الأكيد أن مصر الشقيقة كانت تستحق رئيسا للجمهورية يقود مرحلتها الانتقالية الراهنة أفضل من الدكتور مرسي.. تماما مثلما كانت فرنسا أكبر من ساركوزي الذي خلف جاك شيراك رفيق ديغول وميتران. لقد بدا رئيس مصر الجديد أقل من منصبه عندما تاه في دهاليز أداء اليمين الدستورية... فأدى اليمين في الميدان أمام المتظاهرين بطريقة كاريكاتورية، حيث كشف صدره للتدليل على أنه لا يلبس صدرية واقية للرصاص، في وقت واجه مصور التلفزيون صعوبة في البحث عن رأس الرئيس وسط الحراس الذين غطوا عليه.! الرئيس نفسه بعد أن حلف أمام الشعب في ميدان التحرير، ذهب ليحلف أمام المحكمة الدستورية والعسكر.! ولا ندري ما هو اليمين الصحيح واليمين غير الصحيح.! فالأكيد أن الذي يكثر من ''الحليف'' إنما يقوم بأداء اليمين الغموس.! وها هو مرسي يؤكد أن يمينه أمام المحكمة الدستورية العليا، إنما هو يمين غموس ولذلك وجب التراجع عنه.! حكاية مشكلة اليمين التي أقلقت رئيس مصر المنتخب، ذكرتني باليمين الغموس التي أداها الشاذلي عند انتخابه بالتعيين رئيسا للجزائر.. حيث أدى يمينا ''غموسا'' لأنه وضع يده على المصحف وهو مقلوب.! أي أدى اليمين معكوسا.! بعض المصريين الذين يحوّلون الواقع المصري إلى نكتة قالوا: إن مرسي أدى اليمين أمام الإخوان في الميدان.. وأدى اليمين أمام الأقباط بالمحكمة العليا... ففي المرة الأولى حلف على المصحف أما الثانية فقد حلف على الإنجيل.! لهذا قام مرسي الرئيس المسلم بالانقلاب على مرسي الرئيس المسيحي، من خلال إلغاء القرار الذي اتخذته المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان.. فقرر الرئيس إعادة البرلمان.! وكيف يعيب بعض المصريين على مرسي إعادة البرلمان إلى الحياة والرئيس في العالم العربي من صلاحياته إحياء الموتى أيضا إلى جانب الثواب والعقاب.! الغريب في الأمر أن مصر التي بها ترسانة من فطاحلة رجال القانون الدستوري بإمكانكم أن يصنعوا دساتير للعالم كله، لم يستطيعوا تشكيل لجنة لوضع دستور لمصر بسرعة وإنهاء هذه المرحلة الانتقالية التي طالت وخربت اقتصاد وأمن مصر...! الشيء الجيد فيما تعرفه مصر هو هذا الجدل والسجال القانوني الراقي والبليغ الذي يدور حول صلاحيات العسكر وصلاحيات الرئيس وصلاحيات القضاء في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة التي تمر بها مصر، حيث يستمتع الشعب المصري بنقاش حضاري رفيع المستوى... يلغي فيه المخ المتحدث المخ الذي سبقه في الحديث، في صورة تجعل المفاضلة بينهما مسألة صعبة ويبقى النقاش متعة قانونية. [email protected]