يجثم على سفح جبل ''العرعرة'' الشامخ، المقابل لجبل ''دباغ'' بفالمة،..ذلك البيت الذي ولد فيه الراحل بوخروبة محمد، حامل الاسم الثوري هواري بومدين، بما تبقى من أسوار حجارة مرصوفة، غطّيت بقرميد أحمر حديث، بعد عديد النداءات، لكن ذكريات الرجل التي تبقى تعانق الربع، لا تزال تشدّ العديد من الجزائريين إلى التوافد على المكان رغم رداءة الطريق وعزلة المنطقة. ككل مرة، في ذكرى وفاة بومدين، يعد المسؤولون بفالمة بترقية مسقط رأس الرئيس الراحل هواري بومدين والنهوض بالمنطقة الريفية الجبلية، التي ترقد على معلم شاهد على صنع واحد من خيرة أبناء الوطن، لكن بمجرد مرور السّابع والعشرين من ديسمبر يخيّم النسيان على هذه الوعود. بهذه العبارات استقبلنا بعض من بقي من السكان في ''دوار بني عدي ''من البطّوم إلى بني سكفال إلى بني مجالد إلى العرعرة. فالمسلك الذي فتح جهة البيت، تآكل وبدأ انجراف التربة يزحف على جانبه العلوي، كما أنّ البيت العائلي للرئيس الراحل، والذي أعيد تأهيل جدرانه بالمحافظة على نفس الحجارة وتغطيته بالقرميد، تحوّل إلى وكر لبعض المنحرفين الذين يقصدونه ليلا نهارا، حسب شهادات بعض سكان مشاتي المنطقة. قطعت شجرة ''الكاليتوس'' وبقيت لقصّتها قراءات كان لشجرة ''الكاليتوس'' التي ظلت لسنوات طويلة ماثلة قبالة البيت، قصة مثلما روى لنا من قبل بعض سكان المنطقة، فالذي يقصد المكان للزيارة يعطي قراءة لمثولها لا تفترق عن رمز الشموخ للرجل ...لكنها سرعان ما قطعت لأسباب مجهولة، ولم يعد المتوافدون على المكان يجدون حلا للغز قطعها، ومن بينهم جزائريون مغتربون وجدناهم في زيارة للمكان. تقول السيدة ''ب. جميلة'' مغتربة بفرنسا وابنة شهيد استشهد بمعركة ''مرمورة'' القريبة من المنطقة، ''لقد اعتدت على المجيئ إلى هذا المكان في كل موسم أعياد رأس السنة الميلادية، لكني فوجئت قبل سنوات قليلة باختفاء الشجرة''. وتضيف محدّثتنا بأن تلك الشجرة ''تذكّرني بقصة جلوس الراحل بومدين تحتها رفقة والدته المرحومة ''تونس بوهزيلة''، ''إنني أتصوّر الراحل وهو يتنقل بين جبل العرعرة والأشواك، قبل أن يضطرّه واجب الدراسة والكفاح إلى مغادرة المنطقة''. مشروع مجمع ثقافي مهجور... وجدران تصارع الصمت والنسيان على مرتفع محاذ لجبل العرعرة، كان التفكير سنة 2991في تشييد مجمع ثقافي باسم ''هواري بومدين'' وعلى أرضية ملك لعائلة بوخروبة. وتزامن ميلاد الفكرة، وقتذاك، مع انعقاد ثالث طبعة للملتقى الوطني للراحل بولاية مسقط الرّأس فالمة، التي حضرها الوزير سابقا حمراوي حبيب شوقي ووجوه سياسية وتاريخية من جيل وعهد الرّجل. ويقول السكان والأقارب بأنّ المبادر بتجسيد المشروع وقتذاك، كان عبد الله بوخروبة شقيق الراحل، والذي التحق بالرفيق الأعلى هو الآخر فيما بعد، حيث بادر المرحوم عبد الله بإنجاز السّور الخارجي للمجمع وعلى حسابه الخاص وبأشغال متقنة، كما وضع الحجر الأساس للمجمع والذي لا يزال إلى اليوم بعد مضي 81سنة. غير أنّ المشروع، كما يضيف محدثونا ، دخل طيّ النسيان بعد وفاة شقيق بومدين، وصار ما أنجز من أسواره عرضة للتلف بمرور السنين. حتى المدرسة القرآنية التي ينوي أهل الراحل إقامتها ببيت مسقط رأسه، لم يكتب لها بعد التجسيد، أمام تحوّل المنطقة إلى ما يشبه القفار، بسبب المسالك الوعرة المؤدية إليها، وانعدام تأهيل الطرقات الرابطة بينها وبين بلديتي مجاز عمار وحمام دباغ. كل من تحدثنا إليهم من زوار البيت الذي ولد فيه بومدين، وقضى فيه بعضا من طفولته سفح جبل ''العرعرة ''، قبل شدّ الرحال الى القاهرة، أبدوا تأسّفهم لعدم الاهتمام بالمكان وبالبيت المعلم، كما تأسّفوا لانعدام لافتة مرورية ببوابات الطرق والمسالك المؤدية إليه، توجّه الوافدين على بيت الرّئيس الراحل الذين يأتون من معظم الولايات الجزائرية، وحتى من خارج الوطن ومنهم أجانب مثلما ذكر لنا الأستاذ مبارك صالح صالح، الذي تحدثنا إليه بمشتة بني مجالد المحاذية للبيت المعلم.