انفردت عنابة عن بقية الولايات بإشراف مديرية السكن والتجهيزات العمومية بها على مشاريع إنجاز السكن الريفي بحصة تقدر ب8000 وحدة، حيث لم تعهد عملية الإنجاز فيها للمستفيدين الذين كانت صدمتهم كبيرة، عندما سلمتهم الجهات المسؤولة هياكل تفتقر لأهم ضروريات الحياة. استفادت الولاية من ألف سكن في برنامج 2003، ثم 2000 وحدة سكنية في برنامج 2004، وأخيرا 5000 سكنا في البرنامج التكميلي 2009/2005، أنجز جميعها عدا حصة صغيرة لا تتجاوز 300 سكن لا تزال تراوح مكانها، بسبب استغلال الأرضية من طرف سكان الأكواخ القصديرية ببلدية البوني. وتميزت عنابة بإشراف مديرية السكن والتجهيزات العمومية على إنجاز هذا البرنامج، مثلما يحدث بالنسبة لبرنامجي السكن الاجتماعي أو التساهمي، مما تسبب لها في العديد من المشاكل مع المستفيدين، خلافا لبقية ولايات الوطن التي عهد فيها إنجاز برنامج السكن الريفي للمستفيدين، على أن يبقى دور المصالح المعنية يقتصر على متابعة سير البرنامج، وصب شطر من المبالغ المخصصة في حسابات المستفيدين كلما أنهوا جزءا من البناء. ''مستوطنات'' استنزفت الملايير وبنيت فوق أراض فلاحية خصبة وقد انتقد رئيس المجلس الشعبي الولائي هذا البرنامج، وشبه شكل البناء الذي تم به إنجاز هذا البرنامج السكني ب''المستوطنات''، كون أغلبها تضم طابقين، ناهيك عن أنها أنجزت فوق أراض فلاحية خصبة. وأضاف في تصريح ل ''الخبر''، أن البرنامج فشل منذ بدايته في تحقيق الأهداف التي وجد من أجلها، ومنها تثبيت الفلاحين في أراضيهم، حيث اتخذته السلطات المحلية للولاية، حينئذ، كبرنامج جديد لحل أزمة السكن التي لا تزال تتخبط فيها عنابة منذ سنوات عديدة. وذكر المتحدث ذاته أن التركيبة المالية التي لا تتجاوز 70 مليون سنتيم كدعم من طرف الدولة، و10 ملايين مستحقات كل مستفيد، لا ترقى للتكاليف الضرورية لبناء سكن، حيث اضطرت السلطات إلى تسليمها للمستفيدين على شكل هياكل، ونتج عن ذلك العديد من المشاكل مع المستفيدين، كون أغلبهم من ذوي الدخل المحدود. وأضاف أن هذا النمط السكني تسبب كذلك في ترييف المدينة، حيث أنجزت مشاريع هذا البرنامج في كل من مدينة البوني، سيدي عمار والمدخل الغربي لمدينة عنابة. انطلاقة بطيئة وعزوف للمستفيدين حسب عدد من المصالح التي لها علاقة مباشرة بهذا البرنامج، كما هو الحال بمديرية السكن والتجهيزات العمومية والصندوق الوطني للسكن، فإن المشكل الأساسي الذي حال دون الإسراع في عملية الإنجاز يكمن في عدم تعاون البلديات مع هذه المصالح، نتيجة إعادة قوائم المستفيدين لمرات عديدة، كذلك تأخر تسوية وضعية العقار، على اعتبار أن سكنات عديدة من الحصص المذكورة برمج إنجازها فوق أراض لا تزال توجد فوقها بناءات فوضوية وأكواخ قصديرية، إضافة إلى عزوف أعداد كبيرة من المستفيدين عن دفع مساهماتهم المقدرة بمائة ألف دينار جزائري على مرحلتين، الأمر الذي دفع بالقائمين على المصالح المختصة بالبلديات إلى تغيير القوائم عدة مرات، مما تسبب في تأخر دفع مستحقات المقاولين الذين أسندت إليهم عمليات إنجاز تلك المشاريع. حياة بدائية لمستفيدين من ذوي الدخل المحدود وما يثبت فشل هذا البرنامج السكني أن أغلب المستفيدين من ذوي الدخل المحدود، الذين يعانون من وضعيات سكنية صعبة، ومن سكان الأكواخ القصديرية، حيث منحت لهم تلك السكنات على شكل هيكل يفتقر إلى فصل الشقق عن بعضها، البلاط، الأبواب والنوافذ، وكذا توصيلات الماء، الكهرباء والغاز، وكذا التهيئة الخارجية، بدليل أن عشرات العائلات في العديد من المواقع التي أنجزت بها تلك السكنات تعاني من انعدام أبسط ضروريات الحياة منذ ما يزيد عن السنتين، وتحولت حياتهم إلى أشبه ما يكون بالبدائية، كما هو الحال بالسكنات الريفية بحي بوزعرورة ببلدية البوني، في حين رفض العديد من المستفيدين الآخرين الالتحاق بسكناتهم إلى غاية قيامهم بإتمام البناء رغم الوضعية المالية الصعبة لهؤلاء، وأغلبهم من الحي القصديري بالشعيبة ببلدية سيدي عمار، الذين استفادوا من سكنات ريفية بقرية مرزوق عمار بالبلدية نفسها، والتساؤل هنا يطرح نفسه عن عدم إسكان هؤلاء في برنامج القضاء على السكن الهش؟ أسقف تطايرت وجدران انهارت فوق رؤوس ساكنيها إذا كان الكثير من المستفيدين يعيشون، حاليا، في تلك السكنات دون ماء وكهرباء، فإن آخرين تطايرت الأسقف من فوق رؤسهم بمجرد هبوب رياح، مثلما حدث منذ أيام لمستفيدين من حصة السكن الريفي بقرية الطقطاق بعين الباردة، كما تشققت جدران منازلهم بسبب رداءة نوعية الإنجاز ووجود غش في مواد البناء، مما دفع بالمستفيدين إلى المطالبة بلجنة وزارية للتحقيق في الغش في مواد البناء ونوعية الإنجاز، وهو الأمر نفسه الذي عانى منه مستفيدون من هذا البرنامج بقرية مرزوق عمار ببلدية سيدي عمار السنة الماضية، عندما اقتلعت الرياح أسقف المنازل وبقي أصحابها في العراء لعدة أيام.