أن تتحرك النيابة وتفتح تحقيقا ضد من يتحدث عن صحة الرئيس، سواء كان هشام عبود أو غيره، فهذا يعني أننا عدنا بخطوة أخرى إلى الوراء. أتساءل كيف ستتصرف العدالة الجزائرية لإثبات تهمة المساس بأمن الدولة على من يتحدث عن صحة رئيس الجمهورية؟ وإلى متى سيبقى أمن الدولة مرتبطا بالأشخاص ولو تعلق الأمر بالقاضي الأول في البلاد؟ ثم ألا يصح أن نقلب المعادلة ونتهم من يربطون أمن الدولة بمصالحهم وحياتهم الخاصة... بالمساس بأمن الدولة؟ هذه التساؤلات تأخرنا عن طرحها كثيرا، في وقت تسابقنا على إظهار عضلاتنا وإظهار من الأقدر منا على معرفة حقيقة صحة الرئيس. والواقع أن مهمتنا في هذه الحالة هي أن نخبر الجمهور بغياب الأخبار عن صحة الرئيس، ونندد أو ننتقد غياب هذه الأخبار، بدل صناعتها وإيهام المواطنين بوجودها. فالذي يجب أن يخبرنا يوميا بالتطورات الصحية للرئيس هي رئاسة الجمهورية نفسها لأنها مؤسسة من مؤسسات الجمهورية يفترض أن يكون لها ناطق رسمي باسمها، وليست ملكية خاصة لبوتفليقة تغلق أبوابها في غيابه وتعيد فتحها بحضوره. يستبعد أن يحاكم هشام عبود، مدير يوميتي ''جريدتي'' و''مون جورنال'' بتهم ''المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية...''، كما جاء في بيان النيابة العامة الذي أوردته وكالة الأنباء الجزائرية. وما يستبعد هذه المحاكمة، هو كون الرجل غير متابع على ما كتبته صحيفتاه الموقوفتان عن الصدور، بل عن تصريحاته في قناة ''فرانس 24''. ولو تتم محاكمة هشام عبود في هذه الحالة سيحاكم كل المتدخلين في القناة وعددهم غير قابل للحصر، ولا يمكن متابعة من يصرح في ''فرانس 24'' دون محاكمة القناة نفسها، ولا يمكن منع الرأي العام الدولي من متابعة مثل هذه المحاكمة إن تمت فعلا... وعليه، أقرب الاحتمالات للواقع أن العدالة الجزائرية تحركت في قضية هشام عبود لإنذار من يهمه الأمر، بأن فترة الاستراحة قد انتهت ويجب التوقف عن الحديث عن صحة الرئيس. [email protected]