شهر رجب كغيره من الشُّهور، لا يُخصّص بعبادة دون غيره من الشّهور؛ لأنّه لم يثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تخصيصه بشيء من العبادات، لا بصلاة ولا صيام ولا بعمرة ولا بذبيحة ولا غير ذلك، وإنّما كانت هذه الأمور تفعل في الجاهليَّة فأبطلها الإسلام. لم يرد في شهر رجب بخصوصيته، باعتباره من الأشهر الحُرُم، دليلٌ يُعتمد عليه، وكلّ ما ورد فيه لم يثبت عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بل كان الصحابة رضوان الله عليهم ينهون عن ذلك ويُحذَّرون من صيام شيء من رجب خاصة. الصوم في رجب: لم يصحّ في فضل الصوم في رجب شيء عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولا عن أصحابه، وإنّما يشرع فيه من الصّيام ما يشرع في غيره من الشّهور، من صيام الإثنين والخميس والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم، وقد كان سيّدنا عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التّشبُّه بالجاهلية. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ''لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجّة.. والأحاديث الصّريحة الواردة تنقسم إلى قسمين: ضعيف وموضوع''. العمرة في رجب: لم تدل الأحاديث على أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم اعتمر في رجب، ولهذا كان من البدع المحدثة في مثل هذا الشّهر تخصيص رجب بالعمرة واعتقاد أنّ العمرة في رجب فيها فضل معيّن. صلاة الرّغائب: وهذه الصّلاة اختلقها بعض الكذّابين، وهي تقام في أوّل ليلة من رجب. قال عنها الإمام شرف الدِّين النووي: ''هي بدعة قبيحة منكرة أشدّ إنكار، مشتملة على منكرات، فيتعيّن تركها والإعراض عنها، وإنكارها على فاعلها''. الاجتماع والاحتفال بذِكرى الإسراء والمعراج في ليلة السّابع والعشرين من رجب: من أعظم معجزات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، الإسراء به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثمّ العروج به السّماوات السّبع فما فوقها، وقد انتشر في بعض البلدان الاحتفال بذِكراها في ليلة السّابع والعشرين من رجب، ولا يصحّ كون ليلة الإسراء في تلك اللّيلة. قال العلامة ابن كثير رحمه الله: ''ولم يأت في الأحاديث الصّحيحة تعيين هذه اللّيلة، فكلّ ما ورد في تعيينها غير صحيح ولا أصل له''. تخصيص رجب بذبيحة وما شابهه: فقد كان أهل الجاهلية يذبحون فيه ذبيحة يسمّونها ''العتيرة''، فنهاهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال الإمام ابن رجب: ''ويشبه الذبح في رجب اتّخاذه موسماً وعيداً''. وقد اختلف أهل العلم في حكمها: فذهب الأكثرون إلى أنّ الإسلام أبطلها، مستدلين بما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ''لا فرع ولا عتيرة''. تخصيص زيارة المقابر في رجب: وهي بدعة محدثة أيضاً، فالزيارة تكون في أيّ وقت من العام.