جنود الاحتلال عاقبوا السكان لأنهم رفضوا المشاركة في الاستفتاء لم تسلم المرأة الجزائرية إبان الثورة التحريرية، والتي ضحت بالنفس والنفيس من أجل الاستقلال، من وحشية الجيش الفرنسي الذي ارتكب في حقهن أبشع الجرائم، كما وقع في يوم 28 سبتمبر 1958 بقرية آيت زلال ببلدية مقلع، حيث أحرق جنوده 8 نساء بالبنزين ودفنهن أحياء على مستوى جسرين على مستوى طريق دوار سيدي علي بوناب ببلدية تادمايت، من بينهم نساء ذنبهن أنهن كن يسعين للعيش في الحرية والكرامة. والأمثلة كثيرة حول مثل هذه الجرائم التي كانت الولاية التاريخية الثالثة مسرحا لها. لا تزال تحتفظ ذاكرة سكان قرية أيت زلال ببلدية مقلع بصفة خاصة والقاطنين بالقرى المجاورة لها، منها أيت خليلي، بوحشية الاستعمار وجرائمه، كتلك التي نفذها في حق السكان الرافضين المشاركة في الاستفتاء حول مصير الجزائر بتاريخ 28 سبتمبر 1958، حيث تم تكبيل 11 شخصا من بينهم 8 نساء ورموا بهم داخل كوخ أشعلوا فيه النار بعد رشه بالبنزين، مانعين أي شخص الاقتراب من المكان إلا بعد مرور أسبوعين على وقوع الجريمة. ويروي بعض سكان قرية آيت زلال ممن عايشوا الفاجعة هذه، أو من الذين سردت لهم من قبل المسنين من عائلاتهم، بأن يوم 28 سبتمبر 1958 يبقى وصمة عار في جبين الاستعمار الفرنسي ويوم حزين على سكان المنطقة ككل. ففي اليوم المشؤوم، حسب الشهادات، قام الجيش الفرنسي بحشد سكان قرية آيت زلال بالمكان المسمى ''أفني'' لإرغامهم على المشاركة في الاستفتاء حول مصير الجزائر، أي هل يقبلون أن تبقى الجزائر تحت الاستعمار الفرنسي ''الجزائر فرنسية''. وبطبيعة الحال، فإن هذا الاقتراع رفضه قادة جبهة التحرير الوطني، حيث قام مجاهدو الناحية بإيصال رسالة واضحة لسكان المنطقة بضرورة مقاطعة الاقتراع، وبالتالي استجاب السكان لأمر المجاهدين. وأمام استماتة سكان قرية آيت زلال ورفضهم الاستجابة لأمر المشاركة في التصويت، كان رد فعل الجيش الفرنسي عنيفا، حيث قام جنوده بجرّ الشهيد رابح بلقاسم37 سنة إلى سجن ''لاصاص'' بسبب تعبيره أمام الملء بموقفه الرافض للمشاركة في الاستفتاء . توقيف هذا البطل دفع السكان للمطالبة بإطلاق سراحه، فساد فترة من الزمن فوضى بالمكان، لا سيما بعد إطلاق جندي لطلقات رصاص تحذيرية في الهواء لتخويفهم، الأمر الذي سمح للبعض من الحاضرين بالفرار باتجاه منازلهم أو إلى القرى المجاورة. علي مالكي..الشهيد الطفل حسب هذه الشهادات، كان رد فعل الجيش الفرنسي رفقة الحركى وحشيا، حيث اقتحموا حرمات منازل قرية آيت زلال، فأخرجوا منها 8 نساء تم جرّهن إلى سجن ''لاصاص''، كما اقتادوا لذات المكان شيخين التقوا بهما بطرقات القرية، وكذا الطفل علي مالكي المنحدر من قرية بوبرون، ذنب هذا الشهيد الصغير في العمر أن جنديا فرنسيا رآه عن بعد بالمنظار وهو يتحدث للمجاهدين بالغابة أين كان يرعى الأغنام، ورفض أن يبوح لعناصر الجيش الفرنسي بالواقعة ولا بالاتجاه الذي سلكه المجاهدون. والشهداء الذين قضوا يومها هم أمريو تسعديت 55 سنة، بلقاسم رابح 37سنة، بقانة فروجة 27 سنة، بوسنان كولة، بوسمين عيسى 60 سنة، فرطال فروجة 46 سنة، حديوش موحند 76 سنة، منوش جوهر 19 سنة، ربح الله فاطيمة 70 سنة، سعدي الجوهر 40 سنة، مالكي علي 15 سنة. وحشية المستعمر الفرنسي التي قابل بها نضال الجزائريات والجزائريين لاستعادة استقلالهم لم تشهدها فقط قرية أيت زلال، فسكان قرى دوار سيدي علي بوناب ببلدية تادمايت لا زالوا يتذكرون ما قاساه أجدادهم وأباؤهم، والقاطنون بقريتي أيت خرشة وآيت سعادة يتذكرون بمرارة جريمتي دفن أشخاص أحياء وأنجز فوق جثثهم جسرين صغيرين سنة 1958 على مستوى منطقة ''بوياذيف'' بالمدخل الشرقي لقرية أيت خرشة و''تقصديث'' بقرية أيت سعادة. الجريمة نفّذت انتقاما من المجاهدين الذين خربوا الجسرين لمنع مرور شاحنات الجيش الاستعماري للمنطقة، فقاموا بإحضار5 سجناء من ''لاصاص'' من بينهم امرأتين، وألقوا بهم من على طول الجسر الصغير مكبلين. وكان من بين ضحايا الجريمة الشهيدتين بوطريق حمامة ووردية بوزوران التي طلبت من المتواجدين في المكان التوقف عن رجمها بالحجارة، فكان رد أحد الحركى بإسكات صوتها إلى الأبد بالرصاص.