تدخل القوى العالمية العظمى وطهران مرحلة الحسم في مفاوضاتها حول الملف النووي الإيراني التي تستأنف اليوم الأربعاء بالعاصمة النمساوية فيينا على أمل الوصول إلى اتفاق نهائي "يخدم مصالح الجميع". ومن المقرر أن تستهل هذه المحادثات التي ستدوم ثلاثة أيام باجتماع ثنائي بين مديرة الشؤون السياسية بالاتحاد الأوروبي هيلغا شميد ونائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ليليها اجتماع موسع للمدراء السياسيين لمجموعة ال (5+1) التي تشمل بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة زائد ألمانيا. وسيركز الخبراء خلال لقائهم على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الثاني من أبريل الجاري بسويسرا وسيعكفون على "التفاصيل الفنية الضرورية لبلورة اتفاق شامل" بحلول نهاية شهر يونيو المقبل للحد من أنشطة إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات عنها. المفاوضات حول الملف النووي الإيراني في المنعطف الأخير
بلغت المفاوضات النووية الإيرانية منعطفها الأخير بعد "الاتفاق الإطار"الذي تم التوصل إليه مطلع الشهر الجاري في لوزان و الذي ستخفض بموجبه طهران من قدرتها على تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات تدريجيا عليها. ويمهد الاتفاق الذي يصفه الخبراء ب"التاريخي" للتوصل إلى اتفاق نهائي بحلول 30 شهر يونيو المقبل برعاية مجلس الأمن. ويقيد اتفاق لوزان أنشطة إيران النووية التي ستسخر للاستعمالات المتعلقة بالأغراض السلمية فقط, حيث وافقت إيران على تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها في تخصيب اليورانيوم من 19 ألف جهاز إلى 6104 وستقوم بتشغيل 5060 منها فقط وألا تتجاوز نسبة تخصيب اليورانيوم 67ر3 بالمائة على مدى 15 عاما بموجب اتفاق نووي شامل ستوقعه في المستقبل مع الدول الست الكبرى. وقد شمل الاتفاق عددا من النقاط التي تتعلق أساسا بالتزام إيران بعدم تطوير مفاعلات نووية جديدة ونسبة تخصيب اليورانيوم المتفق عليها لمدة لا تقل عن 15 عاما. وستحظى طهران بموجب "اتفاق الإطار" بتخفيف تدريجي للعقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية المتصلة بالبرنامج النووي بعد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تطبيق إيران جميع الخطوات الرئيسة المتعلقة بالاتفاق على أن يعاد فرضها سريعا في حال إخلال طهران لتعهداتها. الا انه وفقا لنص الاتفاق فإن العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران و ذات الصلة ب"الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان والصواريخ الباليستية" ستبقى سارية المفعول بموجب الاتفاق النووي المستقبلي. أمل كبير في الوصول إلى اتفاق شامل "يخدم مصالح الجميع" وأعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن أمله في أن تفضي الجولات الأخيرة من المفاوضات النووية الإيرانية مع القوى العظمى الست إلى اتفاق شامل يضمن "تحقيق مصالح الجميع". وأكد روحاني إرادة بلاده القوية في استمرار المحادثات النووية معربا عن أمله في أن يبدى الطرف الآخر نفس الإرادة من شأنها أن تمكن من الوصول إلى اتفاقية شاملة ومفصلة خلال الشهرين القادمين ستمهد الطريق للتعاون بين إيران والمنطقة ودول آسيا وتكون في مصلحة الجميع. ويرى النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري من جهته أن بلاده وصلت في المفاوضات النووية إلي المرحلة الأخيرة وأنه باستثناء تدوين نص الاتفاق فقد تم التوصل إلى توافق على جميع القضايا الخلافية. وفي هذا الصدد أعربت مسؤولة السياسة الخارجية بالإتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني عن ثقتها بأن الاتفاق المبدئي بشأن برنامج إيران النووي سيفضي الى إتفاق نهائي خلال شهر يونيو القادم. وبدوره أبدى وزير الخارجية الأمريكي جون كيرى ثقته في إمكانية إبرام صفقة نووية مع إيران مما يجعل, كما قال, "العالم أكثر أمانا". وقد توصلت الحكومة الأمريكية ومجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ خلال الأسبوع الماضي إلى حل وسط بشأن الخلاف حول الاتفاق النووي المخطط له مع إيران وصوتت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون يمنح الكونغرس حق المشاركة بالرأي في الاتفاقية النووية مع إيران مما أثار حفيظة طهران التي أكدت أن شركاءها في المفاوضات هم القوى العالمية الست وليس مجلس الشيوخ أومجلس النواب الأمريكيين.