عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''الإيمان بِضْعٌ وسبعون شَعبة، فأفْضَلُها قول لا إله إلاّ الله وأدناها إماطةُ الأذَى عن الطريق، والحياء شُعبة من الإيمان'' رواه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''إنّ لكلّ دينٍ خُلُقاً، وخُلُق الإسلام الحياء'' رواه ابن ماجه، وهو حديث حسن. والحياء خُلُق يبعث على الحُسن وتَرك القبيح. وله منزلة عظيمة في ديننا، فهو من الإيمان، وهو خُلُق الإسلام، بل هو كلّ الشّرائع السّابقة، تداوله النّاس بينهم، توارثوه عن الأنبياء قرْناً بعد قرن، فمَن ذهب منهُ الحياء فقد خَسِر وهلك، وصاحبه يصنع ما شاء من منكر وفحشاء. وهو نوعان: أحدهما، ما كان خُلُقاً وجبلة غير مكتسب، وهو من أجلّ الأخلاق الّتي يمنحها الله العبد. والثاني، ما كان مكتسباً من العبد من معرفة الله ومعرفة عظمته، وقُربِه من عباده، وعلمه بهم، فهذا من أعلى خصال الإيمان، بل هو أعلى درجات الإحسان، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''استحيُوا مِن الله حق الحياء، قال: قلنا يا رسول الله، إنَّا نستحي من الله حقّ الحياء، قال: ليس ذَاك ولكن الاستحياء من الله حقّ الحياء: أنْ تحْفَظ الرأس وما وَعَى، والبَطْنَ وما حَوَى، ولْتَذْكُر الموتَ والبَلَى، ومَن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمَنْ فَعَل ذلك فقدْ اسْتَحْيَا من الله حقَّ الحياء'' رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وهو حديث حسن.