حذر أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة الأسبق، من أن تؤدي السياسات الاقتصادية المعتمدة من طرف السلطات العمومية إلى مزيد من الفقر، في ظل هشاشة آليات الرقابة. أوضح بن بيتور، في ندوة حول الفقر، نظمها فرع منظمة العفو الدولية بالجزائر أمس، أن الصيغ الاقتصادية التي تعتمدها الحكومة في مختلف القطاعات، على أساس التنمية والتطوير، لا يمكنها إلا أن توسع دائرة الفقر في الجزائر. ووصف رئيس الحكومة الأسبق السياسات المتبعة ''بسياسات تفقير المواطنين.. وإن لم يجعل من ظاهرة الفقر، مشكلة لصيقة بالجزائر وحدها، إلا أنه نبه إلى أن سوء التسيير والفساد وانعدام النقاش بشأن كيفية تسيير الثروة واللاشفافية في إدارة شؤون المواطنين، سيؤدي حتما إلى مزيد من الفقر وسط شرائح المجتمع''. ولم ينأى بن بيتور، في تحليله للوضع الاقتصادي والاجتماعي، عن انتقاد البرلمان، الذي يفترض أن يكون أداة رقابة تحفظ مصالح المواطنين، وقال إنه ''لم يشرّع ولو حتى قانونا واحدا، في المقابل أصبح أداة لتمرير الأمريات الرئاسية بدل مناقشته قوانين بما يعود بالمصلحة لشرائح المجتمع''. وانتقد منشط الندوة انعدام النقاش حول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، فهو وحده كفيل بإيجاد وضع رديء لا ينسجم مع تطلعات الناس. ولم يخض بن بيتور كثيرا في المسائل السياسية، عدا قوله إن ''عدم تغير الأغلبية المتحالفة طيلة ثلاث عهدات رئاسية أمر غير منطقي. نفس السياسات ونفس الأشخاص يجولون في الحلبة السياسية''. بينما قدم هذا المعطى واحدا من مسببات الركود في ظل غياب الأفكار النيرة المتجددة. وقال رئيس الحكومة الأسبق ''للأسف نحن نعمل على توفير عوامل التفقير''. مقدما تحليلا اقتصاديا للظاهرة في صلتها ب''الريع''. مشيرا بأن ''كل برميل من البترول يخرج دون الاستفادة من عائداته في إرساء مشاريع ذات جدوى وملموسة، يعتبر خطرا''. وأشار إلى ما مفاده أن ''الاستمرار في المراهنة على البترول رغم أنه ثروة غير قابلة للتجديد، خطر''. موضحا أنه لا توجد أرقام مدققة حول الفقر في الجزائر، وما توفر منها ''غير ذات مصداقية''. مؤكدا وجود ''وعي جديد بخطورة الظاهرة، بفضل انتشار المعلومات، عن طريق التكنولوجيات الحديثة''. وربط بن بيتور الظاهرة في شموليتها بعوامل أخرى. ووصف الجزائر بأنها بلد مصدر لثلاثية مهمة وهي ''الثروة والرأسمال البشري والرأسمال المالي''. مشيرا بالنسبة للمتغير الأول أن ''هناك 100 خبير جزائري في الخارج مقابل خبير أجنبي واحد في الجزائر''.. في إشارة إلى هروب الكفاءات من الوضع المتردي في البلاد. أما الثروة، فقال إن ''الجزائر تصدّر ما قيمته 100 دولار، مقابل استيرادها ما قيمته 250 دولار''. موضحا ''كل دولار يدخل الخزينة يرافقه خروج 30 دولارا''. وعزا المتحدث الخلل إلى سوء التسيير والفساد وعوامل أخرى تتصل بالحكم غير الراشد. ورد على سؤال تناول قطاع الفلاحة قائلا ''إنه يعيش 10 سنوات من التحطيم''.