من المميزات التي صرنا ننفرد بها عن باقي الشعوب الأخرى، أننا أصبحنا نتفنّن في تتفيه كل شيء وفي لمحة بصر.. لقد عاد شرف تنظيم كأس العالم إلى قطر، وقبله عاد حجاجنا من مكة، كما عاد المساجين المتّهمون بقضية غرق سفينة ''بشار'' إلى أهاليهم، لكن بعض أعضاء البالي الوطني لم يعودوا إلى أرض الوطن بعدما فضلوا ''الحرفة '' بكندا. عاد شرف تنظيم مونديال كرة القدم لسنة 2022 إلى قطر، وقد تزامن ذلك مع برمجة ''اليتيمة '' حصة حول ظروف العمل الإعلامي بملاعبنا. ففي الوقت الذي تقترح فيه قطر ملاعب مكيّفة، أظهرت الحصة أن ملاعبنا أشبه ما تكون ب''زريبات''.. فكم هي كبيرة الهوة بين أهل الكهف وسكان الناطحات. كما عاد المتّهمون في قضية غرق ''بشار'' إلى أهاليهم، حيث طوت العدالة الملف، لكن ما من أحد تساءل كيف لملف شائك مثل هذا أن يطوى بتلك الطريقة ؟ لقد هلك 16 جزائريا بفعل تهاون جهة ما، أو أشخاص معيّنين، ثم أتي بمتهمين، وزج بهم في السجن مدة 06 سنوات، لتلتمس النيابة العامة المؤبد لخمسة منهم عشية النطق بالحكم، ثم يخلى سبيلهم في اليوم الموالي بحكم البراءة. هي إحدى الملفات التي تكتنفها الغرائبية، في انتظار التوقف للنظر في ملف غرق الباخرة الكبرى الذي يبقى مفتوحا والى أمد بعيد. وعاد حجاجنا إلى ذويهم، وكأن شيئا لم يحدث. وككل سنة، يعودون بعد أن يقايضوا الخطايا بأطنان من المعاناة التي عايشوها هناك على أيدي أعضاء البعثة، فكيف لعاجزين عن تسيير شؤون 35 ألف جزائري في ظرف زمني لا يتعدى الشهر، أن ننتظر منهم خيرا لمّا يتضاعف ذلك العدد إلى مئات المرات، ليصبح 35 مليونا، ولتسييره دهرا؟ وكنتيجة لكل ذلك، فإن بعض أعضاء البالي الوطني لم يعودوا. ورغم ذلك، وبلغة المتفائلين، فإن القراءة التي يمكننا إطلاقها على قضية الفارين من بعثة البالي الوطني إلى كندا يجب أن لا تكون إلا إيجابية، إذ من بين الأعضاء ال25 الذين رقصوا بمونريال، عاد أكثر من نصفهم إلى دفء حضن الأم وصدرها، ولو أنهم وجدوه قد جف من الحليب بعد أزمة الندرة التي تم ''القضاء'' عليها، والحمد لله. وبنفس لغة الداعين إلى وجوب رؤية نصف الكوب الممتلئ بدلا من نصفه الفارغ، فإن وجود سبعة بالمائة من سكان الجزائر مهاجرين بالخارج يعزز هذا التفاؤل، باعتبار أن النسبة لم تصل إلى الربع أو النصف، أي أنه مادام أغلب الجزائريين يعيشون على أرض الوطن، فإن التفاؤل مشروع أيضا. فهل ننتظر زمن ترسل فيه فرق إلى الخارج ببطاقات سفر ذهاب دون إياب؟ أم ننتظر بقاء أقلية جزائرية تعيش على أرض الوطن ليدحض تفاؤل المتفائلين؟