انتقد وزير التعليم العالي بشدة تبذير المال العام الذي يستهدف 900 مليار سنتيم ترصدها الدولة سنويا لتأهيل الأساتذة، من خلال التربصات طويلة المدى التي يستفيد منها بعض الأساتذة في مؤسسات جامعية بالخارج، مشددا على التجاوزات الخطيرة التي تحصل في الميدان من خلال إجراء تربصات في جامعات لا تملك حتى التأهيل المطلوب. نقلت مصادر مطلعة، حضرت أطوار أشغال الندوة الوطنية لرؤساء الجامعات، المنعقدة أول أمس بمقر الوزارة، عن رشيد حراوبية دقّه ناقوس الخطر جراء التبذير الكبير الذي يستهدف الأموال العمومية تحت غطاء التربصات في الخارج المكفولة للأساتذة في إطار مشوارهم العلمي لنيل شهادة الدكتوراه، حيث استنكر الوزير بشدة ما وصفه بالتجاوزات الخطيرة التي أثبتتها التحقيقات التي أجرتها مصالحه في هذا الشأن، باعتبار أن هناك أساتذة مسجلين في جامعات خاصة ممنوعة بقوة القانون، وأخرى لا تملك التأهيل أصلا لمناقشة الدكتوراه. وأمام هذا الوضع، وبّخ الوزير كل المسؤولين عن هذه الوضعية الحاصلة على أرض الواقع، بدءا من الأساتذة المشرفين، والمجالس العلمية، ومديري الجامعات، ما يستدعي مستقبلا التدقيق الصارم في اختيار وجهة الأساتذة في التربص نحو جامعات أكثر تأهيلا، مؤكدا في الوقت ذاته بأن هيئته لن تسكت عن هذه الانزلاقات، خاصة أن الأمر يتعلق بتبذير المال العام، تاركا الانطباع باتخاذ التدابير اللاّزمة دون الإفصاح عن نوعها. واستشهد الوزير، في كلمته، ببعض الأمثلة التي تخص أساتذة مسجلين في جامعات بتونس (140 أستاذ) والأردن، وغيرها من بعض الدول العربية التي احتج مؤخرا بعض أساتذة الدكتوراه المسجلين فيها من قرار إلغاء تربصاتهم، رغم أنهم قطعوا أشواطا كبيرة في أبحاثهم، حيث عمدت الوزارة إلى مطالبتهم بضرورة تغيير وجهة تربصهم، الأمر الذي اعتبروه شرطا تعجيزيا. كما شدد الوزير، في كلمته، على ضرورة التدقيق الصارم مستقبلا في تسيير التربصات، مؤكدا بأن "الدولة ترصد من ميزانيتها تسعة ملايير دينار سنويا لتأهيل الأساتذة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التلاعب بهذه الأموال الضخم".