أمثال الهواري غدي كثيرون وللأسف يقيمون في أوروبا ويضربون الجزائر في الظهر بكراهية تدل على ضياعهم وذبذبتهم وقد أصيبوا كلهم بعُصاب المستعمر ومرض كره الذات. وإذا لم تهضم فرنسا خسارة الجزائر (والمثل بالنسبة للولايات المتحدة التي لم تهضم كذلك خسارة الفيتنام وكوبا وأفغانستان)، فهناك أقلية جزائرية نشعر بأنها يتيمة بالنسبة “لفافا”، فتستعمل هذه الفئة الموبوءة حيلة اللغة (كما قلناه في عدة مقالات) الفرنسية المفقودة وطعن اللغة العربية التي تراها لغة قديمة وميتة ولا تساير الحداثة والعصرنةǃ فالخطر والمشكل الأساسي اليوم، في فرنسا وبعد أسبوعين من الإرهاب والخوف والدهشة والفوضى، يبقى آتيا من ما سمتهم هذه الدولة بالجهاديين عندما كانت ترسلهم إلى سوريا لمساندة الإرهاب هناك ضد نظام بشار الأسد وهو في الحقيقة - نظام شبه علماني كان قادرا على احتواء كل الديانات المتواجدة هناك، كالإسلام السني والإسلام الشيعي والمسيحية والأرثوذكسية المشرقية واليازيدية والعلوية وحتى: عباد الشيطان المحسوبين كديانة من بين الديانات الأخرى. لكن الغرب وعلى رأسهم فرنسا أججوا القضية السورية وأشعلوا النيران في صدور الفرنسيين من أصل مسلم، فكان ما كان، وهرع آلاف الشباب الفرنسي إلى سوريا وقام بجرائم فظيعة، منها الإعدام بالذبح وبقطع الرأس، خاصة أن الدولة الفرنسية الحالية التي يرأسها الحزب الاشتراكي “الهولندي” (ونحن نعرف - في الجزائر- ما قام به الحزب الاشتراكي الفرنسي أثناء حرب التحرير من جرائم حرب وحرب إبادة واستئصال الهوية الجزائرية واللغة العربية من هذا الوطن النبيل بقيادة ڤي مولي والسفاك روبرت لاكوست الذي اشتهر بمقولة “ربع ساعة الأخير”).. وبعد العمليات الإرهابية الرهيبة التي مست المجتمع الفرنسي في العمق (ونحن نأسف أسفا شديدا بالنسبة لاغتيال الصحفيين والمواطنين اليهود وأعوان الشرطة، إلخ)، عرفت فرنسا (والغرب بأكمله بما فيه أمريكا) مفعول ال”BOOMERANG” فبهت الذي كفرǃ كذلك ومرة أخرى، لأنها (فهمت؟) أن التدخلات الحربية والعسكرية الفرنسية في العالم بأسره (وكأن فرنسا وضعت نفسها في دور الدركي حتى تنزعه من أمريكا التي بدأت تشعر بالتعب وبالتيه، عسكرياǃ) وخاصة في البلدان العربية والبلدان المسلمة. فمفعول ال”BOOMERANG” هذا له فعالية رهيبة ومزعجة لكن: هل فهمت فرنسا أنها هي كذلك في خطر وتحت مجهر الإسلاموية الإرهابية؟ فرنسا التي جعلت من العربية السعودية ومن قطر حليفان أساسيان والكل يعلم أنهما هما الممولان الأساسيان و”الرسميان” للإرهاب العالمي. كل الناس يعلمون ذلك حتى مناصرو نوادي كرة القدمǃ والدليل أنه وأثناء مقابلة بين نادي باريز (PSG) ونادي لانس (SCL) أشهرت لافتات تحمل شعارا واحدا: (قطر تمول الPSG والإرهابǃ). وبما أن الأمر يتعلق بعرض ذي صبغة تاريخية فهولاند أصبح بطلا فرنسيا بعد أن كان بهلوان الإيليزي، رغم أنه هو المسؤول الأول عن القيام بالعمليات الإرهابية في باريس، من طرف شباب همش و”احتقر” وترك هكذا في مهب الرياح، خاصة أن السؤال المطروح عندئذ هو كالتالي: ما الذي يتسم بالأولوية في تفهم المسلسل الفرنسي التاريخي؟ هل التحليل البنيوي؟ هل التحليل التكويني، أي التاريخ؟ والواقع أن ليس هناك مناقضة بين هذا وذلك، لأن التاريخ يعاود نفسه ولا يعاود نفسه، في نفس الوقت، ولكن يثأر دائما ودوما لنفسه، لأسباب موضوعية وذاتية في آن فيضرب عندها الجاني بالضربة القاضية. فيجعل ال”BOOMERANG” يفعل فعلته الشنعاء، لأنه عنيد وحقود! وأخيرا من قال إن فرنسا هي بلد الأبارتايد؟