أكرم الله نبيّه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم بفضائل جمّة، وصفات عدّة، فأحسن خَلْقَه وأتم خُلقه، حتّى وصفه تعالى بقوله: ''وإنّك لعَلَى خُلُق عظيم'' القلم4 . ومنحه جلّ وعلا فضائل عديدة وخصائص كثيرة، تميّز بها صلّى الله عليه وسلّم عن غيره، فضلاً عن مكانة النّبوّة الّتي هي أشرف المراتب. فمن هذه الفضائل أنّه خليل الرّحمن، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ألاَ إنّي أبرأ إلى كلّ خل من خلّه، ولو كنت متّخذًا خليلاً، لاتّخذتُ أبا بكر خليلاً، إنّ صاحبكم خليل الله'' رواه مسلم. وهذه الفضيلة لم تثبت لأحد غير نبيّنا وإبراهيم الخليل عليهما الصّلاة والسّلام. ومن فضائله أنّه شهيد وبشير، فعن عقبة بن عامر أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خرج يومًا، فصلّى على أهل أُحد صلاته على الميت، ثمّ انصرف إلى المنبر، فقال: ''إنّي فرط لكم - أي سابقكم - وأنا شهيد عليكم، وإنّي والله لأنظُر إلى حوضي الآن، وإنّي أُعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض، وإنّي والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها'' متفق عليه. وأنّه صلّى الله عليه وسلّم أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قال تعالى: ''النّبيّ أوْلَى بالمؤمنين مِن أنفسهم'' الأحزاب.6 قال الإمام الشوكاني في تفسيره ''فتح القدير'': ''فإذا دعاهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره، وجَبَ عليهم أن يقدّموا ما دعاهم إليه، ويؤخّروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدّموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم''.