حدّثنا القرآن الكريم عن خلق ''آدم'' عليه السّلام، وأخبرنا أنّه أوّل مخلوق من البشر ظهر على سطح الأرض في هذا الوجود، وقد أخبر الباري عزّ وجلّ الملائكة بذلك وأخبرهم بأنّه سيكون من ذرّيته أشخاص يسفكون الدماء ويفسدون في الأرض، فتعجّبوا وسألوا عن ''الحكمة الإلهية'' في خلق هذا الإنسان، وإلى ذلك تشير الآية الكريمة: ''وإذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعَل فيها مَن يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك قال إنّي أعلم من الله ما لا تعلمون''. بعد أن نفخ الله تبارك وتعالى الروح في آدم، أمر الملائكة بالسجود له وكان السجود سجود تحية وإكرام لا سجود عبادة، لأن الله تعالى لا يأمر أحدًا بالتوجيه بالعبادة إلى سواه. وبعد أن خلق الله تعالى آدم أسكنه الجنّة فكان يمشي فيها وحيدًا فريدًا ليس معه زوج ولا أنيس، فنام نومة ثمّ استيقظ فإذا عند رأسه امرأة خلقها الله له لتسكن إليها نفسه تُسمّى ''حواء''، وسمّيت بهذا الاسم لأنها خُلقت من حي. وأباح الله عزّ وجلّ لآدم وحواء جميع أشجار الجنّة وثمارها إلاّ شجرة واحدة نهاهما عنها ابتلاء منه سبحانه وتعالى، حيث حذّر سبحانه آدم وحوار من كيد وحواء من كيد إبليس اللّعين، ولكنّهما نسيا ذلك بعد أن أقسم لهما إبليس الأيمان المغلظة بأنّه ناصح لهما، وأنّهما إذا أكلا من هذه الشجرة فسيخلدان في الجنّة وقال: ''ما نهاكما ربّكما عن هذه الشجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين'' فلمّا أكلا منها بدت لهما عوراتهما ثمّ أهبطا إلى الأرض بسبب المخالفة. والصحيح أنّه أكل من الشجرة ناسيًا الوعيد الإلهي، ويدل عليه قوله تعالى: ''ولقد عَهِدنا إلى آدم من قبلُ ونَسِيَ ولم نجِد له عزمًا''. ومن المقطوع أنّ آدم عليه السّلام من الأنبياء، وهو رأي جمهور العلماء، قال الله تعالى: ''إنّ الله اصطفى آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين}.