هل سيمكّن تعيين أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم، في مناصب مسؤولة برئاسة الجمهورية، من "إعادة الروح" إلى هذه المؤسسة الدستورية التي لم يعد لها أي دور يذكر منذ أفريل الماضي، تاركة المجال للوزارة الأولى، وهل لتواجد أويحيى في منصب مدير الديوان هدف لتصحيح صورة هذه المؤسسة التي بات خصوم الرئيس يصفونها بإحدى الملحقات التي يشرف عليها شقيقه الأصغر السعيد. قد يكون تعيين أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم كمسؤولين في رئاسة الجمهورية ومنحهما صفة وزير دولة ما يعني صلاحية حضور مجلس الوزراء واجتماع الحكومة، علامة فارقة حول توافق لتصحيح مسار أصاب صورة مؤسسة الرئاسة في الصميم، وظاهرا يبدو أن هذا التوافق تجاوز مسألة العهدة الرابعة وأنه يبنى على مرحلة ما بعد 17 أفريل، وينسحب هذا المسار الجديد على سؤال متعلق بمن هو الشخص رقم واحد في الرئاسة، وإن كان في ذهن الرأي العام المحلي والغربي أن السعيد بوتفليقة هو الذي ورث صلاحيات شقيقه، فهذا يعني أن تعيين أويحيى في منصب مدير للديوان هو محاولة لتصحيح لهذه الصورة. يقول المحلل ناصر جابي عن عودة بلخادم وأويحيى إنها دليل على أن “النظام أصبح لا يركز كثيرا على الشكليات القانونية، فلم يعد هناك فرق نوعي واضح بين مداومة المرشح عبد العزيز بوتفليقة ومصالح رئاسة الجمهورية”، وأضاف: “من جهة أخرى هذه التعيينات قد تعني أن الصراع داخل الأجنحة قد توقف مؤقتا، فوجود أويحيى بالرئاسة معناه أن بوتفليقة قد قبل بوجود سياسي صاحب طموح غير محسوب عليه داخل مؤسسة الرئاسة نفسها”، وقد تعني أخيرا أننا “أمام توافقات بين أجنحة السلطة يمكن أن تستمر لفترة الانتخابات على الأقل”. فعمليا تفيد أنباء أن هناك نية في الرئاسة لتكليف إما أويحيى أو بلخادم بمسألة تصريف الملفات العالقة للسفراء الأجانب والتي فاقت 60 ملفا، كلها عالقة منذ قرابة سنة كاملة بسبب عدم قدرة الرئيس على أداء المهام البروتوكولية لدواع صحية. لكن الوصف الذي أطلقه أحمد أويحيى على الفريق محمد مدين، رئيس مديرية الاستعلام والأمن لما سئل عن موقف الأخير من العهدة الرابعة، ترك تساؤلات عدة إن كان جائزا نسب رئيس الحكومة الأسبق إلى فريق العسكر الذي انتسب إليه لسنوات في تحليلات مراقبين، وبالتالي اعتبار تعيينه في الرئاسة أنه توصل لحالة “اتفاق” بين الزمر المتناحرة حول شكل إخراج الرئاسيات المقبلة، فأويحيى نعت الفريق محمد مدين ب”الضابط الجمهوري” الملتزم بخيارات الدولة ككل الضباط الآخرين، ويحتمل كلام أويحيى أمرين بأخذ العامل الزمني بعين الاعتبار، فإن قصد صيغة الماضي، فمعنى كلامه أن الفريق توفيق استكان لمشروع الرابعة، وإما بصيغة المستقبل، ومعنى ذلك أنه يطلب من الفريق عدم معارضة مشروع العهدة الرابعة التزاما بمهامه الدستورية كأي عسكري “عادي” آخر. لكن رأيا مخالفا يبرز بقوة في تحليل هذه التعيينات، فبغض النظر عن الجهة التي يمثلها كل من أويحيى وبلخادم في ميزان التوازنات الوطنية، فإن تكليفهما بمهام في رئاسة الجمهورية قد يستهدف “بعث الحياة” في هذه المؤسسة الدستورية، التي تأثرت صورتها كثيرا لدى الرأي العام الداخلي وفي الخارج أيضا، مع وجود تصور عام غذته إشاعات غير منقطعة تتعلق بمدى نفوذ السعيد بوتفليقة في المؤسسة الأولى في البلاد، مستغلا مرض شقيقه، ولعل تعيين أويحيى في منصب مدير ديوان الرئاسة، خلفا لمولاي قنديل، الذي بلغت علاقته مع السعيد مرحلة سيئة للغاية، جعلت شقيق الرئيس يمنع إطلاعه على كثير من أسرار الرئيس بوتفليقة، قد تنفض الغبار عن الملفات العالقة، أبرزها يتصل بمهام بروتوكولية من اختصاص رئيس الجمهورية دون غيره، وتفيد معطيات حصلت عليها “الخبر” أن الرئاسة قد تلجأ إلى “مناورة دستورية” لإنهاء إشكال السفراء الجدد الذين يترقبون تحديد تواريخ تسليم أوراق الاعتماد، وأيضا الذين يترقبون تحديد تاريخ للقاء الرئيس في مراسم انتهاء المهام، مع أن الدستور في هذه الحالة يحصر هذه المهام في الرئيس دون غيره.