المساواة: من الأسس الّتي قام عليها المجتمع الإسلامي الأوّل مبدأ المساواة. وهذا المبدأ من المبادئ الأساسية في الإسلام. فالنّاس جميعًا أمام اللّه سبحانه وتعالى سواء، لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلّا بالتّقوى. قال اللّه تعالى: {يا أيُّها النّاس إنّا خلقاكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائلَ لِتَعارَفوا إنَّ أكْرَمَكُم عندَ اللّه أتْقَاكُم إنّ اللّه عليمٌ خبيرٌ} الحُجرات:13. هذه المساواة الّتي جاء بها الإسلام لم تكن مساواة نظرية، وإنما طبّقها الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم تطبيقًا عمليًا، فكان عليه الصّلاة والسّلام لا يميّز بين المسلمين بعضهم عن بعض وإنّما كانوا لديه سواء في الحقوق والواجبات، وكان عليه الصّلاة والسّلام يقول: “المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمّتهم أدناهم وهم يد على مَن سواهم”. وقد أكّد الرّسول الكريم مبدأ المساواة في خطبة الوداع بقوله: “كلُّكم لآدم وآدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلّا بالتّقوى”. وقد أدّى تطبيق مبدأ المساواة هذا إلى شعور أفراد المجتمع الإسلامي الأوّل بالانتماء والولاء للمجتمع، والتّخفيف من حدّة الصّراع بين الأفراد ونزع الحقد من القلوب، ما أشاع جو الثقة والتّضامن بين أفراد المجتمع ممّا كان له أكبر الأثر في تقدم المجتمع وقيامه بالأعباء والتّكاليف الّتي فرضت عليه بعد ذلك.. وإذا انعدمت المساواة انعدم العدل بين الرّعية وكثر الجور وذهب الأمن وتلاشى الاستقرار. الأسوة الحسنة: من أهم دواعي استجابة الأفراد لمبدأ من المبادئ أو لتنفيذ عمل معين أو اتّباع قاعدة من قواعد السّلوك الاجتماعي وجود الأسوة الحسنة. فتأثير هذه الأسوة الحسنة أقوى وأبلغ من تأثير النّصح والإرشاد والتّوجيه. فالأب الّذي يكذب ثمّ ينصح ابنه بالصّدق يهدر قيمة فضيلة الصّدق في نفس الطفل، وقد لا يستجيب له الابن مهما بالغ في النّصيحة لأنّ هذا الابن قد افتقد الأسوة الحسنة، وعلى العكس من ذلك الأب الّذي يصدق في قوله وفعله يدفع ابنه بسلوكه إلى تقليده في التحلّي بهذه الفضيلة.