ربطت مصادر أمنية موثوقة التسريبات التي تحدثت مؤخرا عن دعم عسكري أوروبي لدول في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل، وإنشاء مدارج مطارات عسكرية في عدة دول، بعمليات التدخل العسكري الإفريقية التي تدعمها دول غربية لمواجهة الجماعات السلفية الجهادية في شمال مالي. أقامت دول غربية مراكز للتصنت والتجسس على الجماعات السلفية الجهادية في شمال مالي، وقررت دول غربية منها فرنسا وبريطانيا، تمويل بناء مدارج مطارات عسكرية في النيجر موريتانيا وبوركينافاسو في خطوة فهم منها أنها تحضير لعمليات عسكرية في إقليم أزواد، تنفذها قوات افريقية، في إطار القوة الإفريقية التي أعلنت عنها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي قررت إرسال قوة من نحو 3300 جندي، لمساعدة جيش مالي في استعادة القسم الشمالي من البلاد. وتحتاج العمليات العسكرية الإفريقية في شمال مالي إلى تفويض دولي ودعم غربي، وهو ما تسعى دول في غرب أوروبا لانتزاعه من الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أن أعلن وزير الدفاع الفرنسي قبل أيام أن فرنسا ستدعم أي تدخل عسكري محتمل لقوات إفريقية في مالي، باتت تعتبر أنه ''لا مفر منه''، إلا أن فرنسا -حسب الوزير- لن تشارك فيه، في استنساخ لتجربة دعم القوات الإفريقية في الصومال ضد حركة الشباب المجاهدين. وقالت دراسة صدرت حديثا عن المركز الإفريقي لدراسات مكافحة الإرهاب المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب، ومقره في الولاياتالمتحدة، إن دول غربية أعضاء في الحلف الأطلسي قررت تمويل بناء مدارج طائرات في دول قريبة من إقليم أزواد، في عمل طويل الأمد يهدف إلى حصار المجموعات المسلحة السلفية التي تسيطر على إقليم أزواد. وقالت الدراسة إن دولا في غرب أوروبا ومنها فرنسا وبريطانيا وإسبانيا، تمول حاليا مشاريع إنشاء مدارج طائرات كبيرة ذات مواصفات عسكرية تضعها تحت تصرف القوات الحكومية في النيجر بوركينافاسو وموريتانيا من أجل تسهيل أي عملية عسكرية ضد فرع تنظيم القاعدة في الساحل وجماعات التوحيد والجهاد وحركة أنصار الدين التي تسيطر على أكثر من 80 بالمائة من إقليم أزواد. وأشارت الدراسة إلى أن الدول الثلاث حصلت على مساعدات عسكرية فاقت قيمتها 80 مليون أورو منذ بداية العام الجاري، من أجل دعم الجيوش النظامية في هذه الدول، وجعلها قادرة على مقارعة الجماعات الإرهابية، تضاف إليها مساعدات200 مليون أورو تقرر تقديمها على دفعات لدول مجموعة إكواس التي سترسل قوات عسكرية إلى شمال مالي . وتضمنت المساعدات العسكرية الممنوحة لهذه الدول سيارات مصفحة ومعدات متطورة للتنصت، وأجهزة رصد ورؤية ليلية وأجهزة اتصال حديثة مصنوعة في الولاياتالمتحدة. وقالت مصادر على صلة بجهود مكافحة الإرهاب في الساحل، إن الدول الغربية تعمل منذ عدة أشهر على توفير الدعم اللوجيستي والمعلومات الاستخبارية، وهو ما يعني حسب مراقبين بأن العد العكسي لإطلاق العمليات العسكرية في إقليم أزواد بدأ فعلا، عن طريق تكثيف تحليق الطائرات من دون طيار في المنطقة وتواجد دائم لقوات غربية في جنوب ليبيا. وقالت الدراسة التي أصدرها المركز الأمريكي إن لجنة خبراء عسكريين من فرنسا وبريطانيا تدرس إمكانات التدخل العسكري في إقليم أزواد، وتفكر عدة دول غربية في شن غارات جوية مركزة على مواقع يسيطر عليها متشددون إسلاميون في إقليم أزواد. ويعمل خبراء من سلاح الهندسة في الجيش الفرنسي وجيوش غربية في إعداد دراسات لتجهيز أربعة مواقع في كل من موريتانيا وبوركينافاسو والنيجر وتحويلها إلى مدارج مطارات عسكرية، وتشير مصدرنا إلى أن فرنسا ومعها عدة دول غربية اقتنعت أخيرا بأن مواجهة الجماعات المتشددة السلفية وتنظيم قاعدة المغرب في منطقة أزواد لا بد أن تتم باشتراك عدة دول لمساعدة حكومات غرب إفريقيا ودول الميدان مالي النيجر وموريتانيا. وقد أثبت سقوط إقليم أزواد بالكامل في يد قوات حركة أنصار الدين وحلفائها من القاعة والتوحيد والجهاد والملثمين بأن جيوش دول الميدان لا يمكنهما مواجهة الجماعات الإرهابية والإجرامية، حتى بعد حصول الجيوش على كميات هامة من الأسلحة والمعدات العسكرية، وأثبتت الأحداث أن افتقار هذه الدول لقوات جوية فعالة وسلاح مدفعية أدى إلى زيادة نفوذ الجماعات الإرهابية والإجرامية في المثلث الحدودي بين مالي النيجر والجزائر وموريتانيا الذي يعرف ب''تورا بورا الصحراء''. وبينما فكر المخططون العسكريون في الدول المعنية بمكافحة الإرهاب في الساحل، في خطط بعيدة المدى عبر تدريب قوات مالي والنيجر وموريتانيا، وتجهيزها بمعدات وأسلحة برية، باتت هذه الخطط التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر تمنراست قبل عامين قديمة وغير قابلة للتنفيذ بسبب تطورات ميدانية أهمها تحول الجماعات السلفية الجهادية إلى قوة عسكرية كبيرة، وسيطرتها على إقليم شاسع من الأراضي، وانضمام مئات المطلوبين من مختلف دول العالم لصفوف تنظيم القاعدة في الساحل والتوحيد والجهاد، بالإضافة إلى التنسيق الكبير بين المهربين والجماعات الإرهابية.