حذر محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، من مخاطر استمرار الجزائر في الاعتماد بشكل كلي على عائدات النفط دون أي تطور في النمو الاقتصادي والصادرات خارج المحروقات، واعترف بتحكم الوضعية ''المهيمنة'' في تكوين الأسعار في الأسواق والسلع. قال النائب لخضر بن خلاف، خلال مناقشة التقرير السنوي لمحافظ بنك الجزائر، إن ''تقنين الأسواق الموازية للعملة إشارة واضحة لمافيا تبييض الأموال، واعتراف رسمي بقنوات التهريب''. وطالب بن خلاف الحكومة بتطبيق نص القانون الصادر في 1995 المتعلق بتأسيس مكاتب الصرف. واعتبرت النائب فاطمة الزهراء بونار أن الحكومة تشجع السوق الموازية في العملة الصعبة لخدمة شبكات مافيا العملة والتهريب، دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر الكبيرة على الاقتصاد الوطني. وقال النائب أحمد كرليفة إنه يتعين على الحكومة إعادة النظر في منحة السفر التي تمنح للجزائريين عند السفر إلى الخارج والمقدرة ب150 أورو، فيما طالب النائب فيلالي غويني الحكومة بتوضيح مهام وصلاحيات وتبعية مجلس المحاسبة وإعادة تفعيله لمحاربة الفساد المالي. لكن محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، لم يتطرق في تقريره السنوي إلى مسألة مكاتب الصرف التي كان أثارها وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، قبل أسبوع، وغرق في سرد أرقام الوضع المالي للجزائر، وكشف أن احتياطات الصرف بلغت في نهاية جوان الماضي 32, 186 مليار دولار أمريكي. وقال إن هذه الاحتياطات المالية تكفي الجزائر لتغطية تكلفة استيراد السلع والخدمات لمدة ثلاث سنوات. وأوضح أن صادرات النفط في النصف الأول من 2012 بلغت 50, 37 مليار دولار أمريكي، بمتوسط سعر النفط خلال هذه الفترة 113 دولار للبرميل. وكشف لكصاسي أن واردات السلع الغذائية والخدمات ارتفعت إلى 90, 23 مليار دولار، في ظل النمو الضعيف للاقتصاد الجزائري وفشل برامج إنعاش الاقتصاد وتطوير الصناعة وبعث النشاط الفلاحي، وضعف مداخيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والتي لم تتجاوز 510 مليون دولار، وهو ما يفسر ضعف صادرات الجزائر خارج المحروقات التي استقرت في حدود 500 مليون دولار. واعتبر لكصاسي أن ''ضعف تنوع الاقتصاد الوطني يجعل الاستقرار المالي للجزائر هشا أمام الصدمات الخارجية المرتبطة بالسوق العالمية للطاقة''، مشيرا إلى أن نسبة التضخم بلغت 7, 5 بالمئة سنة .2011 واعترف لكصاسي أن ارتفاع نسبة التضخم في الجزائر هي معضلة داخلية (ليس لها عوامل خارجية) مرتبطة بالاحتكار والهيمنة والمضاربة في أسعار السلع، مشيرا إلى أنه أصبح من الضروري التحكم في الأسعار ''وإعادة النظر في التعاملات التجارية وإرساء قواعد شفافة''. وأكد نفس المصدر أن النمو الاقتصادي الإجمالي تراجع سنة 2011 إلى 4, 2 بالمئة بسبب تباطؤ قطاع البناء والأشغال العمومية، مشيرا إلى أن الدين الخارجي للجزائر تدنى إلى 993,3 مليار دولار في جوان .2012 وبرغم هذه العوامل الهشة التي تطبع الاقتصاد الجزائري، أكد محافظ بنك الجزائر أن ''النظام المصرفي الجزائري مازال قادرا على مقاومة الأزمة المالية العالمية بسبب عدم تبعيته للموارد المالية الخارجية''. وشدد على ضرورة السماح للأسر والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالوصول للقروض المصرفية بغرض الاستثمار في السكن بالنسبة للأسر. وأكد أن بنك الجزائر قام بعمليات رقابة احترازية على العمليات المصرفية في البنوك العمومية والأجنبية، وتم إجراء 38 عملية رقابة عامة، إضافة إلى 19 عملية مراقبة خاصة بمكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب بعد توجيه تقارير سرية إلى خلية الاستعلام المالي، وكذا عمليات رقابة تخص التجارة الخارجية، تم تحويل بعضها إلى القضاء.