في خرجة غريبة خلال خطابه في افتتاح مأدبة العشاء السنوية للمجلس التمثيلي للهيئات اليهودية بفرنسا يوم الإثنين المنصرم، قال الرئيس الفرنسي وهو يتحدث عن الوزراء الحاضرين في القاعة إن “وزير الداخلية مانويل فالس عاد سالما من الجزائر !!”. هل الجزائر في حالة حرب؟ استنادا لتصريحات الرئيس الفرنسي فالإجابة نعم. فخلال حضوره لمأدبة العشاء التقليدية لتأسيس المجلس التمثيلي للهيئات اليهودية بفرنسا يوم الاثنين المنصرم، أطلق فرنسوا هولاند تعليقا غريبا مر مرور الكرام رغم الحضور المكثف لوسائل الإعلام. ففي بداية خطابه، رحب بالوزراء الحاضرين ومن بينهم وزيرة العدل “كريستيان توبيرا” التي قال إنها لم تفارقه منذ 8 أيام، ثم بوزير الداخلية “مانويل فالس” الذي كان يجهل أنه عاد من سفره رفقة الوزير الأول “جون مارك آيرو” من الجزائر حين قال “وزير الداخلية مانويل فالس الذي سيغادرنا للسفر إلى الجزائر”، قبل أن يصحح له وزير الداخلية بصوت خافت من المنصة بأنه عاد من الجزائر. ليعلق بعدها الرئيس الفرنسي “ووزير الداخلية مانويل فالس العائد من الجزائر سالما ومعافى، وهذا أمر كبير في حد ذاته”، لتنفجر القهقهات في القاعة، وهو ما يوحي أن الوجهة الجزائرية حتى بالنسبة لوزير الداخلية، تعد وجهة خطيرة، وكأن الجزائر في حالة حرب والوضع الأمني فيها لا يختلف عن الوضع في إفريقيا الوسطى حيث تدخل الجيش الفرنسي بقواته هناك. فهل ارتكب فرانسوا هولاند عاشق التنكيت هفوة، أم أن تصريحاته تنم عن اعتقاد راسخ لدى الفرنسيين أن الوجهة الجزائرية حتى لوفد وزاري هام تحمل الكثير من المخاطر؟ أم أنه حدث شيء خلال زيارة فالس للجزائر؟ يشار إلى أن وزير الداخلية الفرنسي كان من ضمن الإنزال الوزاري الهام الذي رافق الوزير الأول الفرنسي جون مارك آيرو للجزائر، حيث تم التوقيع على اتفاقيات اقتصادية هامة أرادت فرنسا من خلالها استعادة المرتبة الأولى كأهم ممون للاقتصاد الجزائري، المرتبة التي زحزحتها عنها الصين في آخر إحصاء. الأكيد أنه عند تحميل خطاب الرئيس الفرنسي خلال مأدبة العشاء على موقع الرئاسة الفرنسية، تم الاحتفاظ بالنص الرسمي طبعا، وأيضا بعض الفقرات الخارجة عن النص، إلا ما قاله عن زيارة فالس للجزائر التي حذفت من النص كطريقة لتدارك الموقف، كما تم في سياق آخر حذف كلمة “صخب” من الفقرة التي تحدث فيها هولاند عن طريقة احتجاج رئيس المجلس التمثيلي للهيئات اليهودية عن كل ما يمس بالجالية اليهودية، وهو وصف على ما يبدو لم يرق لمنظمي مأدبة العشاء. وتأتي هذه التصريحات أياما بعد تصريحات مماثلة لرئيس الفدرالية الفرنسية لكرة القدم “نوال لوغريت” الذي صرح باستحالة إقامة مباراة ودية بين الجزائروفرنسا في الجزائر تحضيرا لكأس العالم المقبلة لأسباب أمنية، وهو ما أثار غضب رئيس الفاف الذي يكون قد اتصل حسب تسريبات إعلامية بنظيره الفرنسي لطلب توضيحات. ليبقى السؤال، هل ستكون ردة فعل من الجانب الجزائري على هذه التصريحات، أم أن عودة الدفء للعلاقات الجزائرية الفرنسية سيحول دون ذلك؟. وفي سياق آخر مرتبط دوما بزيارة الوزير الأول الفرنسي للجزائر، كشفت قناة “ كنال+” الفرنسية أن التلفزيون الجزائري تلاعب بصور بوتفليقة خلال استقباله لرئيس حكومة فرنسا جان مارك آيرو في 16 ديسمبر الجاري بالجزائر. وأضافت أن “كنال ألجيري” أظهرت بوتفليقة في حالة صحية جيدة عكس الصور المتواجدة في الشريط الأصلي وقبل عملية التركيب. جاء ذلك غداة تأكيد آيرو حسبما نقلته صحيفة “لوباريزيان” أنه وجد رئيسا أي بوتفليقة “يتحلى بشجاعة كبيرة بعد مرضه، ويتابع الملفات جيدا”. وذكر بخصوص لقائه ببوتفليقة الاثنين الماضي أن المحادثات التي دامت 45 دقيقة “جرت في ظروف حسنة جدا. إنه شخص شجاع جدا”، يقصد أن بوتفليقة تمكَن من التغلب على الجلطة الدماغية التي تركت آثارا سلبية على وظائفه الحسية. فهل قام التلفزيون الجزائري ب “فبركة” صور استقبال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لرئيس حكومة فرنسا جان مارك آيرو في 16 ديسمبر الجاري بقصر المرادية بالجزائر العاصمة؟ ومن سرب هذه الصور الخام إلى “كنال+”؟ يظهر الشريط الأصلي حسب القناة بوتفليقة في صحة سيئة وغائبا في بعض اللحظات، لا يصغي كثيرا لضيفه جان مارك آيرو. كما أنه لم يحرك يده اليمنى سوى ثلاث مرات حسب ما لاحظه مقدم البرنامج الساخر يان برتاز.