أعاب قضاة مجلس المحاسبة على رئاسة المجلس ''عدم تثمين'' مهام الرقابة التي يقوم بها القضاة بنقلها إلى الصحافة، وحمّلوها مسؤولية عدم إدراج كل عمليات المراقبة على المال العام، في التقرير المرسل من طرف مجلس المحاسبة إلى رئاسة الجمهورية سنويا. قال زين الدين حارش رئيس النقابة الوطنية لقضاة مجلس المحاسبة، إن قطاعا واسعا ممن يعلمون بوجود هيئة اسمها مجلس المحاسبة، ''يعتقدون خطأ بأن القضاة لا يفعلون شيئا في إطار مراقبة المال العام، ومحاربة الرشوة والفساد''. مشيرا في لقاء جرى مع ''الخبر'' بالعاصمة، إلى ''وجود تعتيم'' على عمل القضاة المكلفين بالرقابة والتدقيق في مصير المال العام بالجماعات المحلية، والوزارات والبنوك وكل الهيئات العمومية التي يتجاوز عددها 13 ألف، حسب رئيس النقابة. وقال حارش إن ''عملا كبيرا يقوم به قضاة المجلس تتمخض عنه نتائج إيجابية على صعيد اكتشاف ممارسات غير قانونية في تسيير المال العام، ولكن للأسف لا يجد هذا العمل طريقه إلى الصحافة، ما يترك الانطباع بأن قضاة المجلس لا يؤدون مهامهم''. وأوضح بأن رئاسة المجلس مطالبة بنشر الأعمال الميدانية التي ينجزها القضاة على الموقع الإلكتروني. وخلافا لنشاط المفتشية العامة للمالية، التي كثيرا ما تتعاطى الصحافة مع التحقيقات التي تجريها في الهيئات العمومية، يظهر نشاط قضاة المحاسبة شبه منعدم، ويعود ذلك حسب حارش إلى تقيد القضاة بواجب التحفظ ''لذلك نحن نطالب رئاسة المجلس بأن تقوم بدورها في تثمين عملنا''. وأوضح رئيس النقابة أن الجزء الأكبر من عمليات المراقبة التي يقوم بها القضاة لا تدرج في التقرير السنوي الذي ترسله رئاسة المجلس إلى رئيس الجمهورية المسؤول الأول عن الهيئة. ولمعرفة رد فعل رئيس المجلس عبد القادر بن معروف، اتصلنا به في المكتب غير أنه كان ''غائبا ولن يدخل المكتب اليوم''، حسب الكاتبة. وعلمنا بأن بن معروف متواجد بجنوب إفريقيا في إطار مهمة. ونقل حارش استياء القضاة من ''عدم تطبيق'' أمرية بوتفليقة الصادرة في 22 أوت الماضي، التي تطالب بتفعيل عمل مجلس المحاسبة وبإعادة تحيين أجور القضاة التي لم تتغير منذ 15 سنة. واستثني قضاة المجلس من الزيادات في الأجور التي تمت في 2002 و 2003 واستفاد منها قضاة سلك القضاء وإطارات الدولة. ويصف رئيس النقابة الأجر الصافي للقاضي المبتدىء بمجلس المحاسبة ب''الفضيحة'' لأنه لا يتجاوز 26 ألف دينار. ويأخذ القاضي برتبة مستشار بالمجلس أجرا صافيا قدره 47 ألف دينار، بينما قاضي المحكمة العليا من نفس الرتبة يتقاضى أجرا يتراوح بين 190 ألف و220 ألف دينار. وعلى هذا الأساس تساءل النقابي ''كيف يمكن للقاضي أن يراقب المال العام وهو يحصّل دنانير في الشهر؟''. ويذكر حارش أن رئيس المجلس ''لم يقم بأي مسعى للاستعلام حول ما يحول دون تطبيق تعليمات رئيس الجمهورية بشأن رفع الأجور''. كما أعاب عليه ''غلق باب الحوار''. مشيرا إلى رسالة بعث بها إلى الرئيس بوتفليقة العام الماضي، وقد ''كان ردّ الرئيس إيجابيا بشأن رفع الأجور وأصدر تعليمات لترجمة هذا الرد في أوت الماضي، ولكن لحد الساعة لا نعرف ما يعطّل تعليماته، ورئاسة المجلس لا تفعل شيئا لمعرفة ما يعرقل تنفيذ هذه التعليمات''. ويواجه القضاة الخبراء في المحاسبة مشاكل كبيرة في الميدان، حسب حارش، الذي قال إن نوع المشاكل تصل أحيانا إلى التهديد بالقتل إذا شعر المستهدفون بالمراقبة بخطر الدخول إلى السجن. واشتكى من غياب ''الحد الأدنى من وسائل العمل'' مثل أجهزة الإعلام ومن ''هزال قيمة نفقات المهمة'' التي لا تتجاوز ألفي دينار يوميا، تعطى للقاضي الذي يخرج في مهمة إلى الولايات.