اعلم رحمك اللّه أنّ التّوبة ليست هي قول العبد بلسانه: أستغفر اللّه وأتوب وإليه، من غير ندم بالقلب، ومن غير إقلاع عن الذّنب، وقد ذكر العلماء رحمهم اللّه للتّوبة شرائط لابدّ منها، ولا تتم التّوبة إلاّ بها، وهي ثلاثة: الأوّل: النّدم بالقلب على الذّنوب السّالفة. والثاني: الإقلاع عن الذّنب، ومعناه أن لا يتوب من ذنب وهو مقيم عليه وملازم له. والثالث: العزم على أن لا يعود إلى الذّنوب ما عاش، وهذه الثلاثة لابدّ منها في التّوبة من الذّنوب الّتي تكون بين العبد وبين ربّه، ويُزاد عليها شرط رابع: في الذّنوب الّتي تكون بين العبد وبين غيره من العباد. وبيان ذلك: أنّه إن ظلم أحدًا من الآدميين في نفس أو عِرض أو مال، وجب عليه أن يردّ حقّه إليه بتمكينه من القَصاص في المظالم النّفسية، وردّ المظالم المالية، وطلب الإحلال في المظالم العِرضية، وعليه بذل جهده في ذلك وإمكانه، وكذلك يجب عليه إذا تاب من ترك شيء من الفرائض اللازمة، كالصّلاة والزّكاة، أن يتدارك ما فاته من ذلك بالقضاء حسب الاستطاعة والإمكان.