمر غير طبيعي، في الوقت الذي تقوم فيه الشركات بإنجاز الأشغال في الآجال المطلوبة. وجهت وزارة السكن والعمران تعليمة إلى مختلف دواوين الترقية والتسيير العقاري، بضرورة تحديد الوضعيات المالية العالقة، فيما يخص شركات المقاولة، التي لم تسدد لها مستحقاتها المالية. واعترفت الوزارة ضمنيا بوجود مشكل الديون، خصوصا على مستوى مشاريع السكن، التي تتعطل بسبب مشاكل المقاولين، والتي تتسبب الإدارات في جزء منها. وأشار وزير السكن والعمران، في آخر لقاء له مع إطارات القطاع، إلى أن تسديد المستحقات المالية، يجيب أن يتم بطريقة قانونية.