بدأت أحداث الشارع السوري تأخذ أبعادا خطيرة، بعد أن أعطت مواجهات يوم ''الجمعة العظيمة'' مؤشرات تفيد بأن قرارات الرئيس بشار الأسد لم تقدم ولم تؤخر في نزوع المجتمع السوري نحو التحرر من قبضة وصاية السلطة عليه. في هذا الشأن أجمع كل المتتبعين للوضع على أن يوم أول أمس الجمعة كان أكثر الأيام دموية منذ اندلاع هذه الأحداث، كما كانت هذه الأحداث دافعا إلى توجه بعض الناشطين السوريين إلى المجتمع الدولي، مطالبين إياد بالتدخل لحماية الشعب السوري من بطش النظام الذي يتحكم فيه منذ أكثر من أربعين عاما، وفي هذا الشأن شرع سوريون حسبما أورده موقع ''سوريا الحرة'' في جمع توقيعات لدعم عريضة ينتظر تسليمها للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تطالب بحماية الشعب السوري من المجازر التي ينفذها النظام ضده ومحاسبة المسؤولين عن جرائم القتل المرتكبة في حق المتظاهرين سلميا. وأعلن نائبان سوريان عن محافظة درعا، أمس، استقالتهما من مجلس الشعب، لعدم ''قدرتهما'' على حماية الشعب من القتل،. والنائبان المستقيلان هما ناصر الحريري وخليل الرفاعي. وناشد الأخير في حديث تلفزيوني الرئيس السوري بشار الأسد التدخل لحماية المتظاهرين من أعمال القتل وتأمين سلامتهم، موضحاً أن استقالته جاءت لعدم قدرته على حماية أبناء شعبه في محافظة درعا، الذين اختاروه نائبا عنهم في البرلمان. ميدانيا أوردت العديد من التقارير الإعلامية المنسوبة لمنظمات حقوقية وناشطين سوريين، أن المسيرات الشعبية التي شاركت يوم أمس السبت في تشييع ضحايا ما أطلق عليه السوريون ب''يوم الجمعة العظيمة'' خلفت ما لا يقل عن اثنا عشر قتيلا آخر، يضافون إلى قائمة الاثنين والثمانين الذي سقطوا يوم أول أمس الجمعة التي يمكن التأريخ لها بأنها يوم التحول في الصراع بين الشعب السوري ونظامه. وحسب شهود عيان من بلدة ازرع القريبة من مدينة درعا، فإن إحدى الوحدات الأمنية التي كانت متمركزة بنقطة تقع على الطريق الرابط بين درعا وأزرع، قامت بإطلاق النار من أسلحتها الرشاشة على المتوجهين للقرية الأخيرة قصد المشاركة في توديع ضحايا المواجهات فتسببت في قتل خمسة مواطنين، أما بقية الضحايا فقد سقطوا حسب ذات المصادر والشهادات في دوما ودرعا وريف دمشق. وبالمقابل لم ترد أخبار عن سقوط قتلى بمدن حمص وحماة، والأخرى التي شهدت مسيرات صاخبة خلال عمليات التشييع المماثلة. وبموازاة هذا نقلت وكالات الأنباء العالمية المختلفة، أن إضرابا عاما شل الحركة التجارية بمختلف المدن السورية يوم أمس السبت، وهو ما يعني أن السكان فضلوا تجنب فتح محلاتهم التجارية، إما بدافع التضامن مع عائلات الضحايا، أو خوفا من أي انزلاق قد يتولد عن الحركة الاحتجاجية التي كانت منتظرة مثلما جرت العادة في عمليات تشييع ضحايا الأحداث. للتذكير تشهد سوريا حركة احتجاجية مطالبة بإطلاق الحريات وإسقاط نظام عائلة الأسد التي تحكم البلد منذ أكثر من أربعين عاما. وكرد فعل على ما شهده الشارع السوري يوم أول أمس قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بيان رسمي إن ''هذا الاستخدام المروع للعنف ضد المظاهرات يجب ان يتوقف فورا'' وأشار إلى أن أعمال العنف هذه، تدل على أن إعلان النظام السوري رفع حال الطوارئ لم يكن ''جديا''. غير أن سوريا رفضت على لسان مندوبها الدائم لدى الأممالمتحدةبشار الجعفري ما أسمته ''التحريض الأمريكي البريطاني ضد سوريا، ووصفته بأنه مرتبط بأجندات لا علاقة لها بالإصلاح لا من قريب ولا من بعيد''. كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من جهته السلطات السورية ''لقتلها العشرات من المتظاهرين''، ودعا إلى تحقيق مستقل في تلك الأعمال يتمتع بالشفافية والنزاهة، وقال بأن ''الحوار الشامل والتطبيق الفعلي للإصلاحات وحده يمكن أن يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري ويؤمن السلام الاجتماعي والنظام''.