عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''لكلِّ نبي دعوة مستجابة، فتعجَّل كلّ نبي دعوته، وإنِّي اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله مَن مات مِن أمّتي لا يُشرِك بالله شيئاً'' أخرجه مسلم. لا يختلف المسلمون أنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، هو الشّافع المُشفَّع يوم القيامة، وأنّ الشّفاعة ثابتة بالكتاب والسُّنَّة، واتّفق أهل السُّنَّة والجماعة على إثباتها في أصحاب الكبائر الّذين ماتوا ولم يتوبوا من ذنوبهم. وأدلة الشّفاعة الواردة في القرآن أدلة عامة غير مفصلة، تدل في مجملها على ثبوت الشّفاعة يوم القيامة. وقد جاءت الأحاديث النّبويّة مصرّحة بذلك، فمن تلك الأحاديث ما رواه جابر بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول: ''إنّ شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من أمّتي'' رواه الترمذي وأبو داود. وما رواه أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنّ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''يخرج من النّار مَن قال لا إله إلاّ الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرُج مِن النّار مَن قال لا إله إلاّ الله وفي قلبه وزن ذرة من خير، ويخرُج مِن النّار مَن قال لا إله إلاّ الله وفي قلبه وزن ذرة من خير'' رواه البخاري ومسلم. وفي قوله صلّى الله عليه وسلّم ''نائلة إن شاء الله مَن مات مِن أمّتي لا يُشرِك بالله شيئاً''، إشارة إلى وسيلة من الوسائل الّتي تُدْرَك بها الشّفاعة، وهي أن لا يُشرَك بالله شيئاً. فمَن أراد أن تناله هذه الشّفاعة، فليلق الله لا يُشرِك به شيئاً، فإنّ مَن مات يُشرك بالله شيئاً، لا تنفعُهم شفاعة الشّافعين. وقد تواترت الأحاديث النّبويّة الشّريفة حول الشّفاعة، وأنّ هذه الشّفاعة تتكرَّر أربع مرّات، في كلّ مرّة يحد الله له حدًّا فيُخرِجَهُم مِن النّار، ثمّ يجيء الرّابعة فيقول: ''يا ربِّ، ائْذَنْ لي فيمَن قال لا إله إلاّ الله. فيقول الربّ سبحانه: ليست هذه لك، ثمّ يقول: وَعِزَّتِي وجلالي، وكِبْرِيَائي وعَظَمَتِي، لأُخْرِجَنَّ منها مَن قال لا إله إلاَ الله''.