كانت آخرها تصريحات السفير الفرنسي في الولاياتالمتحدة والتي نقلها عنه الممثل الإسباني خافيير بارديم، بوصف المغرب “بالعاهرة التي نجامعها كل ليلة رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها، لكننا ملزمون بالدفاع عنها”. تجلت آخر مظاهر الأزمة المتفجرة بين المغرب وحليفته التقليدية فرنسا، في إرجاء زيارة الموفد الخاص للرئيس الفرنسي، نيكولا هولو “موفد الرئيس الفرنسي لحماية كوكب الأرض” إلى المغرب التي كانت مقررة اليوم وغدا “بموافقة الطرفين”، وفق ما نقلته الصحافة المغربية عن مصدر رسمي. وأوضح المصدر أنه “في الظرف الحالي فضل الطرفان إرجاء هذه الزيارة”. وأكدت جامعة الرباط الدولية، حيث كان مقررا أن يعقد هولو ندوة حول موضوع “حماية الأرض: رهان عالمي”، إلغاء المحاضرة في رسالة إلكترونية بحجة مشكلة في “جدول الأعمال”. وجاء هذا التأجيل بعد تنديد الحكومة المغربية بتصريحات السفير الفرنسي لدى الولاياتالمتحدة، فرانسوا دولاتار، التي نقلها عنه الممثل الإسباني الشهير، خافيير بارديم المدافع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وقال بارديم، الذي أعد فيلما عن معاناة الشعب الصحراوي تحت عنوان “أطفال السحاب المستعمرة الأخيرة”، في حوار لجريدة “لوموند”، الخميس الماضي، إن السفير الفرنسي قال له في العام 2011 إن المغرب يشبه “العشيقة التي نجامعها كل ليلة، رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها، لكننا ملزمون بالدفاع عنها”. هذه التصريحات أثارت حفيظة المغرب، في وقت تعرف العلاقات بين البلدين توترا مضطردا. وبالرغم من نفي الخارجية المغربية هذه التصريحات وقالت إنها عارية من الصحة، إلا أن الرباط نددت بها واعتبرتها، وفق البيان الذي أصدره وزير الاتصال المغربي، مصطفى الخلفي، “بالكلمات الجارحة والعبارات المهينة” المنسوبة للسفير الفرنسي. وقال الخلفي، في بيانه، إن الحكومة المغربية “أعربت عن استنكارها، بشدة، الكلمات الجارحة والعبارات المهينة، المنسوبة لسفير فرنسا بواشنطن”. وأضاف البيان أن الحكومة المغربية “لعلى ثقة تامة بقدرة فرنسا على معالجة ما خلفته هذه العبارات التي مست بكرامة جميع المغاربة”. وتابع أن “فرنسا لقادرة على اعتماد أنسب الوسائل، لرفع الحيف والضرر الذي سببته هذه العبارات، دون الاقتصار على مجرد تكذيب للناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، دون أي رد فعل للدبلوماسي المعني بالأمر، سواء نسبت إليه عن طريق الخطأ، أو أنه صرح بها فعلا”. وجاء هذا الحادث بعد الذي وقع مع المسؤول في المخابرات المغربية “مدير مراقبة التراب الوطني” عبد اللطيف حموشي خلال زيارته فرنسا، إثر حضور سبعة من عناصر الشرطة الفرنسية إلى مقر السفير المغربي في باريس لإبلاغ حموشي باستدعاء صادر عن قاضي تحقيق في إطار شكويين قدمتا في فرنسا ضده بتهمة التواطؤ في أعمال تعذيب، بدعم من منظمة فرنسية غير حكومية “حركة المسيحيين لإلغاء التعذيب”. وكان السفير المغربي بباريس، شوقي بن موسى، قد استقبل بوزارة الخارجية الفرنسية، صباح أمس، للحديث عن استدعاء حموشي. والشكوى تخص كلا من الفرنسي من أصول مغربية عادل لمطالسي والناشط الحقوقي الصحراوي النعمة الأسفاري، وهي الخطوة التي لم تستسغها الرباط واعتبرتها مشينة وغير دبلوماسية، واستدعت على إثرها السفير الفرنسي في المغرب، وقدمت فرنسا اعتذاراتها على ما اعتبرته الأسف لوقوع هذا “الحادث المؤسف”. لكن هذه الاعتذارات لم تعمر طويلا بعد إيداع شكوى جديدة من قبل الملاكم المغربي زكارياء مومني الذي سجن لمدة 17 شهرا ضد حموشي بتهمة تعرضه للتعذيب.