كشفت أرقام مركز تحليل الاستراتيجيات الفرنسي، أن الأطباء الجزائريين يواصلون اعتلاء المرتبة الأولى لقائمة الأطباء الأجانب بفرنسا، حيث بلغ عددهم 22 بالمائة من مجمل 19 ألف طبيب أجنبي، ورغم أن شهادات الطب الجزائرية غير معترف بها فرنسيا، غير أن هذه الأخيرة تقوم بالدوس على قوانينها لمواجهة نقص الأطباء في العديد من المناطق التي سمتها ب'' ديزر ميديكو'' أو''صحاري صحية''، في الوقت الذي تعاني فيه ولايات عديدة بالجزائر من ندرة الأطباء، بالإضافة إلى ندرة الأدوية. تقرير مركز تحليل الاستراتيجيات، كشف أن عدد الأطباء الأجانب بفرنسا ارتفع بنسبة 20 بالمائة بين سنتي 2007 و2010 ليصل حاليا إلى 19 ألف طبيب أجنبي، يمثل الجزائريون 22 بالمائة منهم، وهو ما يقارب 5 آلاف طبيب، ثم يليهم الرومانيون بنسبة 16 بالمائة ثم البلجيكيون ب11 بالمائة. وعرف نزيف الأطباء الجزائريين نحو فرنسا، تصاعدا مستمرا في السنوات الأخيرة، فبعد أن كانت أبواب فرنسا موصدة في وجههم لسنوات عديدة بسبب عدم اعتراف الفرنسيين بشهادة الطب الجزائرية، غير أن التحول الديموغرافي، وتشكل ما يسمى في فرنسا ''صحاري صحية'' بمعنى وجود مناطق كبيرة من فرنسا بدون أطباء، دفع بالمسؤولين الفرنسيين لإعادة النظر في موقفهم، ليس من خلال الاعتراف بالشهادة الجزائرية، بل عبر طرق ملتوية من أجل استقطاب الأطباء الجزائريين. وتتمثل هذه الطرق الملتوية في دورات تكوينية تنتهي بمنح شهادة تسمى ''شهادة التكوين الطبي المعمق''، التي تدوم سنة ليعود بعدها الطبيب الجزائري إلى أرض الوطن، غير أن الدورة تنتهي بتحرير رئيس المصلحة التي تكوّن فيها الطبيب تقريرا يطلب فيه من إدارة المستشفى الإبقاء على الطبيب، ليقترح عليه منصب عمل مقابل أجر لا يتعدى 1400 أورو وهو أجر بعيد عن الذي يتقاضاه الطبيب الفرنسي. وكشف مصدر من كلية الطب بالجزائر العاصمة، أن أغلب الأطباء الجزائريين يتم توجيههم للمدن الصغيرة التي تعد ضواحيها من بين ''الصحاري الصحية''، ليتم اقتراح عليهم مناصب فيها لسد الفراغ الرهيب في الأطباء. وكشف نفس المصدر أنه منذ مباشرة هذه الدورة التكوينية سنة 2010 عرفت الجزائر هجرة 300 طبيب سنويا نحو فرنسا دون عودة، في الوقت الذي تعاني فيه ولايات داخلية برمتها في الجزائر من نقص رهيب من الأطباء الأخصائيين، الذين يغادرون أرض الوطن بعد أن صرف على تكوينهم الملايير وهذا بسكوت قاتل من قبل السلطات الجزائرية.