جواب: إنّ اللّغة العربية هي لغة القرآن الكريم الذي أنزله الله على رسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم، الرّسول الذي اصطفاه تعالى عربيًّا مِن قريش، وكفى بهذا شرفاً وفخراً لمَن تكلَّم باللّغة العربية، قال تعالى: {إنّا أنزلناه قرآناً عربياً لعلّكم تعقلون}، وقال سبحانه: {كتابٌ فُصِّلَت آياتُه قرآناً عربياً لقوم يعلمون}، وقال: {وإنّه لَتَنزيلُ ربِّ العالمين نَزَل به الرُّوح الأمينُ على قَلْبِكَ مِن المُنذِرين بلِسانٍ عربيٍّ مُبين}. فيجب على المسلم أن يتعلَّم اللّغة العربية ويُعلِّمها أبناءَه ليُؤدُّوا الصّلاة التي لا تصحّ إلاّ بقراءة القرآن باللِّسان العربي، وليعرفوا أمورَ دينهم التي يُحقِّقون بها الغاية التي من أجلها خُلقوا، وهي عبادة الله، قال سبحانه: {وما خلقتُ الجِنَّ والإنسَ إلاّ لِيَعبُدون}. فإذا تعلَّم المسلم اللّغة العربية فلا مانع مِن تعلُّم اللّغات الأخرى خاصة منها اللغات المستعملة في المجالين العلمي والتكنولوجي، والذي ينفع ويخدم المجتمع الإسلامي إلى حدٍّ كبير متَى صحَّ استخدامه وحسُن استغلاله. أمّا أن يتعلَّم المرء اللّغات الأجنبية ويُهمل بل قد يحتقر لغة القرآن الكريم فتجده يفتخر بالتكلُّم مع أبنائه ومع الناس بغير اللغة العربية لغير ضرورة، ويظنّ بذلك أنّه قد واكب العصر والتّحضُّر، وفي المقابل تجده أيضاً يستحي من التكلم باللِّسان العربي، فمن كانت هذه حاله فعليه أن يُبادِر إلى التوبة وتصحيح نيته وفكره، بل هو عين التخلّف، وليس هناك تخلّف أكبر من إهانة واحتقار الإنسان لنفسه ومقوّماته، فمَن هانت عليه نفسه هان على النّاس هوانه. قال ابن تيمية رحمه الله: ''وأمّا اعتياد الخطاب بغير اللّغة العربية الّتي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتّى يصير ذلك عادة للمصر والأهل، أو لأهل الدّار، أو للرّجل مع صاحبه، أو لأهل السوق، أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنّه من التّشبُّه بالأعاجم''، ثمّ قال: ''إنّما الطريق الحسن: اعتياد الخطاب بالعربية حتّى يتلقّنها الصِّغار في المكاتب وفي الدّور فيظهر شعار الإسلام وأهله، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسُّنَّة وكلام السّلف، بخلاف مَن اعتاد لغة ثمّ أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنّه يصعب. واعلم أنّ اعتياد اللّغة يؤثّر في العقل والخُلُق والدِّين تأثيراً قويًّا بيِّناً، ويؤثِّر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمّة من الصّحابة والتّابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدِّين والخلق. وأيضاً فإنّ نفس اللّغة العربية من الدِّين، ومعرفتها فرض واجب، فإنّ فهم الكتاب والسُّنَّة فرض، ولا يفهَم إلا بفهم اللّغة العربية، وما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب''. والله المستعان.